Thursday, September 27, 2012

والدة ألبير صابر : ابنى تم التنكيل به فى السجن على يد ضابط مسيحى




بعد تفجر مظاهرات الغضب ضد الفيلم المسىء إلى الرسول، تم القبض على ألبير صابر عياد بتهمة ازدراء الأديان، وقيامه بنشر مقاطع من الفيلم على حسابه الخاص فى موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، ظروف وطريقة القبض على ألبير أثارت الجدل بين الحقوقيين ومنظمات المجتمع المدنى.
■  التقت كاريمان مسيحة غالى والدة ألبير، وبدموعها التى لم تتوقف خلال الحوار، حكت ما حدث لها ولابنها الوحيد، بعد مداهمة منزله من قبل بعض الشباب، الذين قاموا بتسليمه إلى جهاز الشرطة للتحقيق معه فى التهم المنسوبة إليه.
■ بداية، من أليبر الذى يجهله الناس، هل هو فعلا على علاقة سيئة بالمسلمين؟
- ألبير شاب عادى وبسيط، تعلم فى مصر ودرس فى كلية الآداب بعض السنوات، ثم انتقل ليدرس علوم الكمبيوتر وهو الآن فى الفرقة الرابعة، وعلى العكس تماما غالبية أصدقائه من المسلمين، وأفكار ألبير واتجاهاته تنحصر فى السياسة، وفكرة التغيير التى كان يدافع عنها باستمرار من قبل الثورة، فقد كان أحد الشباب الداعمين لفكرة تكوين مجلس رئاسى.
■ الفيلم المسىء إلى الرسول هل كان السبب الحقيقى وراء ما حدث لابنك؟
- ممكن، ولكن الذى أعلمه أن ابنى لم يقم بنشره، وليس هو من أنتجه أو مثّل فيه أو شارك فيه بأى شكل من الأشكال، ومن يدّعِ أن ألبير أسهم فى نشر الفيلم فليثبت ذلك.
■ هل لجأ ألبير إلى محاورة بعض أهالى منطقته فى ما يخص فكره أو معتقده الدينى؟
- لا أعتقد ذلك، فابنى ليس له علاقة بالمنطقة، ولو كان لديه أصدقاء بالمنطقة وتحدث معهم فى أمور دينية، فليخرجوا ويعلنوا ذلك.
■ ما ردك على من اتهم ألبير بالإلحاد؟
- لا أعتقد أن ألبير ملحد، ولم أكن أقيّم علاقته بربه أبدا، ولكنه كان يهوى الحديث فى كل شىء، وكان مطلعا على عديد من الديانات المختلفة، مثل الديانة البوذية والهندوسية باعتباره طالب آداب قسم فلسفة.
■ ما تعليقك على الاتهامات الموجهة إليه بسعيه الدائم لتغيير معتقدات أهل منطقته؟
- ولا عمره «نصّر حد» ولا عمره شتم مصحف، وما يتردد من إشاعات عنه بأنه مزق المصحف، وأنه شتم الرسول غير صحيح، ألبير كان كل همه السياسة ووضع البلد، وأصدقاؤه معروفون وكانوا يقضون معظم أوقاتهم فى التحرير.
■ هل كان لألبير نشاطات ومواقف ضد النظام السابق، وهل تعرض لأى ضغوط من أجهزة الأمن فى الماضى؟
- ألبير من قبل الثورة كان مشاركا باستمرار فى الاعتصامات والإضرابات، وكان مقاوما لانتهاكات الشرطة مع العديد من النشطاء من زملائه، وكان يوم 25 يناير 2012 فى الرابعة والنصف فجرا، هو المشهد الأول لاقتحام قوات الشرطة منزلنا فى منطقة الزيتون، وقاموا وقتها بتكميم فمى ولى ذراعى، ووضعوا عساكر تأمين عند كل دور فى المنزل الذى نسكن فيه، وسألونى عن ألبير دون ذكر التهمة الموجهة إليه، ودون إظهار تصريح النيابة بالتفتيش، وقاموا بأخذ جهاز الكمبيوتر الخاص بألبير.
تقدمت بعدها ببلاغ للنائب العام والأمن الوطنى، ولكننى وجدت أن أمن الدولة لم يتغير به شىء سوى الاسم فقط، وحاولت الاستفسار عن تهمة ألبير، وكان الرد داخل أمن الدولة أن ألبير شخص راشد وليس من حقك أن تعلمى ما تهمته، وكان كل ما يشغلهم هو احتجازه فقط، ومن وقتها تركنا المنطقة التى كنا نعيش فيها.
