Saturday, September 29, 2012

عماد الدين حسين يكتب شبح صفوت الشريف فى حزب النور




خسارة.. ما يحدث فى حزب النور هذه الأيام يثبت أن أمامنا سنوات طويلة كى تكون لدينا حياة حزبية تشبه ما لدى العالم الديمقراطى.

يوم السبت الماضى كتبت فى هذا المكان مقالا عنوانه «ما يحدث فى النور يقتل الظلام» خلاصته أن الخلافات داخل الأحزاب ليست عيبا وهى أمر طبيعى يحدث داخل الأحزاب التى تعمل فى النور بعد ان هجرت العمل السرى.

الذى حدث قبل أيام ان عماد عبدالغفور رئيس الحزب اتخذ قرارات بفصل مجموعة من القيادات وردت الهيئة العليا باتخاذ قرارات مضادة منها إقالة عبدالغفور من رئاسة الحزب.

الآن كل طرف يدَّعى ان ما فعله هو «عين الشرعية» ولا نعرف من نصدق، خصوصا أن الكفة داخل الهيئة العليا تبدو منقسمة بين الجناحين.

من سوء الحظ أن ينحدر الحال داخل حزب النور إلى هذه الدرجة المؤسفة.

هذا الانحدار يذكرنا بما كان يحدث داخل الأحزاب الكرتونية والانبوبية قبل الثورة.

الحزب من هذه الفصيلة لم يكن أعضاؤه يتجاوزون المائة فى أفضل الأحوال، وقد تتدهور عضويته لتقتصر على رئيس الحزب وزوجته.

يحصل الحزب على الرخصة من لجنة أحزاب صفوت الشريف ليضاف إلى لوحة الشرف الديكورية التى كان يرسمها الحزب الوطنى ليقول إن لدينا تعددية وديمقراطية ومعارضة.

بعدها تدب الخلافات لاقتسام الكعكة التى هى عبارة عن سفريات ودعوات عشاء فى السفارات وأحيانا ظهور فى وسائل الإعلام.

إذا كان الحزب مؤيدا فهو فى أمان على طول الخط وإذا فكر فى المعارضة تتفاجأ بأن هناك مجموعة داخله قررت إقالة رئيس الحزب وتعيين بديل له. والحل يتلخص ببساطة فى عقد جمعية عمومية طارئة للحزب عبر استئجار بلطجية أو أبرياء وتسجيل أسمائهم باعتبارهم أعضاء بالحزب.

عندما قامت ثورة يناير كانت غالبية الأحزاب الكرتونية تعانى من نفس هذا المرض الانقسامى الخطير.

كنا نظن أن هذا الفيروس الخطير سوف ينتهى بقيام الثورة، خصوصا أن القيود على إنشاء هذه الأحزاب تلاشت، ولم تعد هناك حاجة للتغنى بعبارة «أزهى عصور الديمقراطية» التى كان يرددها الشريف.

أن يتكرر ذلك داخل حزب النور فالمعنى أن هذا الفيروس الانقسامى صار متوطنا داخل الحياة الحزبية المصرية.

مرة أخرى ليس عيبا أن تختلف وجهات النظر داخل أى حزب، لكن العيب كل العيب ان تختفى فجأة الآليات والقواعد الديمقراطية عند حدوث الأزمات.

ما الذى كان يمنع ان تجتمع الهيئة العليا لحزب النور لتناقش مسألة إجراء انتخابات داخلية فى الحزب أو أى قرار آخر بشأن سياسة الحزب، وبعد المناقشة يتم إجراء تصويت عليه، هذا هو الطبيعى، فإذا شعر أى طرف أو جناح أنه أقلية فعلية احترام النتيجة والانتظار لأول جمعية عمومية أو مؤتمر عام للحزب لمحاولة تغيير دفة سياسة أو اتجاه الحزب فى أى طريق يريده طالما كان الأعضاء هم الذين يقررون ذلك.

وطالما أن حزب النور قد استنسخ نفس الطريقة التى كانت تتم قبل الثورة فلا أعرف هل علينا أن نعتذر لصفوت الشريف لأن الداء يكمن داخلنا، أم نلومه لأنه صاحب نظرية تفجير الأحزاب من الداخل التى أدمنها البعض بمن فيهم الإسلاميون.

درس حزب النور الأخير يقدم لنا جرس إنذار شديد، لأنه إذا كان حزب النور حصل على ربع مقاعد مجلس الشعب، وفشل فى أول اختبار ديمقراطى داخلى، فكيف سيكون مؤمنا بممارسة الديمقراطية على المستوى الأشمل وهو الوطن.

طريق الديمقراطية صعب وطويل ومرهق ومكلف ويحتاج شخصيات تؤمن بها أولا.. ورغم كل الصعوبات فالمغامرة تستحق.

No comments:

Post a Comment