Sunday, September 23, 2012

الأستاذ وائل قنديل يكتب في الشروق :- تجارة الرقيق فى المدارس الخاصة

لم تقترب الثورة من دويلات وممالك تمارس حكما ذاتيا على أرض الجمهورية المصرية، تمارس نفوذها وتوسع حدودها وسلطاتها بعيدا عن الدستور والقانون.. من أبرز هذه الممالك عالم التعليم الخاص فى مصر، الذى يتعامل مع الطلاب وأولياء أمورهم باعتبارهم من ممتلكاته.

وإليك هذه الواقعة: عائلة محترمة تعيش فى القاهرة الجديدة ألحقت أولادها بمدرسة خاصة فى مدينة نصر تمتلكها ابنة عسكرى كبير راحل.. قبل أن يبدأ العام الدراسى الحالى تلقت الأسرة صدمة إصابة ابنتها تلميذة الابتدائى بالسكر، فقررت البحث عن مدرسة أخرى أقرب للسكن.. ذهب الأب والأم طالبين التحويل بعد العثور على أماكن شاغرة لأولادهم بمدرسة أخرى قريبة.. كان ذلك قبل دخول العام الدراسى، وبدأت مماطلة المدرسة القديمة فى إعطاء ملفات أولادهم حتى بدأت الدراسة.. وهنا قررت إدارة المدرسة ألا تتنازل عن الملفات إلا إذا دفعت الأسرة رسوم العام الدراسى الجديد كاملة.. وكأنها تمتلك صكوك ملكية عبيد لن يتحرروا إلا إذا دفع ثمنهم كاملا.. وحسب رواية الوالدين لم تكن حالتهما هى الوحيدة، حيث كان معهما أسر أخرى قررت الاعتصام بالمدرسة لحين تحرير أولادهم، غير أن أمن المدرسة أخرجهم بالقوة ما دفعهم لاستدعاء شرطة النجدة التى حررت محضرا بالواقعة واختفت.

وبعدها توجه أولياء الأمور إلى إدارة مدينة نصر التعليمية، وحصلوا على موافقة منها بالتحويل، غير أنهم حين رجعوا للمدرسة قوبلوا بالتعنت ذاته ورفضت إدارة المدرسة اعطاءهم ملفات أبنائهم وبناتهم.. ومن الإدارة إلى المديرية إلى وزارة التربية والتعليم يتنقل أولياء الأمور «كعب داير» منذ أكثر من أسبوعين، والمفاجأة أن أكثر من مسئول قابلوه ما أن يسمع اسم المدرسة وأصحابها حتى يقول إن أحدا لا يستطيع معها شيئا، وإن المشكلة لن تحل إلا إذا تعطفت وتنازلت عن صكوك امتلاك التلاميذ.

لقد صعقت حين سمعت من أحد أولياء الأمور تفاصيل ما دار بينه وبين أكثر من مسئول فى التربية والتعليم ذهب إليهم يبحث عن حل، فكلهم يتحولون فى لحظة من مسئولين إلى وسطاء أقصى ما يعدون به أنهم سيحاولون الاتصال بالهانم مالكة المدرسة لمقابلة أولياء الأمور والنظر بعين العطف لمشكلتهم.. والأقسى والأكثر مرارا أنهم يتبعون هذه المبادرة الإنسانية بالقول إن من حق المدرسة أن تحصل على رسوم العام الدراسى، مع التأكيد على أنه لا حول لهم ولا قوة فى الموضوع.

وكما يحكى أولياء الأمور فإن هناك قرارا يعود للعام 2009 ينص على أنه لو دفع طالب رسوم العام الدراسى وقرر التحويل من المدرسة قبل أن تبدأ الدراسة فإن عليه أن يتنازل عن عشرة بالمائة من إجمالى الرسوم.. وإذا بدأ اليوم الأول للدراسة يفقد رسوم التيرم الأول كاملة.. والمفاجأة أنه فى الحالات التى نحن بصددها لم تدفع هذه الأسر المصروفات من الأساس، بعضها عجز عن توفير المبلغ المطلوب فقرر نقل أولاده للتعليم العام، والبعض الآخر أجبرته ظروف طارئة على ذلك، ومع ذلك تقايضهم المدرسة على سداد خمسة وستين فى المائة من إجمالى الرسوم كى تعطيهم صكوك عتق أولادهم.

والقصة مليئة بتفاصيل أخرى عجيبة ومخجلة.. ما رأى السيد وزير التربية والتعليم فى حكومة الثورة؟

No comments:

Post a Comment