Sunday, February 3, 2013

رئيس حزب النور: قلت لـ«مرسى» بحضور الكتاتنى «الحرية والعدالة هو الحزب الوطنى»

قال يونس مخيون رئيس حزب النور، إنه أبلغ الرئيس محمد مرسى باستياء الشعب، وأعضاء حزبه، من ممارسات حزب الحرية والعدالة، الذى يتصرّف وكأنه الحزب الوحيد فى البلاد، مضيفاً: قلت له بحضور الدكتور سعد الكتاتنى رئيس الحزب «الناس يقولون ذهب (الوطنى) وجاء (الحرية والعدالة) باحتكاره للسلطة والحكم».
وقال، خلال لقاء مع قيادات الدعوة السلفية فى كفر الشيخ أمس الأول، إن ما يحدث ليس بسبب البلطجة أو الإعلام، ولكن هناك قطاعاً كبيراً من الشعب لديه استياء، بسبب «الحرية والعدالة» الذى يسيطر على جميع المناصب القيادية.
وأضاف: عندما طرحنا المبادرة، التى وافقت عليها جبهة الإنقاذ، انتقدنا البعض، لكن ما يهمنا هو مصلحة مصر، وعُرضت المبادرة دون التنسيق مع أحد. وهناك اتفاق بيننا وبين جبهة الإنقاذ على أن «مرسى» رئيس شرعى ولا مساس به، وتابع: «هناك شخصية مهمة اتصلت بى، وأبلغتنى أن اليهود (بيشتغلوا فى مصر لتحويلها إلى الفوضى)، وتلقيتُ اتصالاً هاتفياً من الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد، بعد عرض المبادرة ومناقشتها مع قيادات جبهة الإنقاذ الوطنى، فأبدى ترحيبه بها. مستدركاً: النائب العام جاء بطريقة قانونية، ولا يحق لأحد إبعاده، ولا بد أن نعترف أن حكومة قنديل فاشلة مليون فى المائة، ولا بد من تشكيل حكومة توافقية حيادية، لا يسيطر عليها حزب معين.
وقال ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، إن الأحزاب تتكالب للوصول إلى الحكم، بأى وسيلة، على حساب الوطن، أما نحن فغايتنا أن نضع النُّظم، التى تمكِّن الناس من عبادة ربهم، وأن يترك الناس عبادة الطواغيت ويتجهوا إلى عبادة الله، وحل المشكلة الاقتصادية التى تمر بها البلاد بالرجوع إلى الله، وتطبيق شرعه.

وفاة متظاهر ثان فى أحداث الاتحادية بمستشفى هليوبوليس متأثرا بإصابته


سقط ثانى الشهداء فى أحداث قصر الاتحادية التى وقعت أول أمس، الجمعة، متأثرا بإصابته فى الاشتباكات، بمستشفى هليوبوليس الدولى، إثر إصابة بالخرطوش فى القلب وطلق نارى حى فى الرأس، تم إحالته إلى المشرحة، لإعداد تقرير حول سبب الوفاة.

وأكد مصدر طبى أن عمرو سعد عبد الرحيم "20 سنة"، توفى منذ دقائق بمستشفى هليوبوليس الدولى بعد أن توقف قلبه عن النبض متأثرا بإصابته فى الاشتباكات التى وقعت أمام قصر الاتحادية يوم الجمعة الماضى، وتبين من التقرير المبدئى بأنه أصيب بطلق نارى فى الرأس وطلق خرطوش فى القلب، وتوفى إكلينيكيا منذ ساعات، إلا أنه تبين توقف القلب بشكل نهائى، ليعتبر بذلك ثانى شهداء الأحداث الأخيرة بعد وفاة الشهيد محمد حسين قرنى.

وقال محمود محمد، خطيب شقيقة الشهيد، إنه يجرى حاليا إعداد تقرير بالصفة التشريحية حول جثة المتوفى، وأن العائلة ستقوم بنقله للصلاة عليه، وتشييع جثمانه فى مقابر العائلة.

