Sunday, September 30, 2012

ابراهيم عيسى يكتب ليبراليو الوهابية فى دستور الإخوان



فرقٌ كبيرٌ بين التوفيق والتلفيق..
جهود حثيثة نشهدها الآن فى لجنة الدستور سواء من الإخوان أو من الأعضاء الذين اختارهم الإخوان من غير التيار الإسلامى لزوم تجميل اللجنة، تسرع من إيقاع وحماس تمثيل مسرحية التنازلات المشتركة من الطرفين حتى تقطع الطريق على كشف عورات هذا الدستور وعوار واضعيه.
إن لجوء الإخوان المتلهف إلى الإخوة المحسوبين على القوى المدنية (ونحتسبهم عند الله) إنما يشبه الاستعانة بمحلل يبيح الزيجة غير المشروعة لهدف واحد هو إنقاذ وجه الطرفين ذوَى الوجهين.
الإخوان الذين يسعون للاستحواذ على الدولة ويستخدمون نفس الأساليب الفجة والتعسة التى احترفها مِن قبلهم النظام السابق، يريدون تمرير دستور يسمح لهم بالترويج لجمهورهم ثم لمستهدفيهم من الجمهور أنهم نصروا الإسلام وأعزوا الشريعة وواجهوا الملاحدة وأعداء المشروع الإسلامى.
حقيقة الأمر أن الإخوان والسلفيين يريدون من الدستور أن يكون دعايتهم الانتخابية فى معركة الانتخابات البرلمانية القادمة، فهو إنجازهم الوحيد إلى جانب إنجاز تحوُّل الرئيس مرسى إلى واعظ مصر الأول وأشهر خطيب مسجد فى العالم.
أما المحسوبون على التيار المدنى والذين، يا للمفارقة، يتحدثون عن أنفسهم باعتبارهم ليبراليين بينما هم يرضون بالتنازل عن قيم الحرية والعقل ويتوافقون مع التخلف ويضعون نظريات للقبول برجعية البداوة فهم فعلا ليبراليو الوهابية الجدد، يريدون دورا تحت الأضواء التى خَبَت عنهم وتكثفت على غيرهم والتزموا نفس المنهج السقيم القديم وهو أن يحاولوا لعب دور المعارضة الرسمية المستأنِسة المعترِفة بتفوق الحزب الحاكم ليتحصلوا منه على الفتات من المقاعد فى تنسيق انتخابى خائب كعادة هذا المنهج الذى ينتهى به الحال دائما إلى تحول هؤلاء إلى قطط منتظرة أمام محلات السمك.
الطرفان، مع اعترافى بحسن نية البعض وإخلاص البعض الأقل، يدّعيان القدرة على التوفيق بين مطالب المدنية ومساعى الغلوّ والتطرف الدينى، ولا أحد قال لنا كيف ستتم معجزة إبراء الأكمه وشفاء الأبرص عن طريق هؤلاء، فالمؤكد أن مادة فى الدستور تنص على حرية عقيدة لا يمكن أن تتوافق مع مادة تحدد العقيدة بأنها الأديان الثلاثة، واستمرار المادتين حتى نُرضِى الطرفين تلفيق لا توفيق.
ثم عندما تكون هناك مادة تبيح زواج القاصرات، وإن تلميحًا، لا يمكن أن تتوافق مع مادة تتحدث عن الحفاظ على حقوق الطفل، واستمرار المادتين معًا حتى يشعر كل طرف أنه نجح فهذا تلفيق لا توافق.
وأن يكون هناك نص على حرية الصحافة ثم آخَر على حق تعطيل الصحف، فكيف يتصور السادة الملفقون من جماعتنا فى الإخوان أو ليبراليى الوهابية أن هذا يَخِيل على الناس كأنه لا تناقض أو تنافر؟!
يناضل الإخوان كى يخرجوا بهذا الدستور من كهفهم الذى يحرسه الغريانى بتوتره التوافقى! ممسكين فى يدهم بليبراليى الوهابية كشهود من أهلها ويهللون بخروج دستور الثورة، وهو دستور يليق بأن يكون دستور ثورة القاهرة الأولى فى أثناء الحملة الفرنسية لا ثورة يناير!
لكن هذا الدستور التلفيقى لا يمنح لهؤلاء ولا أولئك براءة من التلفيق، بل الأمر ممارسة علنية للفحشاء السياسية ليبرر ليبراليو الوهابية لأنفسهم مهزلتهم وتجارتهم الفاسدة مع الغلوّ والتطرف، وليصرحوا ويثرثروا ما شاؤا أن يفعلوا وُسْع الطاقة، وهى واسعة والحمد لله، لكن هذا لن يحقق لهم إلا مكانة ممتازة فى قهوة بعرة حيث الكومبارس المتميزون ينتظرون طول الوقت دور البطولة… الذى لا يجىء أبدا.

No comments:

Post a Comment