Sunday, September 30, 2012

ناصر عبد الحميد يكتب فى بيان التكفير



بنفس الثقة التى ألصق بها السيد وجدى غنيم الكفر بأعضاء حزب الدستور والأحزاب الليبرالية كافة، أرى بنفس الثقة أن حسابه مع الله لن يكون سهلا وأن توزيعه للكفر هكذا على عباد الله «جملة وقطاعى» سيكون أثره عسيرا، إلا إذا تاب عنه الشيخ واستغفر ربه وأعلن مرة أخرى على الملأ أنه كان يقول أى كلام لأنه كان منفعلا مثلا أو واكل صحن كبير من الفول على الصبح فغشى بظلاله على الصحيح فى رأسه، أما لو استمر هكذا فله أن ينتظر يوم الحساب اختصام الآلاف الذين كفّرهم له أمام المولى عز وجل، حيث وجه المدعو هكذا بثبات وتجرؤ يُحسَد عليه لومه إلى السيد محمد يسرى سلامة على دعوته الناس لدخول حزب الدستور، وذكّره بحساب الله، ثم أردف بأنه لا يفهم «ليبرالى أو علمانى أو حداثى فكله كافر كافر».
والواقع والحادث أيضا أن هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم ولا البارحة، فقد فعلها الخوارج وكفّروا على بن أبى طالب بعد أن كانوا يحاربون معه، وهم الفئة المتطرفة المتزمتة متحجرة العقل والفكر الذين استحلوا بعد ذلك دماء أهل الذمة وأموالهم، وهم الذين تكونوا بعد معركة صفين ورفضوا نتيجة التحكيم وعينوا عليهم وليا وشقوا صف علىّ كرم الله وجهه، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل كفّروا عثمان والحكمين وأصحاب الجمل وكل من رضى بتحكيم الحكمين، ويمكن أن تحسب هذه كبداية لنشأة هذه الظاهرة بين المسلمين، أما على بن أبى طالب فرفض فكرة تكفيرهم وتبعه فى ذلك بعدها أهل الرأى رغم كل ما فعلوه وقالوه ووصفوهم بالفاسقين خشية النصوص الكثيرة التى تحذر من الاجتراء على إخراج أحد من الإسلام.
المهم هنا واللافت للنظر أيضا أن هؤلاء الخوارج رفعوا شعار «لا حكم إلا لله»، كموقف من التحكيم، وبالطبع فهو حق يُراد به باطل ولكنهم استخدموا ذلك لاستقطاب بسطاء الناس باسم التمسك بكتاب الله، وقد كانوا كثيرى التعبد وقراءة القرآن على فكرة، وهكذا ببساطة يمكنك أن تقيس اليوم بالبارحة فى ما يتجاوز السيد وجدى غنيم بكثير وما يمكن أن يحدث فى المستقبل من استغلال الدين فى الحكم والسياسة، فتجارب البشر والمجموعات وطبائعهم تتكرر، وستظل حتى قيام الساعة إما بالمثل تماما وإما بتصرف.
على جانب آخر فإننى أرى أن مثل هذه الفتاوى التى تطلق فى الفضاء كل ليلة وضحاها خصوصا التكفيرى منها له جزء آخر إيجابى، حيث إنها التجربة العملية لعموم الناس للتعلم بالمشاركة والمراقبة والحكم بالبديهية والتلقائية دون تعقيد، فلما يستمع أحد العامة المصدقين إلى هذا الشيخ مثلا، شيخ لكبر السن، ويجده يكفّر آلافا من المنتمين إلى أحزاب معينة وبالمصادفة يكون أحد أعضاء هذا الحزب أو ذاك أحد أقربائه، أو أخاه أو أباه أو بنته مثلا، أو جارا له يَخبره جيدا، أو أصدقاء لابنه يطمئن لاستضافتهم فى منزله، أو زميلا فى عمل، أو أحد المارين عليه ليل نهار، لا بد من أن صدمة كهربائية ستطاله، فلا يمكن أن يكون هذا الذى يعلمه شخصيا كافرا أو فاسقا، وإن أخطأ فكل ابن آدم خطَّاء، على طريقة أنه لا يمكن أن يكون حسين ابن الحاج وهدان من أعداء الوطن كما عبر أحمد سبع الليل فى فيلم «البرىء»، بعد أن اكتشف الزيف الذى يلقيه المستبدون الطغاة أصحاب المصالح فى الفيلم على مسمعه ليل نهار، حتى غيروا من سلوكه وحقنوا فى قلبه العداوة والغلظة على غير فطرته السليمة البريئة التى فطره الله عليها فصار جلادا بيديه النقيتين.