■ ما الدوافع التى أدت بشباب المنطقة إلى اقتحام منزلك؟
- لا أعلم وقد فوجئت يومها بتجمهر عشرات الشباب، كنت أسمعهم من البلكونة، وأسأل نفسى من الذى جمع هؤلاء الشباب بهذه السرعة والكثافة؟ وما سر الفرحة التى كانت على وجوههم فى أثناء القبض على ابنى؟ ولماذا كانوا يقولون: «الله أكبر.. الله أكبر.. يا ابن الكلب».
■ حديثك يوحى بأنه كانت هناك مؤامرة ضد ألبير؟
- لا أستطيع النفى أو التأكيد، وعلاقتى بأهالى المنطقة ليست فيها أى عداوة، كما أننى انتقلت للسكن فى المنطقة منذ فترة قصيرة، وليس بينى وبين أحد عداوة، وقلت للشباب قبل أن يدخلوا الشقة «لو كان ألبير عمل شىء غلط عرفونى وأنا أدبحهولكم»، ولكن ما حدث لابنى شىء مخطط له، ولا يوجد به ثغرة، منذ القبض عليه والتحقيق معه وتعذيبه، والدليل على ذلك وجود الضابط مينا شنودة الذى قام بتحريض المتهمين داخل الحجز على ضربه، مع العلم أن مينا شنودة منقول إلى قسم المرج منذ فترة قصيرة.
■ هل كان ألبير ملتزما بالديانة المسيحية؟
- لا أحب أن أتحدث عن علاقته بربه، فهو من سيحاسبه عليها، ولكن ما العلاقة؟ فهناك من يؤدى صلواته بانتظام فى دور العبادة أمام الناس، ولكنه «يخرب الدنيا»، فهل ذلك يعد ملتزما؟ وهناك أيضا من يظهر أمام الناس بأنه متدين وعلاقته بربه عمار.
■ وماذا عن اتهامه بازدراء الأديان؟
- لا أعرف مفهوم هذه التهمة، ولقد سألت متخصصين وأكدوا لى أن هذه التهمة تعد جنحة وليست جناية، فلماذا يحبس ابنى على ذمتها؟ وتجديد الحبس له على ذمة التحقيقات؟ ولماذا استمرار حبسه 4 أيام ثم 15 يوما، فمن الطبيعى أن يتم التحقيق معه ويعود إلى منزله.
■ هل تفكرين فى العودة إلى منزلك مرة أخرى؟
- أى واحدة مكانى ابنها اتشرد واتبهدلت، وتم تهديدها بحرق منزلها، من الصعب أن تعود لتواجه كل هذا وحدها، دون أن يرد لها المجتمع حقها علنا، مثلما أذلوها وخطفوا ابنها من أحضانها.
■ حدثينا عن لحظة مقابلتك له، ونريد معرفة تفاصيل أكثر عن تلك الزيارة؟
- بعد محاولات بحث متعددة عن ابنى من قسم إلى سجن، وجدته فى أحد أفرع سجن طرة، ولم أتمكن من مقابلته سوى دقيقة واحدة، ولم أستطع التعرف على ابنى بسبب ما حدث له، فحالته النفسية سيئة للغاية، إلى جانب أنهم قاموا بحلق شعره.
■ هل قامت النيابة بمعاينة المنزل قبل التحقيق مع ألبير؟
- النيابة قامت بكسر الشقة التى نسكن فيها، بصحبة بعض الشباب الذين ظهروا فى الفيديو فى أثناء اقتحام المنزل، واقتادوا ألبير للشارع، وحينما ذهبت إلى القسم معترضة على ما حدث للشقة، قال لى شريف شعراوى، مدير نيابة شرق القاهرة «إحنا كسرنا باب شقتك ومارضيناش نبعتلك استدعا حفاظا على حياتك»، وسألته عن ما تم تحريزه من الشقة، فلم يرد علىّ، ولكننى علمت من أهالى المنطقة أنهم قاموا بأخذ كتب لألبير، وأوراق تخصه.
■ وهل تم استجوابك أمام النيابة؟
- لم يتم استدعائى، بل ذهبت للإدلاء بأقوالى وانتظرت أكثر من 6 ساعات، وسألنى وكيل النيابة ما عقيدتك؟ وهل تؤدين الشعائر الدينية الخاصة بكم؟
■ بكل صراحة هل تعتقدين فى وجود تعنت فى قضية ابنك؟
- ألبير منذ القبض عليه يتم التحقيق معه دون علمنا، ودون حضور محامٍ معه، وأكثر من مرة كانوا يتصلون بنا لإعلامنا بأنه يجرى التحقيق معه الآن، وعندما أصل إلى النيابة أفاجأ أن التحقيق قد انتهى، كما أنهم لم يطلعونى على تقرير الطب الشرعى، ولم يستطع أحد من المحامين أن يحصل على نسخة مصورة منه.
