Tuesday, October 2, 2012

ابراهيم عيسى يكتب ليس بالوعظ وحده يحكم الرئيس



أتمنى أن يكون تعقُّلا لا تنصُّلا..
تعقلا أن يكون الرئيس قد فهم أن الرئاسة ليست مجموعة من خطب الجمعة والوعظ فى مصلين يقولون آمين.. لا تنصلا أن يكون الرئيس يتنصل من مسؤوليته فى الثلث الأول من عامه الرئاسى عن أن لا شىء تحقق ولا شىء تقدم ولا شىء تحسن كما أنه لا شىء تشيَّأ!
إذن أهو النضج أم التهرب؟
فقد قال المتحدث باسم الرئاسة «إنتو بتحاسبونا على كل حاجة وعايزينا نتدخل لحل كل مشاكل الناس وده مش منطقى.. الرئاسة لها اختصاص، والوزارات والجهات الأخرى هى المسؤولة عن متابعة مشاكل الناس وحلها.. والرئيس يؤكد على ذلك حتى لا تعود دولة الفرد مرة أخرى».
هذا كلام جميل، رغم أنه أشبه بكلام جميل راتب فى فيلم «البداية»، لكنه يحمل منطق أن الرئيس ليس كل شىء، لكن المشكلة الحقيقية فيه أن الرئيس قال وفعل ووعد بعكس ذلك تماما، الرئيس محمد مرسى الذى وعد الناس فى الانتخابات بأنه سيحل مشكلات المرور والأمن والبنزين والنظافة فى مئة يوم، طبعا الناس لم تكن (أو على الأقل نصفهم) مدركة أن هذا نخع انتخابى لا مانع من الزعيق والصراخ به انفعالا، والمرشح يقوله لكن بعد الانتخابات يذوب ويذوى بَدَدًا، ومن ثم حين نجح الرجل بات مطلوبا منه أن ينفِّذ، ولأنه لن ينفذ مهما كان سوبر مان
-وهو ليس كذلك، فهو حيالله خطيب وواعظ مخلص- فقد صار الموقف ضاغطا على أعصابه جدا، ولا بد من النرفزة على المواطنين والشخط فيهم، إنه مالوش دعوة بالكلام الفاضى ده، وروح انت وهوّه على المسؤول المختص إحنا هنا الرئاسة يا ابنى مش مصلحة المصل واللقاح!
من هنا كان تصريح ياسر على ضيق الصدر جدا (مش معقول عايزين الرئيس هو اللى يحل مشاكل البوتاجاز والتأمين الصحى والصرف واعتصام صحفيى جريدة الشعب وهكذا… طيب أمال فين الدولة؟ اللى انتو بتطالبوا بيه ده شىء خطير جدا، وسيجعل الدولة تدور حول شخص واحد، وهو الرئيس ويكون فى يده كل شىء).
أنا متعاطف جدا مع الرئيس ومتحدثه، لكنه خطأ الرئيس الفادح!
أولا: لأنه وعد فلم يصدُق ولن يصدُق، فالمهام أثقل من قدراته وأصعب من أن تنتهى سريعا، هذا إن انتهت أصلا.
ثانيا: لأنه وقف فاتحا صدره من خطابه الأول يدعو الناس إلى المجىء بشكواهم وباب القصر مفتوح فذهب الناس لأنهم غلابة مصدقين، ولأنه طيب مش واخد باله، ومن ثم لم يطلب منه الناس أكثر مما وعد، وإحباطهم الآن لأنه هو الذى دعا وليس هم الذين رموا جتتهم عليه.
ثالثا: لأن الرئيس فعلا فى يده كل شىء، فالرئيس مرسى دونًا عن أى رؤساء مصر السابقين يملك صلاحيات إمبراطور يفعل ما يشاء ويملك إصدار القوانين وتعطيلها، ولا رقيب عليه ولا حسيب فما الذى يمنعه عن تنفيذ وعوده.
رابعا: ثم هو كذلك الذى جاء بحكومة من خلصائه ورجاله وتابعيه، فما الذى يعوقه عن أن يأمرهم فيطيعوا ويحاسبهم فيرتعدوا.
خامسا: لقد خوت دماغنا التيار المساند للرئيس بالخرافة الهزؤ بتاعة حكم العسكر والدولة العميقة، فإذا بـ«العسكرى» خيال مآتة والدولة العميقة عبيطة بريالة، فكيف نصدق أن شيئا يعطل هذا الرئيس عن تلك الوعود!
سادسا: أن الناس لا تطلب المعجزات، بل الفتات ومن لا يقدر على الصغيرة كيف سيقدر على الكبيرة؟!
أليس الرئيس مرسى هو الذى يلح فى التعامل، كأنه خليفة المسلمين وأمير المؤمنين، وأطيعونى ما أطعت الله فيكم، وإذا وجدتم فىَّ اعْوِجاجا فقوِّمونى، إذن عليه أن يتحمل هذه الحالة غير المؤسسية التى تجعل من الرئيس خليفة يعسّ فى الأسواق ويتنكر ليعرف أحوال الرعية.
ثم إن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، هو من قال إنه لو تعثرت بغلة فى العراق لسُئل عمر عنها، طيب أهى البغلة تعثرت، بل قطيع البغال كله تعثر.. اتفضل بقى يا سيدى الرئيس اتصرف!

No comments:

Post a Comment