Sunday, September 23, 2012

ابراهيم عيسى يكتب في التحرير : - ومن يضمن لنا نزاهة الاستفتاء؟



طبعا يمكن أن يرفض الشعب المصرى دستور زواج الأطفال الذى يجهزه لنا الإخوان..
هذا إذا عبر الدستور عقبات المحاكم ومتاريس القضاء إلى مرحلة الاستفتاء وذلك بالتحايل والمراوغة وألعاب السيرك القانونى وتلبيس الحق بالباطل الذى يجيده الإخوان.
لكن سيكون هذا الرفض (إن تحقق) مرة نادرة جدا فى التاريخ، فالموافقة هى نتيجة أى استفتاءات على دستور جديد فى دول العالم، فالغالب أن الشعوب تكون فى حالة زهق وملل واحتقان وروحها فى مناخيرها ومرت بخناقات كثيرة ومرحلة انتقالية مزعجة حين تصل إلى خطوة إقرار دستور جديد فيصبح أسهل حاجة تعملها عشان تخلّص إنها توافق على الدستور.
ما بالك بدستور سيقدمه الإخوان وإخوانهم السلفيون على أنه دستور متوضى وطاهر وأقرب لصحيح البخارى، ومن يوافق عليه يؤكد إيمانه وتقواه؟ ساعتها ستزيد صعوبة أن يرفضه المصريون، فغسل الدماغ فى مصر أشهر وأنجح من غسل الصحون.
ورغم ذلك فقد يرفضه المصريون، ربما:
بسبب فجاجة وسخافة مواد يصمّم الإخوان والسلفيون على إدماجها فى الدستور تؤكد أنهم يضعون دستورا للدولة العباسية (نسبة إلى مستشفى العباسية للأمراض العقلية لا إلى بنى العباس) حيث يتبقى فقط أن نبيح أماكن لسوق تجارة العبيد بجوار سوق الفاكهة فى العبور وكذلك سوق الجوارى بجوار سوق الجمعة فى إمبابة حتى يكتمل شكل العاصمة الفسطاط التى يحلم بها أعضاء مكتب الإرشاد واللجنة العليا لحزب النور.
وربما يرفضه المصريون إذا تحول التصويت على الدستور إلى استفتاء على الرئيس وحكومته فقرر الشعب أن يسحب ثقته بالرئيس وإخوانه وقنديله ويعلن بقول كلمة «لا» رفضا لحكامه وإعلانا عن رغبته أن يلقن دروسا فى قوة غضبه حين يغضب.
وربما يرفضه المصريون إذا نجحت القوى المعارضة للإخوان فى تعريف الناس بسَوآت وعيوب مواد فى الدستور ومدى الانحراف السياسى الذى مارسه الإخوان لخطف لجنة الدستور وانتزاع إرادة صياغته من الشعب ونقلته إلى فريق وجماعة وتيار الإسلاميين مع تجنيد عدة أسماء محسوبة على القوى المدنية على سبيل إضافة نكهة القرفة إلى مذاق كأس السم.
وربما يرفضه المصريون لو تكاتفت القوى الوطنية برمز عالٍ ونبيل مثل الدكتور محمد البرادعى وزعامة جماهيرية مثل حمدين صباحى مع التيارات والأحزاب المدنية والاشتراكية والأقباط والصوفيين ضد الدستور العباسى فيكون الجميع من منبع إلى مصب واحد منطلقين من أن نصف الشعب المصرى لم يصوت للرئيس الإخوانى وهى نسبة هائلة لو تم تنظيمها والإجماع حولها والبناء فوقها باستنفار الإحساس بالخطر والتكاتف حول هدف واحد هو إجهاض دستور الإخوان بعيدا عن تشنج بعض ضيقى الأفق وتفتت بعض اليسار وشرود بعض الشخصيات الباهتة فكريا الباحثة عن الكفيل الإسلامى ومياعة الحياد المصطنَع.
لكن السؤال الأهم هنا بصرف النظر عن موافقة أو رفض الشعب للدستور الإخوانى هو فعلا: ما ضمانتنا لنزاهة الاستفتاء؟
مَن قال إن التصويت على الاستفتاء سيكون نزيها وشفافا وسط حالة التحفز والاستقطاب فضلا عن هيمنة الإخوان على مقاليد الجهاز الحكومى والإدارى للدولة من موظفى المحليات والحكومة وكلهم فى الحقيقة يحملون تاريخا أسود ومهبّبا فى تزوير الانتخابات والاستفتاءات، بل ومحترفو تزوير علنى ومباشر وسرى وغير مباشر؟ ومَن قال حتى إن الإشراف القضائى يسمح بنزاهة الاستفتاء إذا كنا نرى حكومة منحازة وممالئة وموالية وخادمة للإخوان وأفكارهم ولسيادة الرئيس وتعليماته؟
لا شىء يضمن لنا نزاهة الاستفتاء، بل إن مؤشرات أخونة وتأخوُن الدولة تشير إلى أننا فى طريقنا نحو التزوير الناعم، ومين عارف؟ يمكن الخشن كمان!
الأولوية الآن هى ضمانة النزاهة من خلال لجنة لا يشكلها الرئيس ولا يتحكم فيها الإخوان ولا يتم فيها الاستعانة بموالى الجماعة فى التيارات الأخرى التى تدّعى أنها مدنية أو ليبرالية بينما هى تشبه سيارات تحت الطلب.

No comments:

Post a Comment