■ قلتِ فى تصريحات سابقة إنك تلقيتِ تهديدات بالقتل فهل تم ذلك بالفعل؟
- لست وحدى المهددة بالقتل، ولكن كل من يدافع عن ألبير يتلقى تهديدات، حتى المركز الحقوقى الذى يتنبى قضية ألبير تلقى بعض التهديدات، وأنا شخصيا تلقيت عدة تهديدات على هاتفى.
■ ماذا عن علاقة ألبير بمنظمات المجتمع المدنى؟
- لا أعرف غير النشطاء السياسيين الذين كنا ننزل معهم التحرير، وألبير لا ينتمى إلى أى حزب أو تيار، حتى حركة «6 أبريل» تركها وفضّل أن يكون مستقلا بذاته.
■ وهل كانت له أى علاقات بجماعة الإخوان المسلمين؟
- ألبير لم يحتكّ بالإخوان، ولكنه كان يعلن رفضه لهم عن طريق رفع لافتات بميدان التحرير، أبرزها «إحنا الثوار الحقيقيين.. مش الإخوان المسلمين».
■ حدثينا عن تفاصيل قصة أليبر التى اتهم فيها أحد الضباط بالتحريض ضده داخل قسم المرج؟
- ألبير أخبرنى بنفسه عندما رأيت رقبته مجروحة وملابسه ملطخة بالدماء، قال إن مدير المباحث أوصله إلى الضابط مينا شنودة بقسم المرج، وهو الذى قام بالزجّ به داخل حجرة حجز بها متهمون وقال لهم «هذا من سب الرسول»، وقال: فقاموا بضربى وإهانتى وقام أحدهم بجرحى بشفرة حلاقة، ثم قام شنودة بعد ذلك بنقلى إلى حجرة أخرى بها متهمون للتنكيل بى وتعذيبى، وفى النهاية قال شنودة للمتهمين: ألبير ده عينه لا تغفل ولا ينام ويقف على رجل واحدة». بالإضافة إلى أن مينا شنودة قال لألبير نصًّا: «سيتم ذبحك إذا أنكرت الاتهامات التى وُجّهت لك والأحراز المنسوبة اليك، وستعود إلى القسم مرة أخرى».
■ ما التهمة الموجهة إلى ألبير؟ وعلى أى سند قانونى؟
- تهمة ألبير هى استغلال الدين فى نشر أفكار متطرفة تهدف إلى ازدراء الأديان، وهذه التهمة يعاقب عليها بالمادة «98» من قانون العقوبات بالحبس من 6 أشهر إلى 5 سنوات، والمبرر الوحيد الذى يعاقب عليه القانون، هو الدعوة إلى العنف من خلال أى محتوى يقوم ببثه بأى وسيلة، باعتباره يتعدى على الآخرين، وبه نوع من التحريض. لكن ألبير لم يفعل ذلك، النيابة تقول إنه متهم بنشر محتويات تسىء إلى الأديان على الإنترنت، لكن هنا فى مصر قوانين الإنترنت لم تصل إلى القضاء.
■ وهل هذه التهمة مستجَدّة؟
- التهمة قديمة فى قانون العقوبات، ولكن تطبيقها نادر جدا، ومحكمة النقض الجنائى لم يحكم فيها سوى 3 أو 4 قضايا استخدم فيها هذه المادة منذ الأربعينيات حتى الآن.
■ هل عرفتِ على قضايا مشابهة لقضية ألبير فى مصر وسبق الحكم فيها؟
- قضية ازدراء الأديان مختلف فى تعريفها، فجزء منها له علاقة بالتعبير عن الرأى من بعض غير المؤمنين بالأديان السماوية، وهذا اعتبرته المحكمة ازدراءً للأديان، وهو يختلف أيضا مع حق حرية المعتقد، فحينما أعرض وجهة نظرى تدخلنى السجن! إذن لا توجد فى مصر حرية معتقد وتعبير عن الرأى، وهل جهرى بالدين الذى أنتمى إليه يعد نوعا من أنواع ازدراء الأديان؟ وهو خلل فى القانون المصرى على مستوى الديانات السماوية، وعلى مستوى كل ديانة لوحدها، فهناك طوائف مختلفة مثل المسلم الشيعى الذى لا يؤمن ببعض ما يؤمن به المسلم السنى، بل ويعتبره كافرا، وبناء عليه يدخل السجن.
■ وما تعليقك على قرار النائب العام بإحالة ألبير إلى محكمة الجنح؟
- أشعر أن فى قضية ألبير أمورا تدار بشكل غريب وسريع، لا نقدر على استيعابه حتى الآن.
■ ما الرسالة التى ترغبين فى توجيهها إلى رئيس الجمهورية؟
- ألببير صابر عياد واحد من 85 مليون مواطن فى مصر، فهل يرضيك ما يحدث له، وأن يُفضَح بهذا الشكل دون إدانة؟ أنا أم، وسمعة ابنى الوحيد تهمنى.

No comments:

Post a Comment