أما اللافت والغريب هنا فهو أن السيد وجدى غنيم بعد أن وصف معارضى الرئيس والنخبة فى مصر بالصراصير والفئران التى تعيش فى النجاسة، وأنهم كالكلاب المسعورة والخنازير لجهرهم بمعارضة الرئيس ومطالبته له بأن لا يعبّرهم فى جزمته، لأن جزمته أنضف منهم، جاء بعدها مذهولا يعتب على الرئيس بعد لقائه الفنانين كأن به صدمة بعد أن قال الرئيس فى لقاء الفنانين إنه يقدر دورهم فى النقد، وإن الفن والإبداع فى خدمة الوطن وطالبهم بأن يعملوا ويزيدوا، فيعتب عليه بأنهم سيفهمون كلامه غلط، وهو أمر مثير للشفقة على الشيخ الذى لم يستطع هو من بعد ما سمعه من كلام الرئيس أن يفهم أى شىء أو أن يدرك أى شىء أو يحلل أى شىء، فهذا الكلام قاله الدكتور مرسى بعظْمة لسانه، والفن الذى يراه هو دعارة وفجورا يراه الدكتور مرسى إبداعا وفى خدمة الوطن.
ملحوظة: أنا أقدّر للشيخ وجدى غنيم موقفه من حسنى مبارك.

خالد البري يكتب «فيسبوك» و«تويتر» سيقودان التغيير – ما تستعجلوش



أنا من جيل كبر على السمع، وعلى نجوم شرايط الكاسيت. الواحد منهم كان يخبط الكام جملة، ويسجل لنفسه بوُوكمان «سونى» اخترعه الكفرة، وشرايط اخترعها الكفرة، ويوزعها على سواقين الميكروباصات اللى اخترعها الكفرة، ويقعد يشتم فى الكفرة، وركاب الميكروباص تمصمص شفايفها إعجابا بقصص ليس لها فى الحقيقة أى مردود إيجابى على حياتهم اليومية. المهم إنِّك لو قاعدة فى الميكروباص كان لازم تسمعى. عاجبك عاجبك. حتى لو اللى بيتكلم عمَّال يكرَّهِك فى نفسك. لو عايزة تصرخى مش هتعرفى تصرخى. وكتر الزن أقوى من السحر. بعد شوية تلاقى نفسك مقتنعة إن دى الحقيقة. ما هو ماحدش قال لك كلام مختلف.
طيب مال ذكريات الطفولة السعيدة دى بـ«فيسبوك» و«تويتر»؟ ماله وماله إزاى يا برنسيسة؟!
فى جيل «فيسبوك» و«تويتر» مافيش الكلام ده. «فيسبوك» و«تويتر» خلوا الكتابة أهم من السمع. ولما أقول الكتابة يعنى إنتاج الكتابة ويعنى كمان تلقى الكتابة. اللى بتكتب حلو بتاخد أصحاب أو متابعين أكتر. ولايكات أكتر. واللى بيختلفوا معاك بأدب بتتعلمى منهم حاجة. دايما بتتعلمى منهم حاجة (سيبك من اللى بياخدوا لايكات من الهتّيفة، أو اللى بيقلوا أدبهم فى سبيل أى حاجة).
حتى الناس اللى لسه شغالة على السميعة المطيعين، هتلاقى اللى اترحموا منه وسط جمهورهم الأمى اللى مش بيناقش، بياخدوه مضاعف من الجمهور الكتابى بتاع «فيسبوك» و«تويتر». تلاقى الواحد منهم طلع بتصريح بيخالف تصريح قاله من خمس شهور، زى ما كان متعود يعمل زمان، بيروح أهل «فيسبوك» و«تويتر» جايبين له التصريح، والتويتة، والكليب على «يوتيوب»، ويقولوا له لو كان جمهورك سلطانية، إحنا مش أكيلة فتة. أنا عارف إن انتى عارفة أنا قصدى على مين، وهو عارف، وأصحابه عارفين. بس تعملى إيه فى أطقم البلاستيك اللى بتعيش أكتر من أطقم البورسلين؟ دى حكمته!
لكن بعيد عن السياسة، ودا الأهم هنا، «فيسبوك» و«تويتر» بيغير ذوق الناس الجمالى بطريقة غير مباشرة. إزاى؟! خليكى معايا هنا لاحسن إحنا داخلين  حتة من الحتت اللى بتشوفى فيها الناس رافعة حاجب ومنزلة حاجب وعاملين فيها «مثقفين» ويعرفوا كلام كبير.