"تقصي حقائق السويس": الشرطة تعمدت إطلاق النار.. واستخدمت المساجين كدروع بشرية

حصلت "الوطن" على نسخة من تقرير تقصي الحقائق الذي أعده المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية بعد زيارة وفد من المركز إلى السويس والاستماع لشهود العيان وإجراء لقاءات مع المصابين، وخلص التقرير إلى أن قوات الأمن تعمدت إطلاق النار على المواطنين العزل كما حاولت استخدام السجناء كدروع بشرية وفيما يلي نص التقرير الخاص بالسويس:
قبل الذكرى الثانية لثورة 25 يناير بعدة أيام، توافد العديد من أبناء محافظة السويس على مبنى المحافظة لتقديم طلبات خاصة بتحسين مستوى الخدمات والعمل على حل مشاكل أهالي المحافظة، لكنهم قوبلوا بتجاهل تام من قبل المحافظ المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين "سمير عجلان"، فقرر العديد من أصحاب هذه الطلبات أن يقدموها في إطار حملة شعبية تتزامن مع فعاليات إحياء ذكرى الثورة يوم 25 يناير.
واستدعى عادل رفعت، مدير أمن السويس، بناءً على ذلك، بعض الشخصيات العامة في المدينة، وعدد من ممثلي القوى السياسية والنشطاء السياسيين، للاتفاق معهم على ضرورة خروج فعاليات إحياء ذكرى الثورة بصورة سلمية، فكان طلب الحاضرين هو ألا تمنع قوات الأمن، المتظاهرين، من دخول مبنى المحافظة لمقابلة المسؤولين حتى يتمكنوا من تسليم مطالبهم.
في يوم 25 يناير، انطلقت عدة مسيرات سلمية من أماكن مختلفة في المدينة، وتجمعت في ميدان الأربعين، وانتظمت في مظاهرة واحدة اتجهت نحو مقر المحافظة لتسليم بيان بمطالب استكمال الثورة وطلبات أبناء المحافظة الخاصة بالخدمات والوظائف وما إلى ذلك.
قامت قوات الأمن المكلفة بتأمين مبنى المحافظة بإفساح الطريق أمام المتظاهرين لدخول الفناء الخارجي لمقر المحافظة، ومقابلة المسؤولين، حسب الاتفاق المسبق مع مدير الأمن، إلا أنه بعد دخول مقدمة المسيرة لفناء المحافظة، فصل جنود الأمن المركزي المشاركين في المظاهرة عن بعضهم، وحاصروا الموجودين بفناء المحافظة، وهاجموا الباقين باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع.
قام ضباط الأمن والجنود بمهاجمة المتظاهرين بأقذع الألفاظ، وسبوا المدينة وأهلها، وقال العديد من شهود العيان، إن ضباط وجنود الشرطة كانوا يتعاملون مع المتظاهرين بطريقة شديدة العدائية، ما بدا وكأنه ثأر بين الشرطة وبين أبناء المدينة الباسلة التي كانت شرارة الثورة ضد نظام مبارك والسياسات القمعية التي مارستها قوات الأمن في عهده، وخص العديد من شهود العيان، ضابطا يُدعى "شريف الشربيني" بالذكر، وقالوا إنه كال التهديد والوعيد للمتظاهرين، ووجه إليهم كافة أنواع البذاءات والإهانات، وأنه كان من أكثر الضباط الذين استخدموا العنف ضد المتظاهرين.
اجتمع مدير الأمن مع بعض ممثلي القوى السياسية في محاولة للتهدئة، إلا أن هذه المحاولات لم تنجح بسبب استمرار قوات الأمن فى الهجوم على المتظاهرين. وتحدث بعض شهود العيان عن قيام بعض المدنيين فوق سطح مبنى الأمن الوطني المجاور للمحافظة، بإطلاق الأعيرة على المتظاهرين مما تسبب في اشتعال الأوضاع.
اعتلى الجنود، مبنى الديوان القديم للمحافظة، ومبنى مديرية الأمن، ورشقوا المتظاهرين بقنابل الغاز وبالحجارة، ما دفع بعض المتظاهرين لمبادلتهم التراشق بالحجارة، ورشق مجهولون الجنود بزجاجات المولوتوف و"البارشوتات"، ما نتج عنه إصابة أحد الجنود.
أولاًَ:هياج الأمن المركزي
بعد إصابة مجند الأمن المركزي، استغل الضباط إصابته، وأشاعوا بين الجنود خبر وفاته قبل حدوثها، ما جعل الجنود في حالة هياج شديد، وانطلقوا يحرقون الأخضر واليابس، وفتحوا نيران أسلحتهم على المتظاهرين والمارة، وطالت أيديهم سائر العقارات والمنقولات الموجودة في المنطقة المحيطة بالمحافظة بالتكسير والإتلاف، واقتحموا قاعة أفراح تسمى "كازابلانكا"، وحطموا كل ما فيها، وروعوا ضيوف حفل الزفاف الذي كان مقاما في القاعة وقتذاك.
بالرغم من أن تصريحات ضباط الشرطة بالمحافظة، أكدت على أن جنود الأمن المركزي لم يفارقوا محيط مبنى المحافظة، وبأنهم لم يكونوا مسلحين إلا بالعصي، فإن جميع شهود العيان، أكدوا أن جنود الأمن المركزي عبروا حديقة "الخالدين"، وأخذوا يطلقون الأعيرة الحية والخرطوش بصورة هيستيرية في كافة أنحاء المنطقة المحيطة بالمحافظة، واعتدوا على المتظاهرين والمارة بكعوب الأسلحة وبالعصي.
ذهبنا إلى شارعي الجلاء والنهضة بالقرب من مبنى المحافظة، بعد عدة أيام من الاشتباكات، فوجدنا الشارع به آثار دماء، وبقايا زجاج مكسور، وأغلب المحال التجارية في الشارع، تعرضت للتكسير والسلب، ووجدنا كذلك العديد من السيارات المحطمة والمحترقة، وشاهدنا الحجارة المكسورة في كل شبر من الشارع، كما تراءى لنا آثار إطلاق الرصاص في جدران البنايات الموجودة بالمنطقة.
أسفرت ممارسات جنود الأمن المركزي، عن تدمير عدة محلات، منها مقهى "الفيشاوي"، وصالون حلاقة "نمبر وان"، ومكتب "عبد الحميد فرج للمقاولات"، ومحل "أكوا تريد"، ومعرض سيارات، وقهوة "نيو سوريا"، وكافيتيريا "الأشجار"، ومقهى "أم كلثوم" ودراي كلين "الباشا".
كما قام جنود الأمن المركزى بإحراق وتكسير عدد كبير من السيارات، من ضمنها: سيارة دايو لانوس مملوكة للمواطن "علي البدري"، وسيارة فيات سيينا مملوكة للمواطن "علاء البدري"، وسيارة شاهين مملوكة للمواطن "محمد فتحي"، وسيارة "أوبل" مملوكة للمواطن "حسام عجمي"، وسيارة فيات 132 مملوكة للمواطن "رضا الأبيض"، وسيارة سبيرانزا مملوكة للمواطن "خالد السرحة".
ثانيا: عمارة كمبورس.. من قصف الصهاينة إلى قصف قوات الأمن المركزي:
أمام مبنى المحافظة بالسويس، وفي تقاطع شارعي الجلاء والنهضة، تقع بناية شهيرة تدعى "عمارة كمبورس" شاء حظها العاثر أن تتعرض للقصف على يد العدو الصهيوني في كل الحروب التي شنتها على المدينة الباسلة، ثم يشاء ذات الحظ العاثر أن تعتدي قوات الأمن المصرية على هذه العمارة وسكانها في جميع الاشتباكات التي حدثت منذ بداية الثورة وحتى الآن، ورغم أن سكان البناية دأبوا على تقديم المأكولات والهدايا لقوات الأمن المتمركزة لحماية المنطقة، اتقاءً لشرهم.
أكد سكان البناية أن جنود الأمن المركزي، أطلقوا قنابل الغاز على مواسير الغاز الطبيعي مما تسبب في نشوب حريق كبير، وعندما جاء رجال الإطفاء لإخماد الحريق، قام جنود الأمن المركزي بالاعتداء عليهم ومنعهم من ممارسة عملهم، ما تسبب في زيادة الخسائر الناجمة عن الحريق. وأضاف سكان البناية أن قوة الجيش المتمركزة أعلى سطح العمارة لم تسلم من إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع من قبل الأمن المركزي كذلك.
وقال "علاء البدري"، أحد سكان البناية، أن نجله البالغ من العمر ستة أشهر، تعرض للاختناق من جراء الغاز المسيل للدموع، لولا أنه نقله للمستشفى، ونجح الأطباء فى إنقاذ حياته في اللحظة الأخيرة، كما أن هجوم الأمن المركزي تسبب في احتراق سيارة والده "علي البدري" ماركة "دايو لانوس" بالإضافة إلى تكسير سيارته الخاصة ماركة "فيات سينا"، وأنه ذهب لتحرير محاضر بهذه الوقائع في قسم السويس قبيل احتراقه، واتهم فيه جنود الأمن المركزي بارتكاب هذه الأفعال، إلا أن النيابة العامة لم تسمع أقواله في هذه البلاغات حتى الآن.
كما قال صاحب مقهى "الفيشاوي" أن جنود الأمن المركزي، هاجموا المقهى واعتدوا على رواده، وتسببوا في اشتعال النيران في أجزاء كبيرة من المقهى بعد إطلاق النار على أنابيب البوتاجاز الموجودة بالمكان، واتهم جنود الأمن المركزي بإحداث العديد من التلفيات بالمقهى، وأضاف، أنه لولا دفاع شباب الثورة عن المقهى ورواده لحدث ما لا يحمد عقباه.
من جانبه، قال "محمد سعد"، أحد سكان برج النهضة المواجه لمبنى المحافظة، إن رصاص الأمن المركزي، اخترق زجاج منزله الواقع بالدور الأول من البرج، وأضاف أن جنود الأمن المركزي، اقتحموا صالون الحلاقة الخاص به، والذي يقع أسفل البناية، وعاثوا فسادا بكل ما فيه، اعتقادا منهم بأن المتظاهرين يحتمون فيه.
ثالثا: محاولة استخدام المساجين كدروع بشرية
في السادس والعشرين من يناير، توجهت قوة من الجيش لسجن عتاقة المجاور لقسم عتاقة، لنقل المساجين، خوفًا من حدوث محاولة لاقتحام السجن، فتذمر المساجين، ورفضوا نقلهم خارج المحافظة، حتى لا يتحمل أهاليهم مشقة زيارتهم في محافظات أخرى، فتعامل حرس السجن معهم بمنتهى القسوة لترحيلهم بالقوة، فأشعل المساجين النار في البطاطين الخاصة بهم اعتراضا على التعامل القاسي معهم، فتمادت الشرطة في استخدام العنف معهم، واشتعلت الأحداث أكثر عندما توجه أهالى المساجين للاطمئنان على أبنائهم، فقامت قوات الشرطة بوضع بعض المساجين أعلى برج السجن، واتخذوهم كدروع بشرية حتى يتجنبوا مهاجمة الأهالي للسجن، وأطلقت الشرطة الأعيرة النارية لتفريق الأهالي، فأصيب أحد المساجين، ويدعى "مصطفى شفة" ـ17 سنة، بطلق ناري في الرقبة ولقي مصرعه على الفور، وصرح ضباط السجن بأن سبب وفاته هو طعنة من "مفك" على يد أحد زملائه، وذلك بالمخالفة للواقع.
تمكنت قوات الجيش بعد ذلك من استلام المساجين، ونقلهم لسجون أخرى.
رابعًا: أقسام الشرطة خاوية:
في ظل ما أحدثه جنود الأمن المركزي من فوضى ودمار، كان من المستحيل أن يستمر المتظاهرون في محيط مقر المحافظة، فتوجهوا لمواصلة التظاهر أمام قسم السويس؛ احتجاجًا على همجية الشرطة في التعامل مع المظاهرات، فأطلق عليهم الضباط والجنود، الأعيرة النارية لتفريقهم، وهنا ظهر بعض الملثمين الذين ردوا بإطلاق قنابل المولوتوف على القسم، حتى احترق، وفر منه ضباطه وجنوده، بعد أن أخذوا متعلقاتهم، وأسلحتهم، واستغل بعض الخارجين عن القانون، الفرصة وسرقوا محتويات القسم.
في هذه الأثناء، علم العاملون بقسم "الأربعين" بما حدث، فخافوا من مواجهة مصير قسم السويس، فاستبقوا وصول المتظاهرين، بترك القسم خاليا، وفروا بأسلحتهم، فقام مجهولون باقتحام القسم والاستيلاء على المنقولات الموجودة به، وفيما يخص قسم "فيصل"، قال الأهالي إن بعض تجار المخدرات من قاطني منطقة "الإمام" المجاورة للقسم، استغلوا الأحداث وتوجهوا ناحية القسم، وتبادلوا إطلاق النار مع جنود وضباط قسم "فيصل"، ما دفع الضباط والجنود للهرب من القسم بعد أخذ أسلحتهم، وخلع بزاتهم الرسمية، وتكرر ذات الأمر تقريبًا مع قسم "الجناين" باختلاف بعض التفاصيل الطفيفة، حسب أقوال شهود العيان، وأوضح بعض الأهالي أنه تم تسليم بعض من المنقولات التى خرجت من الأقسام، إلى قوات الشرطة العسكرية، بواسطة شباب الثورة.
خامسا: غياب بعض الأجهزة المختصة من المحافظة تماما منذ يوم 25 وبعدها
لا وجود للشرطة نهائيا في السويس، سوى بعض ضباط المباحث في قسم عتاقة بالسويس، اكتشفنا وجودهم بالصدفة البحتة، عندما طلبنا من قوات الجيش المسؤولة عن تأمين سجن عتاقة، الدخول لمعاينة السجن، وقال لنا سالفو الذكر إنهم لا يريدون أن يعرف أحد بتواجدهم في مكانهم، كما أنهم رفضوا السماح لنا برؤية السجن أو تفقد القسم، بالرغم من تمكن بعض القنوات الفضائية من تصوير السجن بالكامل.
الذي يتولى تنظيم المرور في المدينة، هم جنود الشرطة العسكرية
تتمركز قوات الشرطة العسكرية عند مجمع المباني الحكومية، الذي يضم مبنى المحافظة، ومديرية الأمن، ومحكمة السويس، والنيابة العامة، ومبنى جهاز الأمن الوطني، كما تقوم بتأمين الكنائس الموجودة بالمدينة، وكذا مقار البنوك الحكومية، وانتشرت قوات الجيش على مداخل ومخارج المدينة للتأمين.
النيابة العامة لا تعمل في السويس منذ الجمعة 25 يناير، وحتى 31 يناير.
لم يجد المجني عليهم في الأحداث، أو ذويهم، أي جهة رسمية يقدمون إليها بلاغاتهم فيما تعرضوا له، في ظل غياب الشرطة والنيابة العامة. قامت الشرطة العسكرية بأخذ أقوال بعض المجني عليهم في مستشفى السويس، ووعدتهم بإحالتها للنيابة العسكرية، حتى تحيلها الأخيرة بدورها للنيابة العامة حين عودتها للعمل.
لم نجد من يعطينا أي إحصائيات عن الشهداء والمصابين في مستشفى السويس العام، اللهم إلا بعض العاملين الذين تطوعوا لإعطائنا بيانات المصابين الأربعة الذين ظلوا موجودين بالمستشفى لحين زيارتنا لها، وتم نقل بعض مصابي الأحداث لتلقي العلاج في مستشفيات القاهرة والإسماعيلية والزقازيق؛ لعجز مستشفى السويس العام عن تقديم العلاج الكافي لهم.
رفض المسئولون في ثلاجة حفظ الموتى، إعطاءنا أية معلومات عن عدد المتوفين في الأحداث أو كيفية وفاتهم، وقالوا لنا إن هذه المعلومات غير مصرح بخروجها إلا للمخابرات الحربية!.
حاولنا الوقوف على سير العمل بقناة السويس، وموانئ المدينة، وأحوال الصيد، إلا أننا لم نتمكن من ذلك بسبب التشديد على الدخول لهذه المناطق من قبل قوات الجيش المكلفة بتأمينها.

