Sunday, September 30, 2012

خالد البري يكتب «فيسبوك» و«تويتر» سيقودان التغيير – ما تستعجلوش



أنا من جيل كبر على السمع، وعلى نجوم شرايط الكاسيت. الواحد منهم كان يخبط الكام جملة، ويسجل لنفسه بوُوكمان «سونى» اخترعه الكفرة، وشرايط اخترعها الكفرة، ويوزعها على سواقين الميكروباصات اللى اخترعها الكفرة، ويقعد يشتم فى الكفرة، وركاب الميكروباص تمصمص شفايفها إعجابا بقصص ليس لها فى الحقيقة أى مردود إيجابى على حياتهم اليومية. المهم إنِّك لو قاعدة فى الميكروباص كان لازم تسمعى. عاجبك عاجبك. حتى لو اللى بيتكلم عمَّال يكرَّهِك فى نفسك. لو عايزة تصرخى مش هتعرفى تصرخى. وكتر الزن أقوى من السحر. بعد شوية تلاقى نفسك مقتنعة إن دى الحقيقة. ما هو ماحدش قال لك كلام مختلف.
طيب مال ذكريات الطفولة السعيدة دى بـ«فيسبوك» و«تويتر»؟ ماله وماله إزاى يا برنسيسة؟!
فى جيل «فيسبوك» و«تويتر» مافيش الكلام ده. «فيسبوك» و«تويتر» خلوا الكتابة أهم من السمع. ولما أقول الكتابة يعنى إنتاج الكتابة ويعنى كمان تلقى الكتابة. اللى بتكتب حلو بتاخد أصحاب أو متابعين أكتر. ولايكات أكتر. واللى بيختلفوا معاك بأدب بتتعلمى منهم حاجة. دايما بتتعلمى منهم حاجة (سيبك من اللى بياخدوا لايكات من الهتّيفة، أو اللى بيقلوا أدبهم فى سبيل أى حاجة).
حتى الناس اللى لسه شغالة على السميعة المطيعين، هتلاقى اللى اترحموا منه وسط جمهورهم الأمى اللى مش بيناقش، بياخدوه مضاعف من الجمهور الكتابى بتاع «فيسبوك» و«تويتر». تلاقى الواحد منهم طلع بتصريح بيخالف تصريح قاله من خمس شهور، زى ما كان متعود يعمل زمان، بيروح أهل «فيسبوك» و«تويتر» جايبين له التصريح، والتويتة، والكليب على «يوتيوب»، ويقولوا له لو كان جمهورك سلطانية، إحنا مش أكيلة فتة. أنا عارف إن انتى عارفة أنا قصدى على مين، وهو عارف، وأصحابه عارفين. بس تعملى إيه فى أطقم البلاستيك اللى بتعيش أكتر من أطقم البورسلين؟ دى حكمته!
لكن بعيد عن السياسة، ودا الأهم هنا، «فيسبوك» و«تويتر» بيغير ذوق الناس الجمالى بطريقة غير مباشرة. إزاى؟! خليكى معايا هنا لاحسن إحنا داخلين  حتة من الحتت اللى بتشوفى فيها الناس رافعة حاجب ومنزلة حاجب وعاملين فيها «مثقفين» ويعرفوا كلام كبير.
بصى كده على نجوم «فيسبوك» و«تويتر». الناس اللى عندهم فولوورز كتير. هل هم الناس اللى بيتكلموا كلام متنمق وواخد فُمّ غسالة وبعده فُمّ تجفيف ومكوة بمية النشا؟! أبدا أبدا أبدا. وف نفس الوقت أوعى تفتكرى إن قصدى إن اللى بيتكلموا عكس كده تماما هم اللى بيبقى عندهم متابعين وأصدقاء أكتر من غيرهم.
الكلام الجذاب، الملعوب، ممكن ييجى بكل الأنواع: جد وهزل. ناعم وجاف. المهم يكون جذاب. من غير ما أنظَّر عليكى، الناس، إنتى وانا واحنا، بنتعلم ده. بنتعلم نخرج من التنميط والنموذج الواحد اللى اتفرض علينا فى التعليم التلقينى. بنتعلم نبقى متمردين، ونعبّر عن نفسنا، ونثق فيها. بنتعلم ننافس علشان يبقى لينا أسلوبنا المميز، وأفكارنا الأصيلة. وبنتعلم إن «الجمال» -خدى بالك من الجملة دى- مالوش دعوة بالتهذيب وعدمه، بالزينة وعدمها. دى قضية كبيرة فى الفن، مهما حاولتى تشرحيها نظريا مش هتقدرى وهتضطرى تقولى كلام كبير زى «مقدمات فن ما بعد الحداثة»، أو تغير «المعايير الجمالية» «aesthetics». لكننا كلنا دلوقت بنتعلمها عمليا. عُمْر حفظ الكلام وقراية عدد أكبر من الكتب والقدرة على النطق بالمصطلحات ما كان هو الفارق بين إنسانة وأخرى. أبدا يا صديقتى. الفرق هو الرؤية. ساعات بنسميها «الشخصية»، وساعات بنسميها «الأصالة»، وساعات بنسميها «الإبداع»، لكن كل دا فى الأصل منه الرؤية. قدرتك إنى تشوفى أى حاجة من أكتر من زاوية، وبالتالى فرصتك فى إنك تكتشفى فيها زاوية جديدة.
دا الفرق بين واحدة وواحدة. دا اللى بيخلى فلانة ترضى إنها تكون مجرد نعجة وسط القطيع، فى حين فلانة التانية بتبقى إضافة للجماعة/ للحزب/ للأمة اللى هى فيها. بس أهم من دا كله إضافة لنفسها. «فيسبوك» و«تويتر» عرفونا على ناس كتير لو اتولدوا فى جيلى كانوا عاشوا وماتوا ياكلوا جبنة وبطيخ، ويسمعوا شرايط فيها كلام فاضى من غير ما حد ياخد باله إنهم الوحيدين فى الميكروباص اللى مش بيمصمصوا شفايفهم على الكلام الفاضى. أو كانوا حلموا بعالم أحسن، من خلال الطريق الوحيد المفتوح قدامهم، ودخلوا السجن واتنسوا.

No comments:

Post a Comment