بصى كده على نجوم «فيسبوك» و«تويتر». الناس اللى عندهم فولوورز كتير. هل هم الناس اللى بيتكلموا كلام متنمق وواخد فُمّ غسالة وبعده فُمّ تجفيف ومكوة بمية النشا؟! أبدا أبدا أبدا. وف نفس الوقت أوعى تفتكرى إن قصدى إن اللى بيتكلموا عكس كده تماما هم اللى بيبقى عندهم متابعين وأصدقاء أكتر من غيرهم.
الكلام الجذاب، الملعوب، ممكن ييجى بكل الأنواع: جد وهزل. ناعم وجاف. المهم يكون جذاب. من غير ما أنظَّر عليكى، الناس، إنتى وانا واحنا، بنتعلم ده. بنتعلم نخرج من التنميط والنموذج الواحد اللى اتفرض علينا فى التعليم التلقينى. بنتعلم نبقى متمردين، ونعبّر عن نفسنا، ونثق فيها. بنتعلم ننافس علشان يبقى لينا أسلوبنا المميز، وأفكارنا الأصيلة. وبنتعلم إن «الجمال» -خدى بالك من الجملة دى- مالوش دعوة بالتهذيب وعدمه، بالزينة وعدمها. دى قضية كبيرة فى الفن، مهما حاولتى تشرحيها نظريا مش هتقدرى وهتضطرى تقولى كلام كبير زى «مقدمات فن ما بعد الحداثة»، أو تغير «المعايير الجمالية» «aesthetics». لكننا كلنا دلوقت بنتعلمها عمليا. عُمْر حفظ الكلام وقراية عدد أكبر من الكتب والقدرة على النطق بالمصطلحات ما كان هو الفارق بين إنسانة وأخرى. أبدا يا صديقتى. الفرق هو الرؤية. ساعات بنسميها «الشخصية»، وساعات بنسميها «الأصالة»، وساعات بنسميها «الإبداع»، لكن كل دا فى الأصل منه الرؤية. قدرتك إنى تشوفى أى حاجة من أكتر من زاوية، وبالتالى فرصتك فى إنك تكتشفى فيها زاوية جديدة.
دا الفرق بين واحدة وواحدة. دا اللى بيخلى فلانة ترضى إنها تكون مجرد نعجة وسط القطيع، فى حين فلانة التانية بتبقى إضافة للجماعة/ للحزب/ للأمة اللى هى فيها. بس أهم من دا كله إضافة لنفسها. «فيسبوك» و«تويتر» عرفونا على ناس كتير لو اتولدوا فى جيلى كانوا عاشوا وماتوا ياكلوا جبنة وبطيخ، ويسمعوا شرايط فيها كلام فاضى من غير ما حد ياخد باله إنهم الوحيدين فى الميكروباص اللى مش بيمصمصوا شفايفهم على الكلام الفاضى. أو كانوا حلموا بعالم أحسن، من خلال الطريق الوحيد المفتوح قدامهم، ودخلوا السجن واتنسوا.

دكتور جمال زهران يكتب اغتيال الحريات فى زمن الإخوان



بعد ثورة 25 يناير 2011، يحدث فى مصر ما لا يصدَّق، وما لا علاقة له بتاريخ الثورات فى العالم كله، فبعدما يتمكن فصيل سياسى -هو آخِر من شارك فى الثورة بعد نجاحها، وأول من غادر الميدان بعد تنحى رئيس الدولة- من الوصول إلى السلطة عبر الصفقات الداخلية مع المجلس العسكرى، والخارجية مع الحكومة الأمريكية بصورة انتهازية فجة وغير مسبوقة، فإن أول قراراته اغتيال الحريات، وهذا مما يحدث بالضبط فى زمن «الإخوان» الذى احتل أحد رموزها مقعد رئيس الدولة وهو د.محمد مرسى!
إن أول كلمة نطق بها الشعب خلال الثورة بل ومن بدايتها هى «الحرية» فى كل شىء، ومارستها الجماهير فى الواقع العملى، حيث بدأت بحرية التظاهر وأصبح حقًّا مكتسبا انتزعه الشعب بإرادته الحرة وبإصراره على كسر إرادة الاستبداد، ثم انتقلت إلى حرية تكوين الأحزاب التى سمحت بخروج أحزاب التيار الإسلامى وفى المقدمة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وغيره من الأحزاب الأخرى.