Wednesday, October 10, 2012

مرتضى منصور بعد حكم البراءة: الإخوان قتلوا "شهداء الجمل" والسبروت أفسد القضية.. وسأثبت ذلك بالأوراق

مرتضى منصور للبلتاجي: سأكشف كيف قتلتم الشهداء في موقعة الجمل يا محمد يا بلتاجى
قال المحامى مرتضى منصور، في مداخلة هاتفية مع برنامج العاشرة مساء بعد حكم البراءة في قضية موقعة الجمل، إن المستشار محمود السبروت هو الذي أضاع وأهدر دماء الشهداء وافسد قضية الجمل.
واتهم مرتضى منصور الإخوان بقتل شهداء الجمل وقال " يا محمد يا بلتاجى سأكشف كيف قتلتم الشهداء في موقعة الجمل قائلا إن السبروت زور في قائمة الشهود ولم يتق الله في قرار الإحالة وأدلة الثبوت لأنه جمع أشخاصا ومتهمين في القضية لا يحبون بعضهم ويكرهون بعضهم جدا فكيف يرتكبون جميعهم موقعة الجمل.
وقال إن الكلام عن طعن النيابة العامة على الحكم كلام غير صحيح وباطل وأضاف " أنا معايا أوراق ستثبت مين اللي قتل يا محمد يا بلتاجى يا بتاع الحزب المحترم .. وسأكشف مين اللي ارتكب القتل سواء كانت عيشة أو أم الخير".
وقال منصور انه لم يهرب بل كان في منزله وان محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق أساء للشرطة قائلا له " فينك يا محمد يا إبراهيم...اللي أول ما اشتغلت اشتغلت على الراجل الغلبان اللي اسمه مرتضى منصور"

Friday, October 5, 2012

أبطال «حرب أكتوبر» المنسيون: 5 أوراق من دفتر الانتصار

في ذكرى انتصار السادس من أكتوبر 1973، ذاقت مصر كلها طعم الفرحة، بعد سنوات عجاف من النكسة المهينة، وقتها وحتى الآن تركزت «الكاميرات» على وجوه بات الجميع يعرفها، كانت تختصر الحرب في مجموعة ضيقة من المقاتلين.
في الحرب، كان الجميع يؤدي دوره، بعضهم فاز بـ«الكاميرا»، وآخرون اكتفوا بأن رفعت مصر رأسها أخيرًا.. من هؤلاء 5 أبطال، صنعوا النصر بدمائهم، وكتبوا شهادة تحرير سيناء، وهزيمة إسرائيل الأولى والأكبر، في السادس من أكتوبر 1973، منهم من لقي ربه، ومنهم من يجلس وسط الأوسمة يتذكر أيام «الفرحة»، ويستعيد شريطاً طويلاً من الذكريات، عن «رفاق الدم»، الذين صنعوا الانتصار وتواروا في الظل.
في هذا التقرير، المفصل، تقدم «المصري اليوم»، جزءاً ربما لا يعرفه الكثيرون من تاريخ هذا الشعب.. تقدمه بالأسماء المجردة لهؤلاء الأبطال، لأن ما فعلوه يظل دائماً، أهم من الرتبة، وأكبر من المنصب، وأكرم من أن ينساه أحد.

أحمد بدوي.. بطل الثغرة يموت في الصحراء
هو ابن الإسكندرية، الذي أصبح أحد أبرز وجوه انتصار أكتوبر، ولد الطفل أحمد بدوي في3 أبريل 1927، والتحق بالكلية الحربية في 1948، ليجد نفسه مع الجيش المصري في حرب فلسطين، يكافحون احتلال «الشقيقة» بسلاح نصفه فاسد، ونصفه قديم.
قاتل الملازم أحمد بدوي في رفح ثم غزة، وبعدها في المجل وعسلوج بفلسطين، وحين هدأت المدافع عُين مدرسًا في الكلية الحربية، وترقى لكبير معلمين في 1958.
في حقبة الزعيم الراحل، جمال عبد الناصر سافر في بعثة إلى الاتحاد السوفيتي، حيث التحق بأكاديمية فرونز العسكرية، وتخرج في 1961، ليشهد النكسة (يونيو 1967)، ثم يحال للمعاش، ويذوق مرارة الاعتقال لمدة عام، ويخرج بعدها في يونيو 1968.
بعد حركة 15 مايو 1971 التي قضى فيها السادات على خصومة الناصريين، قرر إعادة بدوي للقوات المسلحة، وتولى قيادة فرقة مشاة ميكانيكية في 1972، ليكتب سطوراً من البطولة في حرب أكتوبر 1973.
في الحرب استطاع بدوي أن يصد هجومًا إسرائيليًا مكثفًا على مدينة السويس، حيث عبر بقواته للضفة الأخرى ليلاقي العدو ضمن فرق الجيش الثالث، وحين التف آرييل شارون بقواته، ليحدث الثغرة، اندفع بدوي بفرقته ليمزق الجيش الإسرائيلي في وسط سيناء، ويحرر مناطق عيون موسى ويدمر مقر قيادة العدو ليصبح شارون معزولاً عن قيادته.
رُقّي بدوي لرتبة لواء، وعُيّن قائداً للجيش الثالث، وتصاعد دوره ليصبح وزيراً للدفاع برتبة مشير في 14 مايو 1980. ولم يمر سوى عام واحد أو أقل، حتى فجر بموته لغزاً لايزال عصياً على الأذهان، حيث لقي مصرعه ومعه 13 من كبار قادة القوات المسلحة في اصطدام طائر هليكوبتر بمنطقة سيوة، في الصحراء الغربية.
مات بدوي ولم يعرف أحد كيف مات.. الرواية الرسمية تقول إنه لقي مصرعه نتيجة تحطم الطائرة، التي أقلت «بالصدفة» 13 لواءً وعميدًا وعقيدًا، كانوا يمثلون قمة الهرم العسكري في المنطقة الغربية، بينما نجا طاقم الطائرة، وسكرتير الوزير الذي شُيع بجنازة عسكرية في 3 مارس 1981، ليلحقه السادات، قائده الأعلى في 6 أكتوبر من العام نفسه.
فؤاد ذكري.. أمير البحر
البطل هذه المرة جاء من سيناء، تحديداً من مدينة العريش حيث ولد في 17 فبراير 1923، ليتخرج في الكلية عام 1946، ويقود المدمرتين القاهرة والظافرة، وتتنوع مهامه كأن القدر يعده للحظة فارقة.
جاءت النكسة، وخرج سلاح البحرية سليمًا تقريبًا، فمصر لم تخض حروبًا بحرية مؤثرة منذ أيام محمد علي باشا. كان فؤاد يحترق شوقًا لـ«رد الصفعة»، مثله مثل مئات الآلاف من ضباط وجنود كَوَت الهزيمة القاسية نفوسهم، وصبغت حياتهم بهدف واحد.. «الثأر».
في 1967، وبعد أسبوع من كارثة النكسة، عُيّن قائدًا عامًا للقوات البحرية، فغير استراتيجيتها بالكامل، وخطط لعملية ضرب المدمرة الإسرائيلية «إيلات»، في أكتوبر من العام نفسه، ليأتي رد البحرية عن غطرسة العدو بصواريخ لنشات تهزم مدمرة، وأصبح ذلك اليوم عيدًا للقوات البحرية.
شفيق سدراك.. النصر والشهادة
لم تكن لمتري أفندي سدراك، المدرس الصعيدي، أمنية أعز من أن يستجيب الله لصلواته كي يأتيه بـ«الولد»، وفي 1921، وفي محافظة أسيوط، استقبل متري أفندي ولده «شفيق»، الذي أصبح بعد ذلك اللواء أركان حرب شفيق متري سدراك أحد أبطال وشهداء حرب أكتوبر.
منذ البداية عرف متري أن ولده شفيق، اختار حياة الخطر، فالتحق بالكلية الحربية، ليشارك في 3 حروب متتالية، العدوان الثلاثي 1956، والنكسة 1967، ثم حرب الاستنزاف التي بدأت عقب الهزيمة.
11 عاماً متصلة قضاها شفيق وسط نيران الحروب، رأى بعينه كيف يمكن لدولة حديثة العهد بالاستقلال أن تناطح لندن وباريس وتل أبيب معاً وتنتصر إرادتها، وذاق كيف لهذه الدولة أن تذوق الهزيمة على يد إسرائيل، لكنه وبروح المقاتل كان يعلم أن الحرب سجال، وأن ساعة النصر قادمة ولو تأخرت.
كان المعروف عن اللواء شفيق، ولعه الشديد بتطوير خطط حروب المدرعات والدبابات، وتعاونها مع المشاة، وحين حانت ساعة الصفر، انطلق بلواء مشاة كامل، ليكون أول لواء يعبر القناة من الجيش الثاني في 9 أكتوبر، ويصل قرب الممرات الاستراتيجية في سيناء، وبعد أن أبلغ قيادته بالوضع، قرر أن يكون على رأس قواته في مدرعة لصد هجوم العدو، وفي معركة تحرير النقطة 57 جنوب، فاز بالشهادة وهو يدافع عن الأرض التي حررها المصريون جميعا، ليكون أحد القادة الكبار الذين رفضوا الاكتفاء بإصدار الأوامر، بل ذهب ليكون في الطليعة، ويفوز بالشهادة، فيما تفوز مصر كلها بالنصر.
محمد علي فهمي.. حارس السماء
كانت المشكلة الأكبر أمام أي مجهود حربي على القناة، هو «ذراع إسرائيل الطويلة»، ممثلة في الطيران، فبعد تدمير الطائرات المصرية على الأرض في النكسة، لم يجد عبد الناصر حلاً إلا بإنشاء حائط صواريخ، يديره رجل يعرف كيف يقطع هذه الذراع ويوفر للقوات وقتاً للحشد، ومظلة تحميها من غارات العدو المتواصلة، كان هذا الرجل هو محمد علي فهمي، الأب الحقيقي لقوات الدفاع الجوي المصرية.
ولد محمد في 11 أكتوبر 1920، وعُيّن قائدًا للدفاع الجوي في 23 يونيو 1969، ليبدأ ملحمة بناء الصواريخ.
كانت المعركة مشتعلة على خط القناة، فالغارات الإسرائيلية، لا تكاد تنقطع، والرجل بحاجة للوقت كي يسد ثغرات سماء مصر التي يحاول العدو باستمرار أن يحتلها بطيرانه.
فهمي لم يكن يبني شيئًا من الفراغ، فالرجل تلقى دراسات عسكرية متخصصة في الدفاع الجوي في كالينين بالاتحاد السوفيتي. ثم عمل مدرساً لكبار الضباط ثم قائداً للفرقة الثانية المضادة للطائرات عام 1958، وبعدها عمل في سلاح المدفعية، حتى 1966.
قرر قائد الدفاع الجوي، أن يبدأ معركته مبكراً، فوسط ظروف مرعبة، التحمت أجساد العمال بحوائط الصواريخ وقواعدها الأسمنتية، بينما الطيران الإسرائيلي يواصل الضرب، حتى سبتمبر 1970، حين قررت مصر أن تخلق مظلة آمنة لقواتها، فأسقطت طائرة استطلاع ضخمة للعدو، الذي رد بإرسال الفانتوم، ليواجهه فهمي ورجاله بمدافع المضادات، ويجبر العدو على الفرار من جحيم الدفاع الجوي، فيما عُرف إعلاميًا بعدها بأسبوع بـ«تساقط الفانتوم».
في الحرب، كان العبء مضاعفاً على الدفاع الجوي، فهو ضمانة تقدم المقاتلين في سيناء، وهو أيضًا حارس سماوات مصر من أي غدر.. في تلك اللحظة، راهن فهمي على تدريب رجاله، ونصبت منصات الصواريخ الثابتة والمتحركة، لتتساقط 303 طائرات إسرائيلية، ويأمر بنيامين بليد، الجنرال الإسرائيلي، قائد طيران العدو، طياريه بعدم الاقتراب لمسافة 15 كيلومتراً من القناة لأن «الموت حتمي هناك»، كما كتب بعدها في تقريره للجنة «أجرانات» التي حققت في هزيمة إسرائيل.
بعد الحرب، صدر قرار بتحويل الدفاع الجوي إلى «سلاح أساسي»، ليصبح «القوة الرابعة» في القوات المسلحة، بعد القوات البرية والبحرية والجوية، ولم تمر سوى سنوات قليلة، حتى عُيّن فهمي مستشاراً عسكرياً للسادات، ثم خرج من الخدمة، ليلقى ربه في لندن يوم الأحد 12 ديسمبر 1999.
باقي يوسف.. المهندس الذي هزم «بارليف»
«لدينا الآن حدود يمكن أن ندافع عنها»، هكذا قال وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه دايان، في أولى زياراته للجبهة عقب النكسة، كان ديان يرى أمامه حاجزًا مائيًا هو الأضخم في التاريخ، وجيشاً تعرض لهزيمة بشعة، وشعبًا تذوق مرارة النكسة.
ما لم يدركه ديان، أن الشعب الذي نكست رأسه الهزيمة، خرج ليطالب بالقتال فورًا بعد أيام، وكأن شيئا لم يكن، وقتها بدأ الإسرائيليون يفكرون في مضاعفة ثمن العبور لسيناء، وحسب خطة للجنرال حاييم بارليف، تم بناء خط دفاعي على طول القناة، ليكون أكبر حاجز عسكري في تاريخ البشر، وأول ما يصطدم به المصريون إذا «تهوروا»، على حد تعبير بارليف.
لم تكن أنابيب النابلم ومرابض المدفعية ومصاطب الدبابات وحدها هي المشكلة، بل أيضا الساتر الترابي الضخم الذي يجعل العدو متفوقا ومحصناً ضد أي هجوم من الضفة الشرقية للقناة.
وقتها لم يكن يشغل تفكير الضابط المهندس المصري، باقي زكي يوسف، إلا سؤال واحد: «كيف يمكن إزاحة مئات الأطنان من الرمال في الحرب؟». كان المشهد الملهم بالنسبة له هو ما حدث في السد العالي حيث كان يشارك كمهندس منذ 1964، ففكر في إحداث ثقوب في الساتر الترابي بقوة ضغط المياه.
فكر باقي، المولود لأسرة قبطية شهيرة عام 1946، في طريقة لتضييق ماسورة دفع المياه، بحيث تصبح مثل دانات المدافع في قوة الاندفاع، وفي الوقت نفسه، يمكن للجندي التحكم فيها، حتى وجد ضالته في ماكينات ضخ قادمة من ألمانيا، استطاع تطويرها لإزاحة جبال التراب.
وفي مايو 1969، عرض باقي الفكرة مكتملة على قائده، ثم عرضها في اجتماع ضم قيادات الجبهة، مستشهداً بنقل 10 ملايين متر مكعب من الرمال في عملية بناء السد العالي، ليندهش القادة من الفكرة، وتبدأ عجلة التنفيذ.
في 6 أكتوبر 1973، وتحديداً في الساعة السادسة، فتحت أول ثغرة في خط بارليف بمياه المهندس المصري، وبحلول العاشرة ليلاً كان المهندسون قد فتحو 60 ثغرة، وقتها طلب الضابط «باقي» أن تدخل المجنزرات أولًا لتهذيب الثغرات، وبعدها المدرعات، ليفاجأ العدو بأول لواء مدرع يدك حصونه في الثامنة والنصف من مساء 6 أكتوبر، من معبر القرش بالإسماعيلية.
لايزال اللواء باقي، الذي حصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة عين شمس عام 1954، يعيش بيننا، ورغم خروجه من الخدمة في 1984 برتبة لواء، وحصوله على نوط الجمهورية من الطبقة الأولى، إلا أن الرجل الذي «فتح باب النصر»، لايزال بعيداً عن التكريم الواجب.

