Thursday, September 27, 2012

خالد كساب يكتب في التحرير :- ظاهرة كوكبية عااااامة



1 – فى حلقة بلدنا بالمصرى التى استضافت فيها ريم ماجد الشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل وافق الشيخ على إقامة مناظرة بينه وبين حمدين صباحى.. ثم اقترح الشيخ توسيع إطار تلك المناظرة فسألته ريم.. «هل توافق على اشتراك الإخوان فى تلك المناظرة»؟!.. فأجابها الشيخ.. «الإخوان زينا عايزين الإسلام» !.. طبعا المقصود بالمناظرة التى تعنيها ريم مناظرة سياسية.. إلا أنه تبعا لتلك الظروف التى تعيشها مصر الآن لم يعد هناك حديثا عن السياسة.. فالأحاديث كلها تصب فى النهاية فى خانة الدين.. حتى أن من يستمع إلى جملة الشيخ المفزعة والعجيبة بتاعة أن «الإخوان زينا عايزين الإسلام» سوف يظن أن حمدين صباحى يدعو الناس إلى اعتناق دين آخر غير دين الإسلام.. فالشيخ حازم والإخوان هم الإسلام.. وكل ما عداهم ليسوا مسلمين.. وأى مناظرة معهم هى مناظرة مع الإسلام ممثلا فى شخوص حضراتهم.. وهو ما يؤكد تلك المخاوف التى تعترى شرائح كبيرة من المجتمع.. مسلمون – ربما أكثر من هؤلاء المشايخ بكثير – إلا أنهم فقط لا ينتمون إلى حركاتهم وجماعاتهم ولا يتبنون وجهات نظرهم.. مما يترتب عليه اعتبارهم لا يريدون الإسلام.. بينما الحقيقة هى أنهم لا يريدون هؤلاء المشايخ الذين نصبوا من أنفسهم متحدثين رسميين باسم السماء والإسلام.. وبناء عليه إذا تم إعتبار المسلمون أنفسهم لا يريدون الإسلام طالما أنهم لا يريدون الإخوان ولا حازم صلاح ابو اسماعيل.. ترى كيف يمكن أن ينظر هؤلاء إلى أصحاب الديانات الأخرى؟!
2 – القرار الكنسى الصادر فى ألمانيا ضد من إمتنع عن دفع الضريبة بمنعه من القربان المقدس ليس إلا وجها آخر من وجوه إرتداد الكوكب نحو العصور الوسطى.. الكوكب بأسره بدون التفرقة فى ذلك بين دين وآخر أو بين عقيدة وأخرى أو بين بلد وآخر.. الكوكب عموما قرر الإرتداد إلى الوراء.. الفارق الوحيد أن هناك بلدانا توازن بين ذلك الإرتداد للوراء وبين محاولات التقدم للأمام لتصل صورتها فى النهاية للناس معبرة عن ذلك التوازن فى الصراع فتكون الصورة معقولة.. بينما هناك بلدانا أخرى لا توازن وتدع الإرتداد هو الذى يحتل برواز صورتها.. فتكون الصورة كالصورة التى ترونها حضراتكم فى الخناقة الشغالة حاليا فى الجمعية التأسيسية للدستور بسبب الإصرار على إضافة جملة مثل «بما لا يخالف الشريعة» إلى بعض المواد المنتقاة.. القرار الكنسى الصادر فى ألمانيا نموذج واضح لخلط الدين بالسياسة.. ولإحتكار رجال الدين – أى دين – لتلك العلاقة الجميلة بين البنى آدم منا وبين خالقه.. تلك العلاقة التى لا تحتاج إلى أى وسيط من أى نوع.. فالوسيط الوحيد بين الإنسان وخالقه هو القلب.. القلب فقط.. وليس رجال الكنيسة بقربانهم المقدس الذى سوف يحرمون منه الممتنعين عن دفع الضريبة فى ألمانيا.. وهو ما يؤكد أن ظاهرة تنصيب البعض لأنفسهم متحدثين باسم السماء ليست ظاهرة إسلامية أو عربية فقط وإنما ظاهرة كوكبية.. وأن أتباع كل ديانة لا يرتاحون لأتباع الديانات الأخرى حتى وإن قالوا عكس ذلك.. وهو ما يؤكد بالتالى أن الخلل خلل كوكبى عام وليس خللا محليا فقط !
3 – كل البرامج السياسية تحولت إلى برامج دينية.. وكل نقد للتيارات الإسلامية تحول إلى نقد للإسلام.. إنها اللخبطة فى أجلى صورها وفى أوضح حالاتها.. إنها النتائج الطبيعية المترتبة على إعتقاد جماعة معينة من الناس أنهم فقط من يمتلكون الحقيقة وأن رأيهم فقط هو الرأى الصواب.. وهو ما يترتب عليه إبادة البوذيين للمسلمين فى بورما.. وقتل اليهود للمسلمين والمسيحيين فى فلسطين.. واعتقاد معظم مسيحيى العالم الغربى أن المسلمين إرهابيين.. وتعامل المسلمين مع اصحاب الديانات الأخرى بوصف دينهم فقط هو الصحيح وبوصفهم هم فقط من سوف يدخلون الجنة فى نهاية الأمر بينما باقى الديانات والثقافات والحضارات ليست سوى ديكور لتلك الحياه الفيلم.. وبينما يقفش المسلمون السُنَّة والشيعة على بعضهم البعض.. يقفش أيضا اليهود المتطرفين واليهود المعتدلين على بعضهم البعض كما يقفش المسيحيون الكاثوليك والأرثوذكس على بعضهم البعض.. وهكذا يقفش أتباع كل دين على أتباع الدين الآخر.. بينما يقفش أيضا أتباع كل مذهب بداخل الدين الواحد على أتباع المذهب الآخر بداخل نفس الدين.. وهو ما يضعنا بصدد نتيجتين رئيسيتين من كل تلك الهرطشة السابقة.. أولا.. أن الدين لله وهو شأن خاص تماما بين العبد وربه.. ثانيا.. أن خناقة الدين الشغالة حاليا فى مصر والمتجلية فى خناقات اللجنة التأسيسية للدستور ليست ظاهرة محلية مصرية عربية إسلامية فقط.. و إنما هى ظاهرة كوكبية عامة.. عاااااامة !

No comments:

Post a Comment