ثم انتقلت إلى حرية الإعلام وسقط الاستبداد داخل الصحافة والإذاعة والتليفزيون واستنشق الشعب نسيم الحرية فى وسائل الإعلام التى يمتلكها وأصبح يرى نفسه فيها، ووجد الممنوعون من دخول التليفزيون وغيره، أنفسهم فى كل البرامج التى بدأت فى تجسيد الحرية فى ممارسة مهنية راقية إلى حد إصرار العاملين فيه على تطهيره من رموز النظام السابق ودعاته وحماته، ونجحوا إلى حد كبير وبمساندة كل الثوار وتشرفتُ أن أكون داعما لهم فى كل وقفاتهم واعتصاماتهم وهم المعروفون بـ«ثوار ماسبيرو»، وشهدت وسائل الإعلام توازنا كبيرا يشهد له أهل الاختصاص والعلم فى هذا المجال، بكل وضوح. وفى التحليل السياسى، يمكن تحليل درجة المصداقية بالمطابقة بين الخطاب المعلن، والسلوك الفعلى. ولذلك لا يمكن الاكتفاء بالخطاب فقط، فما أسهله، وقد أثبت بحكم الممارسة الواقعية فشله فى السيطرة على الخطاب الإعلامى، فقرر السيطرة على جميع وسائل الإعلام الرسمية لحسابه ضاربا عرض الحائط بالمهنية وبحرية الرأى والتعبير والحيادية، ويتضح ذلك من خلال رصد ما يلى:
1- توظيف مجلس الشورى كأداة للسيطرة على الصحف القومية، وهى نفس أداة النظام السابق، بتعيين رجال الإخوان وأنصارهم فى مواقع رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة فى كل صحيفة، ومن بينهم مهادنون ومستأنَسون وزئبقيون.. إلخ.
والفارق الوحيد بينهم وبين النظام السابق فى الشكل، حيث الزعم بوجود قواعد للاختيار ولكن فاتهم أن الثورة التى طالبت بإسقاط النظام السابق، تستتبع تغيير قواعد النظام من حيث الملكية وأعمال الانتخاب فى تولى المناصب مثلما حدث فى الجامعة وأصر الأساتذة على إعمال ذلك فى الواقع العملى دون سند من قانون النظام السابق، وذلك على خلفية الشرعية الثورية.
وكان من جراء ذلك العصف بالأقلام القوية التى تمتلك الرأى الحر فى مواجهة الإخوان وغيرهم، ومنهم صاحب هذا القلم الذى استبعده رئيس تحرير «الأخبار» بعد انتظام لعام ونصف، وغيره، من الكتابة، فى نفس الوقت الذى أُفسح فيه المجال فى كل الصحف لقيادات إخوانية -لا علاقة لها بالكتابة- لنشر مقالاتهم بانتظام!
بل تغيرت مانشتات الصحف لصالح الرئيس وجماعته الإخوان، وتم تأميم الدسك المركزى الذى فقد المهنية وفترة الحرية التى تولدت مع الثورة، وعاد مرة أخرى إلى ممارسات النظام السابق، وكأن ثورة لم تحدث بعد!!
2- تعيين وزير الإعلام من قيادات الإخوان، وذلك للسيطرة على الآلة الإعلامية الضخمة وتأميمها لصالح الجماعة والرئيس مرسى. ومن الواضح أن حكومة قنديل التى تضم صلاح عبد المقصود وزيرا للإعلام من جماعة الإخوان، تصر على هدم المهنية فى الإعلام واغتيال قيم الحرية. وهنا فإن رصد أحاديث وزير الإعلام الإخوانى يكاد يصل بنا إلى حيادية هذا الرجل، ولكن برصد أفعاله نجد أنه جاء بأجندة «التأمين والاغتيال» للحرية والمهنية، وأصبح معاديا للثورة ومطالبها، مؤكدا ما كان يُشاع عن جماعة الإخوان أنها ضد الحرية فى كل مجالاتها.