Tuesday, October 2, 2012

ابراهيم عيسى يكتب ليس بالوعظ وحده يحكم الرئيس



أتمنى أن يكون تعقُّلا لا تنصُّلا..
تعقلا أن يكون الرئيس قد فهم أن الرئاسة ليست مجموعة من خطب الجمعة والوعظ فى مصلين يقولون آمين.. لا تنصلا أن يكون الرئيس يتنصل من مسؤوليته فى الثلث الأول من عامه الرئاسى عن أن لا شىء تحقق ولا شىء تقدم ولا شىء تحسن كما أنه لا شىء تشيَّأ!
إذن أهو النضج أم التهرب؟
فقد قال المتحدث باسم الرئاسة «إنتو بتحاسبونا على كل حاجة وعايزينا نتدخل لحل كل مشاكل الناس وده مش منطقى.. الرئاسة لها اختصاص، والوزارات والجهات الأخرى هى المسؤولة عن متابعة مشاكل الناس وحلها.. والرئيس يؤكد على ذلك حتى لا تعود دولة الفرد مرة أخرى».
هذا كلام جميل، رغم أنه أشبه بكلام جميل راتب فى فيلم «البداية»، لكنه يحمل منطق أن الرئيس ليس كل شىء، لكن المشكلة الحقيقية فيه أن الرئيس قال وفعل ووعد بعكس ذلك تماما، الرئيس محمد مرسى الذى وعد الناس فى الانتخابات بأنه سيحل مشكلات المرور والأمن والبنزين والنظافة فى مئة يوم، طبعا الناس لم تكن (أو على الأقل نصفهم) مدركة أن هذا نخع انتخابى لا مانع من الزعيق والصراخ به انفعالا، والمرشح يقوله لكن بعد الانتخابات يذوب ويذوى بَدَدًا، ومن ثم حين نجح الرجل بات مطلوبا منه أن ينفِّذ، ولأنه لن ينفذ مهما كان سوبر مان
-وهو ليس كذلك، فهو حيالله خطيب وواعظ مخلص- فقد صار الموقف ضاغطا على أعصابه جدا، ولا بد من النرفزة على المواطنين والشخط فيهم، إنه مالوش دعوة بالكلام الفاضى ده، وروح انت وهوّه على المسؤول المختص إحنا هنا الرئاسة يا ابنى مش مصلحة المصل واللقاح!
من هنا كان تصريح ياسر على ضيق الصدر جدا (مش معقول عايزين الرئيس هو اللى يحل مشاكل البوتاجاز والتأمين الصحى والصرف واعتصام صحفيى جريدة الشعب وهكذا… طيب أمال فين الدولة؟ اللى انتو بتطالبوا بيه ده شىء خطير جدا، وسيجعل الدولة تدور حول شخص واحد، وهو الرئيس ويكون فى يده كل شىء).
أنا متعاطف جدا مع الرئيس ومتحدثه، لكنه خطأ الرئيس الفادح!
أولا: لأنه وعد فلم يصدُق ولن يصدُق، فالمهام أثقل من قدراته وأصعب من أن تنتهى سريعا، هذا إن انتهت أصلا.
ثانيا: لأنه وقف فاتحا صدره من خطابه الأول يدعو الناس إلى المجىء بشكواهم وباب القصر مفتوح فذهب الناس لأنهم غلابة مصدقين، ولأنه طيب مش واخد باله، ومن ثم لم يطلب منه الناس أكثر مما وعد، وإحباطهم الآن لأنه هو الذى دعا وليس هم الذين رموا جتتهم عليه.
ثالثا: لأن الرئيس فعلا فى يده كل شىء، فالرئيس مرسى دونًا عن أى رؤساء مصر السابقين يملك صلاحيات إمبراطور يفعل ما يشاء ويملك إصدار القوانين وتعطيلها، ولا رقيب عليه ولا حسيب فما الذى يمنعه عن تنفيذ وعوده.
رابعا: ثم هو كذلك الذى جاء بحكومة من خلصائه ورجاله وتابعيه، فما الذى يعوقه عن أن يأمرهم فيطيعوا ويحاسبهم فيرتعدوا.
خامسا: لقد خوت دماغنا التيار المساند للرئيس بالخرافة الهزؤ بتاعة حكم العسكر والدولة العميقة، فإذا بـ«العسكرى» خيال مآتة والدولة العميقة عبيطة بريالة، فكيف نصدق أن شيئا يعطل هذا الرئيس عن تلك الوعود!
سادسا: أن الناس لا تطلب المعجزات، بل الفتات ومن لا يقدر على الصغيرة كيف سيقدر على الكبيرة؟!
أليس الرئيس مرسى هو الذى يلح فى التعامل، كأنه خليفة المسلمين وأمير المؤمنين، وأطيعونى ما أطعت الله فيكم، وإذا وجدتم فىَّ اعْوِجاجا فقوِّمونى، إذن عليه أن يتحمل هذه الحالة غير المؤسسية التى تجعل من الرئيس خليفة يعسّ فى الأسواق ويتنكر ليعرف أحوال الرعية.
ثم إن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، هو من قال إنه لو تعثرت بغلة فى العراق لسُئل عمر عنها، طيب أهى البغلة تعثرت، بل قطيع البغال كله تعثر.. اتفضل بقى يا سيدى الرئيس اتصرف!

