Tuesday, October 2, 2012

خالد كساب يكتب يوم فى حياة غوغائى



استيقظ الغوغائى من نومه شاعرا بصداع يكاد يفتك برأسه بعد أن أنفق الليل فى النقاش مع مجموعة من الغوغائيين أصدقائه على مقهى الندوة الغوغائية.. إنفعل وشتم جميع من اختلفوا معه فى الرأى وسفسط وجادل وفعل كل ما تقتضى منه الحماقة أن يفعله.. ثم ذهب إلى المنزل مقررا إكمال السهرة أمام أى برنامج من تلك البرامج التى يظل المذيعين فيها يشتمون الآخرين.. ثم كتب استاتس على الفيسبوك مفاده أنه.. «فليذهب كل المختلفين معى فى الرأى إلى الجحيم».. ثم اتخمد ليستيقظ مصدع بينما دماغه لا يحتلها سوى هدف واحد.. شتيمة أكبر قدر ممكن من المختلفين معه فى الرأى.. سرح بعدها قليلا فى نصيحة شيخه له بضرورة التخلص من كل ذلك الفراغ الذى يحتل خلايا دماغه.. حيث أخبره شيخه أن التخلص من الفراغ ينبغى أن يأتى على هيئة ملء كل تلك المساحات الشاسعه من خلايا المخ بشيء آخر.. وهكذا قرر الغوغائى ملء تلك المساحات بالكراهية والشتيمة.. إرتدى ملابسه الغاضبة منه.. وسار فى الشارع غير المرحب به.. وقابل أناسا فى الشارع لا يعرفهم ولا يعرفونه وبادلهم الإمتعاض بإمتعاض.. ثم ذهب إلى حيث مقر عمله المتمثل فى اللجنة الإلكترونية العامة للشتيمة الكائن بذلك المكتب القذر المطل على مقلب قمامة كبير.. ينتظر الأهالى على أحر من الجمر تنظيم يوم نظافة ثانى لكى يقوموا بتنظيفه.. بدأ فى استنشاق رائحة العطن التى بدأت فى التسلل إلى خلايا مخه لتشعره بحالة مؤقتة من الرضا عن النفس والرغبة فى بدء عمله فورا.. ينظر فى قائمة الجرائد الموكل إليه شتيمة كتابها النهارده.. والتى توجد بجانبها ورقة صغيرة تحتوى على الصيغة الثابتة التى ينبغى عليه أن يقوم بكتابتها مرة واحده فقط ثم يقضيها بعد ذلك كوبى وبِست.. وعلى الرغم من تأكيدات أمين اللجنة الإلكترونية بأنه على جميع الغوغائيين مراعاة إضافة التاء المربوطة فى حالة لو كانت كاتبة.. إلا أن الغوغائيين لا يهتمون بتلك التفاصيل كثيرا.. وهكذا.. يستعين على الشقا بالله.. ويبدأ فى فتح المواقع وطرش الشتيمة !
ينهى عمله ويخرج من اللجنة وقد بدأ يشعر بالإعياء بعد فقدانه لكل تلك الطاقة من الحماقة وبعد تفريغه لكل تلك الحموله من الحقد والكراهية الخام.. يتمشى قليلا على جانبى مقلب الزبالة ومع نفاذ غاز الميثان إلى خلايا مخه يبدأ شيئا فشيئا فى استعادة شعوره بحماقته وإحساسه بهمجيته التى أهدرها على شتيمة كتاب مواقع الجرائد المختلفة.. وعندما يشعر بأن طاقته الغوغائية قد وصلت لذروتها ينظر أمامه فيجد إعتصاما سلميا.. وعلى الرغم من عدم تلقيه أى أوامر من اللجنة بتاعته بأن هناك إعتصامات بعينها المفروض يبوظها النهاردة.. إلا أن نسبة الحقد بداخله كانت قد وصلت إلى ذروتها.. وغريزة الرغبة فى الشتيمة كانت قد فعلت به الأفاعيل وأوصلته إلى الإحساس بأنه إذا لم يشتم أحدا الآن قد يصاب بحالة هبوط مفاجيء.. وهكذا.. دخل الإعتصام وهو يشتم.. «ياللا يا ولاد ال……».. كان يسير مندفعا بينما الجميع بنظر له باستغراب.. وقبل أن ينحنى على الأرض ليلتقط طوبة ويبدأ الجهاد.. كان أحد الواقفين قد أمسك به من يده سائلا إياه.. «إنت بتعمل إيه»؟!.. فأخبره الغوغائى ببراءة.. «باناضل.. مش دا برضه اعتصام «؟!.. فأخبره الرجل بغضب ممتزجا بحزن.. «لأ.. دا طابور أنابيب بوتاجاز» !
سار الغوغائى فى الشارع حزينا ومحبطا.. جلس على المقهى وانهمك فى الخناق مع دبان وشه.. من منطلق «أهو أى خناقة والسلام».. إلا أنه كان مفتقدا لذلك الشعور الخاص بأن تتخانق مع حد فيرد عليك والخناقة تتصاعد.. ولم ينقذه من الخناق مع دبان وشه سوى أصدقائه الغوغائيين الذين ظهروا فجأة.. وبعد السلامات والأحضان و«تشربوا إيه»؟.. «نشرب شاي».. بدأ النقاش واحتدم حتى تحول إلى خناقة.. كانوا جميعا سعداء وهم يشتمون بعضهم البعض وأسهم فى ارتفاع معدل سعادتهم أن ضيفين من النخبة فى أحد البرامج التليفزيونية كانا يتخانقان هما أيضا فى التليفزيون الموضوع على حامل فى صدارة المقهى !
ذهب الغوغائى إلى منزله راضيا بتلك الشتائم التى شتمها على مدار اليوم للجميع.. أى نعم لم يقرأ أو يشاهد أو يفعل شيئا من الأشياء التى يحبها.. أى نعم لم يجلس مع شخصا يحبه.. إلا أنه قد أخرج ما بداخله من حقد خام.. وهذا يكفى جدا.. لهذا.. فرد جسمه على السرير بغضب ممزوج بالرضا.. ثم شتم نفسه.. و نام !

No comments:

Post a Comment