وائل عبد الفتاح يكتب توسيع الاستعمار الوطنى


ماذا حدث بعد ١٠٠ يوم من وصول أول رئيس منتخب لمقعد احتله الجنرالات ٦٠ سنة؟
بل ماذا حدث بعد أكثر من ٦٣٥ يوما على قيام الثورة ضد ما سميته «الاستعمار الوطنى»؟
بدت مصر تحت الاستعمار، لكنه وطنى، أو محلى من مصريين.. فالاستعمار هو الاستيلاء على بلد سياسيا واقتصاديا.. وإخضاعه بالقوة.. وشل إرادته السياسية.. لنهب الثروات وفرض سلطات تعطل إمكانات النمو وحرية التفكير والإبداع.
وهذا ما كان يحدث بالضبط، خصوصا فى فترة حكم مبارك.. النظام خطف البلد.. استولى عليه.. وأخضعه بالقوى الجبارة للأمن (تفوق أعداد قوات الأمن مليونًا أو مليونًا ونصف المليون فى تقديرات أخيرة).. وبتزوير الانتخابات شلت إرادة الاختيار السياسى (والإرادة لا تعنى أن الانتخابات ستأتى بالأصلح من تلقاء نفسها.. لكنها تتيح التجربة والخطأ.. وتداول السلطة).. وأخيرًا كل هذا يتم من أجل نهب مصر الرابع أو الخامس.. استعمار بكل ما تعنيه الكلمة من شعور بالقهر والعجز السياسى.
الفارق الوحيد أن الاستعمار من بين مشروعاته البناء والإعمار (منها يأتى أصل الكلمة).. لأن الفكرة هى إقامة مستوطنات خارج حدود الدولة الغازية.. وتكون امتدادًا لها فى نفس الوقت.
الاستعمار الوطنى أو المحلى فى مصر تمتع بأنانية مفرطة.. ولم يهتم بالبناء.. بل هدم وحرق وأشاع الفساد فى البلاد مثلما يقولون فى كتب التاريخ التى تتناول عصور الانحطاط.
باشوات الاستعمار الوطنى.. كانوا السبب فى حالة الحنين إلى باشوات عائلة محمد على. الناس تنظر إليهم من بعيد الآن باعتبارهم رمز الزمن السعيد. زمن بناء النهضة. وقتهم كانت القاهرة مدينة جميلة.
رغم أن نعيم باشوات الأسرة المالكة كان يصطفى دائرة صغيرة من سكان مصر ويدخلهم إلى جنة ليبراليته وحداثته.
والحياة جنة. هذا ما تصوِّره حالة الحنين الطاغية إلى الملكية. وإلى فترتها التى تسمى بالليبرالية. ربما يكون حنينًا بدون وعى.
لا يرى التفاصيل ولا يدقق فى ملامح الصورة. لا يرى الحفاء والجوع والتشرد، ومجتمع النصف فى المائة. حنين لا يهتم بالتفاصيل، لكنه ينجذب إلى زمن بعيد عن كوارث ومآسى الواقع الذى نعيشه ونخاف من المجهول الذى ينتظرنا.
فى الأيام الأخيرة لمبارك كانت الغالبية تتعلق بحلم بسيط. حلم قادم من أيام باشوات محمد على.
حلم الفصل بين مؤسسة الحكم (وفسادها وباشواتها النهّابين) وبين المجتمع (وأحزابه وأفكاره.. وباشواته الذين يبنون نهضته). حلم الدولة التى تبنى نهضة، أو التى تفكر فى نهضة، حتى ولو على الموديل الأوروبى. دولة كانت البداية. لكنها مع وصول الجيل الثالث من العسكر «مبارك.. الأول» أصبحت هى النهاية. هى أول كل شىء وهى نهايته.. هى مصنع الباشوات مصاصى الدماء الذين يديرون كل شىء لحسابهم.. باشوات يملكون ثروات متوحشة. وعقولا فارغة. وأرواحًا معتمة. أتحدث عن أغلب أغنياء الاستعمار الوطنى /المحلى. يشبهون أغنياء الحرب الذين كانوا مسخرة الصحافة بعد الحرب العالمية الثانية.. جمعوا ثروات من التجارة فى مخلفات الحروب وانتقلوا بسببها من خانات الفقراء إلى الأثرياء.. ولم تحدث معها نقلات لا فى الوعى ولا الثقافة ولا الذوق.
أغنياء الاستعمار الوطنى هم نتاج حروب النظام على الشعب المصرى. النظام الذى أنهى حروبه على الجبهات الخارجية وتفرغ للجبهة الداخلية.. وجه مدرعاته باتجاه الشعب، ربما لأن الرئيس مبارك شهد لحظة نهاية الرئيس السادات بعينيه.. وقرر أن لا يصل إليها.
وكان قرار الحرب على الداخل باب السعد والثروة لجيل جديد من أغنياء الحرب.. كوَّنوا ثرواتهم من التجارة فى الموت.. موت البلد والناس.. وكل الأحلام الكبيرة فى دولة قوية.
هؤلاء الباشوات كانوا بلا ثقافة تُهذبهم من الشهوة المتوحشة للثروة.. وبلا مشروع كبير.. ليسوا رأسمالية ولا وطنية.. إنهم شىء آخر يحتاج إلى دراسات طويلة جدا عن حركة المال فى عصر الاستعمار الوطنى.
ماذا حدث؟
هل انتصرنا على الاستعمار الوطنى؟
أم أننا وسَّعنا فقط قاعدة المستعمرين، وفتحنا الباب أمام جحافل جديدة من تجار الدين الذين يطالبون بنصيب كبير فى كعكة مصر.. بما لا يخالف شرع الله؟

خالد البري يكتب يد العلم المعضوضة



الأمى بالنسبة إلىّ -على المستوى الفردى- هو اللى بيفتى فى غير مجال معرفته. زى شيوخ الأميين اللى بيفتوا فى العلم والسياسة والاقتصاد والاجتماع، وزى جمهور الأميين اللى بيحفظ ويردد من وراهم. الإنسانة اللى مابتعرفش بتتعلم، لكن الناس اللى مابتعرفش ومش معترفة إنها مابتعرفش دول المشكلة الحقيقية. دول الأميين المدمرين. دول بيلجؤوا لحاجة من اتنين كحيلة دفاعية (بالبلدى: طريقة يخبّوا بيها مشكلتهم):
١- يدّعوا المعرفة. ولو متدينين يستخدموا النصوص المقدسة ويفسروها بطريقة تقوّى ادعاءهم.
٢- يحقّروا من معرفة اللى بيعرف. ويُظهِروا العلماء بصورة مضحكة وكوميدية. ولو متدينين يقحموا الدين برضه علشان يصنّفوا العلماء، ويكرّهوا الناس فيهم وفى العلم. وكأن العلماء دول بيسهروا الليالى ويتعبوا نفسهم علشان يحاربوا الدين! العلماء كل غرضهم البحث عن الحقيقة العلمية. بعد كده هل يتوافق «التفسير الحالى» للنص الدينى مع هذه الحقيقة أم لا، دا مش مجالهم. دا مجال رجال الدين وعليهم يحلوها. لأن العلم هيمشى لقدام، واللى رجال الدين بيشككوا فيه النهارده هيبقى بكرة -غالبا- نظرية وبعدين حقيقة. دا اللى حصل خلال الخمس قرون اللى فاتوا. ولو حصل إن نظرية علمية ثبت خطؤها فده مش لأن الدين قال إنها خطأ، لأ، لأن العلماء التطبيقيين توصلوا إلى حقائق أخرى -ده مهم جدا- قادتهم إلى نظرية أخرى. الدين مالوش دعوة بالموضوع. بكرة هاتكلم عن النقطة دى أكتر.
طيب. إحنا مجتمعنا محكوم بقيم الأمية. علشان كده العلم والعلماء مستبعدين منه. الجمهور «مش عايز كده»، بفلسفة السبكى الإنتاجية. السؤال: هل لمّا نقدم للجمهور اللى هو عايزه دا الحل؟ لا، أبدا. دا بيزوّد المرض. دا استغلال لمرض المريض علشان أدخّل فلوس أكتر فى جيبى. سواء بالفيلم الساقط، أو المقال اللى كل غرضه جمهور أكتر يحبنى. ممكن يكون جمهور «العلم والفلسفة والتفكير المنطقى» فى مصر خمسة أنفار بس، مثلا يعنى، أنا شخصيا مكتفى بالخمسة أنفار دول، لأن دول أصدقائى، اللى بتجمع بيننا حاجات مشتركة، وعقلية مشتركة. دول اللى باحب ندردش سوا. الخلاص فردى، ويعتمد على اختيار الفرد. مقالاتى، يا صديقتى، غير معنية بصناديق الانتخابات ولا نسبة اللى هيصوتوا لمين قد إيه. كثرة العدد ليست دليلا على الصواب. كثرة العدد استحقاق للحصول على فرصة فى إدارة المجتمع لعدد محدد من السنين. دا أولا.
ثانيا، كل اللى باحاول أكتبه عن العلم والفلسفة غرضه إنى أطرحه بأسلوب واحد بيحبه. عندى نظرية من أيام المدرسة والجامعة أن الكتب اللى بندرسها كاتبها ناس مابيحبوش المادة. فطالعة زى الطبيخ اللى مطبوخ من غير نفس. عارفة حضرتك الطبيخ اللى مطبوخ من غير نفس؟! والله لو كلفتيه إيه مش هيطلع كويس. إنما «بصلة المحب خروف».
ثالثا: باحاول أطرح العلم -اللى باحبه- على الجمهور علشان أقول إن العلم فيه حكاوى أحلى بكتير من الخرافات والسحر والدجل اللى مغرّقين أرصفة الأمة المصرية. فيه ألغاز اتحلت وألغاز ماتحلتش. وبالإضافة لكده كله صدّق (يعنى الحقيقة بيقولك حقيقة، والفرضية بيقولك فرضية، واللى مايعرفوش بيقول لك لسه ماعِرفوش، وهكذا). فيه أحلى من كده؟! ورّينى خيال واحد من اللى بيكتبوا الدجل والشعوذة ألّف قبل الطيران قصة عن الطيران؟ورّينى واحد فيهم ألّف قصة عن القمر والمريخ بغرابة قصة الوصول المادّى إلى القمر والمريخ؟ طبعا لما أقول «ألِّف» معناها اعتنى بالتفاصيل وخلق عالمًا منطقيا متكاملا. مش إنه قال حاجات ماتدخلش عقل طفل.
وهنا ملاحظة تهمنى. انتشار التفكير فى العلم، وبطريقة تفكير العلماء، بيأثر إيجابيًّا على حاجة تانى باحبها جدا، وباعتبرها مهنتى الأساسية. بيأثر على كتابة الرواية والإنتاج الأدبى. بيخليها تعتنى بالتفاصيل. بيعلّمها تكتب «خيال ممنطق». واخدة بالك من العبارة اللى فاتت. «خيال ممنطق». الاتنين مش ضد بعض. قولى لى إنك شفتى ديناصور وانتى جاية فى شارع طلعت حرب. بس خليكى من العناية بالتفاصيل بحيث تخلينى أقتنع إنك شفتيه. زى عربية جيمس بوند أول ما ظهرت كده.
انتشار التفكير العلمى بيأثر على الصحافة، بيخليها أكثر عناية بالبناء المحكم، بالتحقيق، بالنقد. باختصار، بيأثر على كل المجتمع. بدل الغُلب اللى احنا عايشين فيه ده!!

خالد كساب يكتب يوم فى حياة غوغائى



استيقظ الغوغائى من نومه شاعرا بصداع يكاد يفتك برأسه بعد أن أنفق الليل فى النقاش مع مجموعة من الغوغائيين أصدقائه على مقهى الندوة الغوغائية.. إنفعل وشتم جميع من اختلفوا معه فى الرأى وسفسط وجادل وفعل كل ما تقتضى منه الحماقة أن يفعله.. ثم ذهب إلى المنزل مقررا إكمال السهرة أمام أى برنامج من تلك البرامج التى يظل المذيعين فيها يشتمون الآخرين.. ثم كتب استاتس على الفيسبوك مفاده أنه.. «فليذهب كل المختلفين معى فى الرأى إلى الجحيم».. ثم اتخمد ليستيقظ مصدع بينما دماغه لا يحتلها سوى هدف واحد.. شتيمة أكبر قدر ممكن من المختلفين معه فى الرأى.. سرح بعدها قليلا فى نصيحة شيخه له بضرورة التخلص من كل ذلك الفراغ الذى يحتل خلايا دماغه.. حيث أخبره شيخه أن التخلص من الفراغ ينبغى أن يأتى على هيئة ملء كل تلك المساحات الشاسعه من خلايا المخ بشيء آخر.. وهكذا قرر الغوغائى ملء تلك المساحات بالكراهية والشتيمة.. إرتدى ملابسه الغاضبة منه.. وسار فى الشارع غير المرحب به.. وقابل أناسا فى الشارع لا يعرفهم ولا يعرفونه وبادلهم الإمتعاض بإمتعاض.. ثم ذهب إلى حيث مقر عمله المتمثل فى اللجنة الإلكترونية العامة للشتيمة الكائن بذلك المكتب القذر المطل على مقلب قمامة كبير.. ينتظر الأهالى على أحر من الجمر تنظيم يوم نظافة ثانى لكى يقوموا بتنظيفه.. بدأ فى استنشاق رائحة العطن التى بدأت فى التسلل إلى خلايا مخه لتشعره بحالة مؤقتة من الرضا عن النفس والرغبة فى بدء عمله فورا.. ينظر فى قائمة الجرائد الموكل إليه شتيمة كتابها النهارده.. والتى توجد بجانبها ورقة صغيرة تحتوى على الصيغة الثابتة التى ينبغى عليه أن يقوم بكتابتها مرة واحده فقط ثم يقضيها بعد ذلك كوبى وبِست.. وعلى الرغم من تأكيدات أمين اللجنة الإلكترونية بأنه على جميع الغوغائيين مراعاة إضافة التاء المربوطة فى حالة لو كانت كاتبة.. إلا أن الغوغائيين لا يهتمون بتلك التفاصيل كثيرا.. وهكذا.. يستعين على الشقا بالله.. ويبدأ فى فتح المواقع وطرش الشتيمة !
ينهى عمله ويخرج من اللجنة وقد بدأ يشعر بالإعياء بعد فقدانه لكل تلك الطاقة من الحماقة وبعد تفريغه لكل تلك الحموله من الحقد والكراهية الخام.. يتمشى قليلا على جانبى مقلب الزبالة ومع نفاذ غاز الميثان إلى خلايا مخه يبدأ شيئا فشيئا فى استعادة شعوره بحماقته وإحساسه بهمجيته التى أهدرها على شتيمة كتاب مواقع الجرائد المختلفة.. وعندما يشعر بأن طاقته الغوغائية قد وصلت لذروتها ينظر أمامه فيجد إعتصاما سلميا.. وعلى الرغم من عدم تلقيه أى أوامر من اللجنة بتاعته بأن هناك إعتصامات بعينها المفروض يبوظها النهاردة.. إلا أن نسبة الحقد بداخله كانت قد وصلت إلى ذروتها.. وغريزة الرغبة فى الشتيمة كانت قد فعلت به الأفاعيل وأوصلته إلى الإحساس بأنه إذا لم يشتم أحدا الآن قد يصاب بحالة هبوط مفاجيء.. وهكذا.. دخل الإعتصام وهو يشتم.. «ياللا يا ولاد ال……».. كان يسير مندفعا بينما الجميع بنظر له باستغراب.. وقبل أن ينحنى على الأرض ليلتقط طوبة ويبدأ الجهاد.. كان أحد الواقفين قد أمسك به من يده سائلا إياه.. «إنت بتعمل إيه»؟!.. فأخبره الغوغائى ببراءة.. «باناضل.. مش دا برضه اعتصام «؟!.. فأخبره الرجل بغضب ممتزجا بحزن.. «لأ.. دا طابور أنابيب بوتاجاز» !
سار الغوغائى فى الشارع حزينا ومحبطا.. جلس على المقهى وانهمك فى الخناق مع دبان وشه.. من منطلق «أهو أى خناقة والسلام».. إلا أنه كان مفتقدا لذلك الشعور الخاص بأن تتخانق مع حد فيرد عليك والخناقة تتصاعد.. ولم ينقذه من الخناق مع دبان وشه سوى أصدقائه الغوغائيين الذين ظهروا فجأة.. وبعد السلامات والأحضان و«تشربوا إيه»؟.. «نشرب شاي».. بدأ النقاش واحتدم حتى تحول إلى خناقة.. كانوا جميعا سعداء وهم يشتمون بعضهم البعض وأسهم فى ارتفاع معدل سعادتهم أن ضيفين من النخبة فى أحد البرامج التليفزيونية كانا يتخانقان هما أيضا فى التليفزيون الموضوع على حامل فى صدارة المقهى !
ذهب الغوغائى إلى منزله راضيا بتلك الشتائم التى شتمها على مدار اليوم للجميع.. أى نعم لم يقرأ أو يشاهد أو يفعل شيئا من الأشياء التى يحبها.. أى نعم لم يجلس مع شخصا يحبه.. إلا أنه قد أخرج ما بداخله من حقد خام.. وهذا يكفى جدا.. لهذا.. فرد جسمه على السرير بغضب ممزوج بالرضا.. ثم شتم نفسه.. و نام !

الدكتور محمد البرادعي يكتب سنوات الخداع 17



قررت أن أتخذ موقفًا إيجابيًّا إزاء كل ما يجرى، فاصطحبت فريقًا من خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتوجهنا إلى طرابلس فى زيارة استغرقت الأيام القليلة التى تفصل بين عطلة عيد الميلاد ورأس السنة. واصطحبَنَا الليبيون إلى مستودعات المعدات النووية، حيث وجدنا أن برنامجهم كان محدودًا. قيل لنا إنهم كانوا قد بدؤوا تركيب عدد قليل من أجهزة الطرد المتتابعة لاختبارها فقط، وإن مجموعة من تسعة أجهزة هى فقط التى اكتملت، وإن أيًّا منها لم يختبر بمواد نووية. وقال لنا الليبيون إنهم لم يقتربوا بعد من الوصول إلى مراحل الإنتاج الصناعى، كما أنه ليس لديهم برنامج لصنع سلاح نووى.
وكان من الواضح أن ليبيا لديها نحو عشرين جهاز طرد كامل ومكونات لمئتى جهاز آخر من طراز «P–1»، وهو الجيل الأول من الطراز الباكستانى الذى رأيناه فى إيران، وأنها كانت قد طلبت عشرة آلاف جهاز من طراز «P–2» الأكثر تقدمًا، ولكن العديد من مكوناتها الرئيسية لم يكن قد سُلّم بعد. ويبدو أن عبد القدير خان قد حاول المساعدة عن طريق إحدى الشركات فى جنوب إفريقيا، ولكن مسعاه لم ينجح فلجأ إلى شركة أخرى فى ماليزيا، ولكن الليبيين كانوا قد كشفوا عن برنامجهم قبل تصنيع هذه المعدات.
وفى تصريحات صحفية حول ما رأيتُ فى ليبيا وصفتُ حال البرنامج النووى لطرابلس بأنه فى أولى مراحله. غير أننى بالرغم من ذلك كنت قلقًا، حيث إن معدات تحويل اليورانيوم كان قد تم تركيبها بأسلوب منهجى ومنظم فى شكل وحدات، الأمر الذى يدل على أن طرابلس كانت قد حصلت على مساعدة فنية جيدة ومتقدمة من جهة ما، وأن من وضع هذا التصميم السهل ربما يكون فى ذهنه أن يتكرر ذلك مع دول أخرى.
ولم يكن أحد يعلم على وجه الدقة عدد الأشخاص الذين نقل لهم عبد القدير خان ما لديه من معلومات، رغم كثرة ما سمعناه من آراء وشائعات، وفى الوقت نفسه كان القليلون فى ليبيا هم الذين يعلمون حجم المبالغ المالية التى حصل عليها خان نظير الخدمات التى قدمها إلى ليبيا. وبالتالى فإن السؤال المُلِحّ فى أذهاننا جميعًا كان يدور حول العملاء الآخرين الذين استطاعوا التعامل مع هذه الشبكة السرية للإمدادات النووية وتوافرت لهم الموارد المالية اللازمة لدفع مقابل هذه الخدمات.
وبينما كنت فى ليبيا تلقيت دعوة للقاء العقيد معمر القذافى؛ وهو اللقاء الذى تم فى ثكنة باب العزيزية العسكرية فى وسط طرابلس.
وانتظرتُ لقاء القذافى فى غرفة باردة، وكنت سعيدًا بارتداء معطفى فى هذه اللحظات. ثم جاء لتحيتى واحد من أقرب معاونى القذافى؛ وهو بشير صالح بشير الذى أكد لى التزام ليبيا بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعاونًا كاملا. وبعد فترة قصيرة دخل وزير الخارجية عبد الرحمن شلقم إلى الغرفة ودعانى إلى الدخول للقاء العقيد القذافى. وتم اصطحابى إلى غرفة جيدة التدفئة، بها القليل من الأثاث ومكتب كبير ومكتبة واسعة بها مجموعة قليلة من الكتب العربية المتناثرة على رفوفها.
وخلف هذا المكتب كان العقيد القذافى يجلس مرتديًّا جلبابًا ليبيًّا تقليديًّا، ودعانى أنا وشلقم لنجلس على المقاعد المواجهة للمكتب من الناحية الأخرى. ولقد تحدث القذافى بصوت خفيض أكثر مما توقعت، وجاء حديثه به قدر من الود وأيضا قدر من التحفظ.
وما زلت أتذكر بوضوح الكلمات الأولى التى قالها لى خلال هذه الجلسة: «الحقيقة أنا لا أفهم لماذا تكرهك الحكومة المصرية! لقد قال لنا المصريون إنهم يستطيعون مساعدتنا فى تفكيك برنامج أسلحتنا النووية بصورة أفضل من الوكالة الدولية التى ترأسها، ومن العاملين فيها».
ثم سألنى القذافى إذا ما كنت ناصريًّا. وقال: «لقد نشأتَ فى زمن عبد الناصر ولا بد أنك من أشد معجبيه؟»، فأجبتُه بالنفى؛ وهى الإجابة التى ربما خيبت آماله، لأنه كان ينظر إلى عبد الناصر على أنه مثله الأعلى، وأضفت قائلا «إن عبد الناصر كانت لديه أفكار ومبادئ جيدة جدّا، لكن كثيرا من هذه الأفكار وهذه المبادئ أخفق فى التطبيق العملى».
ثم بدأ القذافى يتحدث عن قراره تفكيك الأسلحة النووية التى بحوزة ليبيا، بعد أن وصل إلى قرار أن مثل هذه الأسلحة لا تسهم فى زيادة الأمن الليبى. وأعرب القذافى عن اعتقاده بأنه لا ينبغى لأى دولة، سواء فى الشرق الأوسط أو فى العالم بأسره أن تقتنى الأسلحة النووية. ولقد اتفقتُ مع هذا الطرح بالكامل وبكل حماس. ثم بدأ القذافى يتحدث عن أمور أخرى، بما فى ذلك مكانة ليبيا التى كان يرى أنها على صغر حجمها -من وجهة نظره- لها مكانة كبيرة على ساحة السياسة الدولية، وأخذ يسوق بعض الوقائع للتدليل على ما قاله، ولم تكن كل هذه الوقائع إيجابية على كل الأحوال.
وبدا لى مما قاله القذافى أنه غير متابع لتطورات التحالفات والتغييرات على الساحة الأمنية فى العالم، ومن ذلك أننى عندما تحدثت إليه عن مظلة التأمين النووى لحلف الأطلسى (الناتو) فإنه أمسك بقلم رصاص وبدأ يدون بعض الملحوظات.
والحقيقة أن القذافى تحدث بحماس خلال هذا اللقاء عن رغبته فى تطوير ليبيا، وعن رغبته فى تحسين البنية التحتية، وبناء مزيد من الطرق، وكذلك عن رغبته فى أن يحصل الطلاب الليبيون على مِنح دراسية فى الجامعات الغربية، وأن تحقق ليبيا تقدمًا فى مجال العلوم والتكنولوجيا. وسألنى القذافى عما إذا كنت أستطيع أن أثير هذه الأمور مع «جورج بوش» و«تونى بلير» لأحصل على دعمهما لأفكاره بالنسبة إلى مستقبل ليبيا.
وخلال اللقاء نفسه طلب منى القذافى أن أُدلى بتصريحات تفيد بأن ما قامت به ليبيا ينبغى أن يكون مثلا يُحتذى لغيرها من دول الشرق الأوسط، بما يمكن أن يجعل هذه المنطقة خالية من الأسلحة النووية. وأكدت للقذافى دعمى جهود إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، كما وعدته أن أتحدث مع الأمريكيين والبريطانيين عن تقديم الدعم الاقتصادى لليبيا. وبالفعل فقد أثَرْت هذا الأمر مع «جاك سترو»، وزير الخارجية البريطانى، وعدد من المسؤولين الأمريكيين الذين وعدوا بأن يُبدوا تجاوبا إزاء الاحتياجات الليبية، حيث كانوا يرون أنه من مصلحة الجميع أن تحقق ليبيا نقلة نوعية اقتصادية ومالية بما يسمح بتطبيع العلاقات بين طرابلس والمجتمع الدولى.
ولم تكن زيارتى ليبيا، والتى أتت مباشرة بعد الإعلان الذى قام به «بوش» و«بلير»، مُرحّبًا بها من قِبل جميع المعنيين فى واشنطن، حيث أراد بعض المسؤولين الأمريكيين أن يحصلوا وحدهم على التقدير الكافى للكشف عن برنامج ليبيا السرى لأسلحة الدمار الشامل وأن يتفاوضوا هم مع طرابلس من أجل تفكيكه وإنهائه.
وبالنسبة إلى فإن مسألة التقدير لم تكن ذات بال، وما كان يشغلنى فعلا فى هذا الصدد هو أن أمريكا وبريطانيا لم تقوما بالوفاء بالالتزامات المقررة عليهما بوصفهما طرفين فى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، فى ما يتعلق بوجوب إبلاغ الوكالة عن البرنامج السرى الليبى للأنشطة النووية. ولكن بعد أن حصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على هذه المعلومات أصبح لزاما عليها أن تقوم بواجبها القانونى بمتابعة هذا الملف.
وفى 2 يناير 2004، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تصريحات لرئيس الوزراء الليبى شكرى غانم يطالب فيها الولايات المتحدة الأمريكية بالوفاء بما تعهدت به من التزامات بموجب الصفقة التى قامت ليبيا على أساسها بتفكيك برنامجها للأسلحة النووية، وأهمها رفع العقوبات التى طال عليها الأمد، ومن بينها أن تقوم واشنطن بإنهاء الحظر المفروض على شركات النفط الأمريكية إزاء التعامل مع ليبيا، وكذلك أن ترفع الحظر عن أرصدة ليبية قيمتها مليار دولار أمريكى. وأشار غانم فى نفس التصريحات إلى أن ليبيا ترى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية هى المسؤولة عن تفكيك برنامج التسلح النووى الليبى.
ولأن هذه التصريحات جاءت بعد أيام قليلة من زيارتى ليبيا فلقد أثارت بالطبع الحساسية الأمريكية. كما نقلت «نيويورك تايمز» فى نفس المقال الذى تضمن تصريحات غانم، تصريحات منسوبة إلى مصدر بالإدارة الأمريكية وصف فيه زيارتى ليبيا بأنها «محاولة غير موفقة للدعاية». وحسب ما نقلته «نيويورك تايمز» عن المسؤول نفسه فإن تفكيك البرنامج الليبى للأسلحة النووية سيتولاه خبراء أمريكيون وبريطانيون. وبدا من تصريحاتهم أن الولاية القانونية الصريحة للوكالة الدولية للطاقة الذرية فى ما يتعلق بالتحقق من الأنشطة النووية فى الدول الأطراف فى المعاهدة لم تكن أمرًا يدخل فى الحسبان لديهم.
كما أن الأمريكيين لم يرُق لهم ما صرحتُ به بأن الوصف المبدئى للبرنامج النووى الليبى يوضح أن هذا البرنامج فى مراحله الأولى وبالنسبة إليهم فإن دور المخابرات الأمريكية والبريطانية فى الكشف عن البرنامج الليبى النووى كان سيكون أكبر لو أنه تم تصوير هذا البرنامج على أنه فى مراحل متقدمة، وأنه يمكن لليبيا أن تكون قريبة من إنتاج أسلحة نووية. وفى كل الأحوال فإن تقييمى الأول تَوافق مع ما خلص إليه خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذين قاموا بزيارات متتالية إلى ليبيا فى الأسابيع والشهور التالية لزيارتى، للتحقق من تفاصيل وطبيعة البرنامج الليبى.
والمثال الجيد على ذلك هو منشأة تحويل اليورانيوم فى صلاح الدين. فقد تبين أن العلماء الليبيين كانوا يعملون من الثمانينيات على مستوى الاختبارات المعملية والتجريبية فى أنشطة تحويل اليورانيوم بمساعدة أحد العلماء الأجانب. وفى سنة 1984 طلبت ليبيا من الخارج معدات منشأة تجريبية لتحويل اليورانيوم فى شكل مكونات محمولة تسلمتها فى 1986، ثم تم تخزينها فى مواقع مختلفة بالقرب من طرابلس حتى سنة 1998 عندما تم تجميعها جزئيًّا ونقلها إلى موقع الخلة. وفى فبراير 2002 بدأ العلماء الليبيون اختبارات «على البارد»، لكنهم عادوا بعد شهرين، وبسبب مخاوف من اختراقات أمنية، بتفكيك المنشأة وتعبئة كل مكوناتها وشحنها إلى موقعها الحالى فى صلاح الدين.
فماذا كان حجم قدرات تحويل اليورانيوم فى موقع صلاح الدين؟ دلت تحاليل العينات التى أخذناها، على أن ليبيا لم تستخدم اليورانيوم فى أى وقت فى هذه المنشأة. وكانت الوحدة التجريبية ذات قدرة محدودة، وليس بإمكانها إنتاج غاز «هيكسا فلورايد» من اليورانيوم، وهو مادة التلقيم اللازمة لتخصيب اليورانيوم. وحتى على المستوى المعملى لم يقم العلماء الليبيون بإنتاج «UF6» محليًّا.
كذلك فإن دورة الوقود النووى لديهم كانت محدودة النطاق والقدرة، كما كانت تفتقر إلى الخبرة العملية. ولم تكن هناك أى عمليات تعدين أو طحن، فقد اقتصرت قدرات التخصيب لديهم على عدد محدود من أجهزة الطرد التى لم يكن بها أى مواد نووية سواء للإنتاج أو لمجرد الاختبار. لقد اشتروا ورش آلات دقيقة لإنتاج أجهزة الطرد محليّا. لكن أجزاءها ظلت فى صناديقها التى تم شحنها فيها. وفى المفاعل البحثى فى تاجورا قاموا بتشعيع عدة مجموعات من أجزاء اليورانيوم معظمها لا يزيد على جرام واحد، وقاموا بفصل البلوتونيوم من اثنين منها بكميات ضئيلة للغاية. ولم يقوموا بأى عمل يتعلق بالتسلح النووى. كانوا قد تلقوا تصميمات، ولكن هذه التصميمات ظلت حبيسة «الأكياس» التى جاءت فيها وظلت محفوظة كما هى فى خزينة معتوق.
وبينما كان عمل مفتشى الوكالة ما زال فى بداياته فقد كانت وكالات الأنباء الغربية تنقل عن مسؤولين فى بريطانيا وأمريكا أن خبراء من البلدين فى طريقهم إلى ليبيا لتفكيك برنامجها للتسلح النووى وشحن المعدات إلى خارج ليبيا. فما كان منى إلا أن اتصلت بمندوب بريطانيا لدى الوكالة «بيتر جينكنز» وقلت له بصراحة ودون مواربة إنه فى حال حدوث ذلك قبل أن تنهى الوكالة عملها، فإننى لن أتردد فى الدعوة إلى عقد اجتماع لمجلس محافظى الوكالة لأخبرهم «أننى بسبب تدخلات بريطانيا وأمريكا فإننى لم أعد قادرًا على القيام بالمسؤوليات القانونية التى تقع على عاتقى بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وأرجوك أن تبلغ حكومتك بموقفى هذا». كنت قد سئمت من تلك الألاعيب وقررت أننى لن أبقى صامتًا.
وبعد أيام قليلة اتصل بى «كولين باول» ليخبرنى أنه سيرسل «بولتون» ونظيره البريطانى «ويليام إهرمان» إلى فيينا ليتناقشا معى حول سبل التعاون بشأن الملف الليبى. وقال لى «باول»: «إنه ينبغى علينا أن نحترم اختصاص الوكالة؛ فى إشارة إلى التفويض القانونى للوكالة الدولية للطاقة الذرية بمقتضى معاهدة منع الانتشار». ثم أضاف «باول»: «وبالطبع نحن أيضا لدينا مصالحنا».
وأجبته: «إننى أتفهم ذلك، ولكننى فى الوقت نفسه لدىّ تفويض من قِبل الدول أعضاء الوكالة ولا يمكنى بأى حال التفريط فيه».
وقد قرر «باول» أن يتوقف عند هذا الحد، وأبلغنى أنه التقى «بولتون» صباح اليوم وأن «بولتون» «يتطلع جدّا للقائى»!
لم أكن واثقًا من مسألة تطلع «بولتون» للقائى، لأننى أتذكر من خلال لقاء سابق لى معه، لدى توليه منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الحد من التسلح والأمن الدولى، قوله إنه سيضطر إلى العمل بطريقة مخالفة لما كان يكتبه، مشيرًا بذلك إلى انتقاداته اللاذعة حول الأمم المتحدة ومنظماتها. ولكن رسالة «باول» المبطنة لى كانت مطمئنة، وهى أن «بولتون» قادم إلى فيينا بتعليمات محددة بأن لا يثير المشكلات.
وفى الحقيقة فإن اللقاء الذى تم بينى وبين «بولتون» بعد هذه المكالمة اتسم بالمهنية. وقد بدا «بولتون» حريصًا على التوصل إلى اتفاق، وبدورى قلت له إننى لا أعتزم التنازل عن الصلاحيات الممنوحة للوكالة ولا عن المسؤوليات المنوطة بها. وفى خلال هذا اللقاء اتفقنا على أن الوقت سيُترك لمفتشى الوكالة للانتهاء من عملهم المتعلق بالتفتيش والتحقق وأخذ العينات، ثم ستتاح الفرصة بعد ذلك للخبراء من أمريكا وبريطانيا لأن يقوموا بتفكيك برنامج ليبيا النووى تأسيسًا على الاتفاق المقرر بين هذه البلدان الثلاثة.
وانتهت المقابلة بصورة ودية، وهو الأمر الذى استراح له جدّا «وليليام إهرمان» الذى يبدو أنه كان يتوقع احتكاكًا بينى وبين «بولتون». والحقيقة أن الاتفاق تم تنفيذه أيضًا بسلاسة دون حدوث أى مشكلات بين مفتشى الوكالة وخبراء أمريكا وبريطانيا.
ومما سهل مهمة مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بصورة تكاد تكون غير معتادة، هو التعاون الكامل والابتعاد عن المراوغة من قِبل الليبيين. وإلى جانب ذلك فقد حرص معتوق على القيام بزيارات دورية لى فى فيينا للتأكد من انتظام العمل وعدم وجود أى عوائق. لقد كان عملنا فى ليبيا تغييرًا إيجابيًّا بالمقارنة بالتجارب التى مررنا بها فى العراق وكوريا الشمالية وإيران. وبنهاية يناير كان مفتشو الوكالة قد أنهوا الجزء الأكبر من المرحلة الأهم فى عملية التفتيش والتحقق، ومباشرة بعد ذلك تم تفكيك معدات مخصصة لتشغيل دورة الوقود النووى، وحسب الاتفاق الذى تم بين واشنطن وطرابلس تم شحن هذه المعدات إلى أمريكا.
وفى الثالث والعشرين من فبراير توجهتُ إلى طرابلس لإجراء محادثات، ووجدت فى الفندق الذى أقيم فيه عددًا كبيرًا من رجال الأعمال الغربيين، خصوصًا من العاملين فى مجال البترول، وبعد ذلك تسربت معلومات حول قرب رفع العقوبات المفروضة على التعامل مع ليبيا. وخلال حديثى مع المسؤولين الليبيين الذين كانوا يحاولون اللحاق بكثير من التطورات المتتالية بدا لى أنهم يمكن أن يقعوا فريسة للاستغلال فى هذه المرحلة التى تشهد انفتاحًا جديدًا على ليبيا.
وخلال حديثى مع وزير الخارجية شلقم قال لى إن المشكلة التى تواجه ليبيا هى نقص الكفاءات من المديرين، وبالطبع فإن ذلك كان أمرًا متوقعًا، كون أن ليبيا قد تعرضت للعزلة الدولية لأكثر من عشرين عامًا. وخلال هذه الأعوام العشرين فإن الكثير من الكفاءات والعقول الليبية كانت قد هاجرت، وباستثناء بعض الليبيين الذين حصلوا على التعليم فى الخارج وبعض كبار المهنيين والعلماء النوويين، فإن حظوظ ليبيا من كفاءات الوظائف الحكومية كانت محدودة للغاية.
ومن المسؤولين القليلين التى كانت لديهم خبرة الشؤون الدولية موسى كوسا رئيس المخابرات الليبية، الذى كان قد ذهب لاستكمال دراسته العليا فى العلوم الاجتماعية بجامعة ميتشيجان، وخلال هذه الدراسات قام بكتابة رسالة الماجستير عن معمر القذافى. كما أن شلقم أيضا عاش سنوات طويلة فى الغرب، من بينها السنوات التى أمضاها سفيرًا لبلاده لدى إيطاليا. وقد تبادلتُ الحديث مع الاثنين حول ضرورة اكتساب ليبيا الكفاءات والمهارات التفاوضية، وضرورة أن تحصل ليبيا على عوائد مناسبة وعادلة مقابل مواردها الطبيعية.
وتطرق الحديث مع شلقم وكوسا أيضا إلى التعقيدات التى تحيط بالعلاقات مع دول شمال إفريقيا، وإلى الاتهامات التى تواجه ليبيا فى العالم العربى بعد إعلانها تخليها عن برامج أسلحة الدمار الشامل بأنها باعت ثلاثين عامًا مما يطلق عليه المواقف «الثورية» فى الكثير من الموضوعات.
وقد علمتُ خلال هذه المحادثات أن النظام المصرى -على وجه الخصوص- كان مستاءً من أن ليبيا لم تُخطره عن برامجها لأسلحة الدمار الشامل التى كانت تحاول تطويرها، أو عن مفاوضاتها مع أمريكا وبريطانيا. وكان الرئيس مبارك قد قال فى أحد خطاباته قبل فترة وجيزة من الكشف عن برنامج ليبيا للأسلحة النووية: «أنا أعلم ما لدى ليبيا.. والليبيون ليس لديهم أسلحة دمار شامل». وبالطبع فإن الكشف عن هذا البرنامج مثَّل إحراجا له.
وأرسل الليبيون عبد الله السنوسى رئيس المخابرات العسكرية الليبية وصهر القذافى، إلى مصر لمحاولة تطييب خاطر مبارك، ومع ذلك فإن الصحافة المصرية وجهت النقد إلى القذافى على تخليه عن برنامج التسلح، وهو ما أتبعه القذافى بإنهاء دخول المصريين ليبيا دون تأشيرات، وكان ذلك القرار قاسيًا بالنظر إلى أنه كان هناك قُرابة نصف مليون مصرى يعملون فى ليبيا فى ذلك الوقت. وفى النهاية قرر المصريون وضع حد لانتقادات الصحافة المصرية للقذافى، وبعثت القاهرة بوفد من الحكومة المصرية لمحاولة حمل القذافى على تعديل قراره.
ولم يكن من الصعب أن يخلص المتابع لهذا الأمر إلى أن العلاقات الليبية- المصرية تحكمها الأهواء والانفعالات اللحظية، لا التعاون القائم على التخطيط المنطقى.
من جانبهم كان لدى المسؤولين الليبيين الكثير من النقد للحكومة المصرية، خصوصًا فى ما أشاروا إليه من «تقدم مبارك فى العمر بدرجة لم يعد من الممكن معها أن يقدم الكثير، سواء على الصعيد الداخلى لمصر أم للعالم العربى». وعلق أحدهم قائلا «أنت تعلم أهمية مصر من حيث قيادة العالم العربى، فإذا توقفت القيادة المصرية فإن العالم العربى لا يتحرك كثيرًا، أما إذا تحركت مصر للأمام فإن العالم العربى سيتبعها».
لم تُسهم حملة إعلامية أطلقها وزير الطاقة الأمريكى «سبنسر إبراهام» فى تحسين موقف ليبيا فى العالم العربى. ففى السادس عشر من مارس اتصل بى معتوق ليعرب لى عن غضبه مما يقوم به «إبراهام» الذى أحضر عددًا كبيرًا من الصحفيين ليصوروا بأنفسهم المعدات النووية التى أرسلتها ليبيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد قرارها التخلى عن برنامج التسلح النووى، بينما وصفه «إبراهام» بأنه «انتصار كبير للغاية»، وأن هذه المعدات هى مجرد بداية لما سيصل من ليبيا. وأضاف «إبراهام» أنه «بأى معيار موضوعى، فإن الولايات المتحدة الأمريكية والعالم المتحضر بأسره أصبح أكثر أمانًا، نتيجة الجهود التى أدت إلى تخلص ليبيا من هذه المواد النووية».
وبغض النظر عن الإهانة التى تضمنتها تصريحات «إبراهام» فى حديثه عن «العالم المتحضر»، فإن تقييمه لما كان يمكن أن يتسبب فيه البرنامج النووى الليبى كان تقديرًا مبالغًا فيه إلى درجة كبيرة، خصوصًا فى ما قاله عن امتلاك ليبيا أربعة آلاف جهاز طرد، لأن معظم هذه الأجهزة لم يكن قد اكتمل. ولفت هذا الأمر انتباه المتخصصين داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، واستدعى انتقاداتهم. وكان من بين هؤلاء «ديفيد أولبرايت» رئيس واحد من أهم المعاهد المتخصصة فى دراسات الأمن النووى والذى قال «إن الحديث عن أن البرنامج الليبى كان خطيرًا جدًّا وأننا يجب أن نكون جميعًا سعداء، هو جزء من حملة دعائية مبالغ فيها يقوم بها البيت الأبيض للحصول على مكاسب سياسية».
ولقد جاء اتصال معتوق بى وأنا فى واشنطن للقاء الرئيس «بوش»، وطالبنى معتوق بالتدخل لدى الأمريكيين لوقف مثل هذه الأنشطة الدعائية التى تضر بصورة ليبيا فى الداخل وفى العالم العربى، وتجعل ليبيا تبدو وكأنها خضعت لرغبة الولايات المتحدة الأمريكية فى تفكيك برنامجها للتسلح.