ومما هو ثابت فى هذا الشأن، أن أول عمل قام به وزير الإعلام الإخوانى، أن استدعى رئيس قطاع الأخبار إبراهيم الصياد، وأبلغه بالمحظورات الثلاثة: حظر نقد الرئيس (المقابل شكره وتمجيده وتأليهه كالعادة السابقة)، وحظر نقد جماعة الإخوان المسلمين ورموزها وتاريخها منذ عام 1928 وحتى الآن (المقابل تأليه الجماعة والإشادة بها وبرموزها.. إلخ) وحظر نقد برنامج المئة يوم الذى وضعه الرئيس والتلاعب بالموعد حتى ينسى الشعب هذا الموضوع (المقابل التركيز على الإنجازات وتضخيمها وتحميل أطراف مجهولة مسؤولية ما يحدث). كما طالبه بمراجعة جميع الضيوف فى سياق هذا التوجيه، واستبعاد ما يتعارض مع ذلك، ومراقبة الضيوف الذين يخرجون على ذلك، باستبعاد ما يتعارض مع ذلك، ومراقبة الضيوف الذين يخرجون على ذلك، باستبعادهم. فى ما بعد!! وتم إعداد قائمة بالمستبعَدين، وأتشرف بأن أكون أول المضطَّهَدين حيث لم أعد من ضيوف كل البرامج التى كانت تحرص على استضافتى بعد خلع مبارك، ولم يكن يمر الأسبوع إلا وكنت مشاركا فى نحو ثلاثة برامج على الأقل، لنعود بعد ذلك إلى نفس ممارسات النظام السابق الاستبدادى الإرهابى لقوى المعارضة بمختلف فصائلها.
وحتى لا يتصور أحد أن هذه مسألة شخصية، فإن الجماهير الأذكى يقابلوننى فى الشارع ويسألوننى عن أسباب الاختفاء من برامج التليفزيون، فأقول لهم: مثلما استبعدوا قلمى من «الأخبار»، استبعدوا رأيى من التليفزيون!! لكنهم يصرون على عدم السكوت وفضح هذه الممارسات الإرهابية.
وأؤكد وقائع الاتصال بى من إحدى المعدَّات فى برنامج «يسعد صباحك» فى القناة الثانية، وتحدد الموعد ثم أُلغى، وكذلك اتصال آخر من زميلة لها فى نفس البرنامج وتحدد الموعد ثم أُلغى. وفى قناة النيل الثقافية تحدد الموعد وحضرت، ولأننى كنت قد أبلغتهم أننى مضطر إلى المغادرة فى التاسعة مساء حسب الاتفاق، وجدتهم بعد وصولى قبل الموعد وحتى موعد المغادرة، لم أخرج للشاشة وكان معى من شهود الواقعة (انتظار لأكثر من ساعة وربع) د.مجدى قرقر، وأ.سليمان الحكيم، وغادرت فى موعدى!!
وبعد أسبوعين من تولى الوزير، دعانى الثوار الإعلاميون فى ماسبيرو، لمشاركتهم وقفتهم الاحتجاجية أمام التليفزيون لمناهضة «أخونة» الجهاز وحضرت بالفعل وبمشاركة د.كريمة الحفناوى، والشاب الثورى معاذ عبد الكريم ويبدو أن هذه المشاركة مع مواقفى وتصريحاتى وآرائى، كانت عاملا مهما فى وضعى على قائمة المحرومين من مخاطبة الشعب المصرى عبر تليفزيونه.
وقد ذكَّرنى ذلك بقائمة الممنوعين أيام المخلوع، وواجهنى الوزير أنس الفقى بوجه مكشوف قائلا لى: «أما تبقى بتاعنا.. نبقى نجيبك عندنا كل يوم»!! تأمّلوا هذه الكلمات التى تؤكد مفهوم العِزبة التى كان يمتلكها النظام السابق وكان ردى عليه مفحما وواضحا: «أنا لا أريد تليفزيونك.. فغدا سيتحرر وهو يوم ليس ببعيد»، فرد علىَّ بسماجته المعهودة (بياع الكتب والموسوعات) «إبقى قابلنى»!!
3- إرهاب الخصوم، والسعى نحو خلق معارضة مستأنسة، ولهذا حديث يطول، ولهذا علاقة بالتفكير فى عودة حالة الطوارئ، وقانونها، وإلغاء المظاهرات بقانون!
وعلى أى حال، فإن الإرهاب الذى نعيشه الآن فى ظل الإخوان، وفى ظل الرئيس الإخوانى الذى يعمل لصالح دعم الجماعة، وتحقيق السيطرة والتمكين والاستحواذ، هو جزء من فلسفة الإقصاء للآخر عبر اغتيال الحريات التى راح ضحيتها ألف شهيد و15 ألف جريح ومصاب، بخلاف السحل والتعذيب وكشف العذرية.
الثورة مستمرة، وحتى النصر بإذن الله وهو آتٍ عما قريب وما زال الحوار مستمرا ومتصلا.

الدكتور محمد البرادعي يكتب سنوات الخداع 15



أبدى خاتمى استياءه من التشكك الأمريكى، وأشار إلى تحسن العلاقات بين واشنطن وطهران فى عهد الرئيس الأمريكى كلينتون، الذى جعل خاتمى يقدم اعتذارا لأُسر الرهائن الأمريكيين الذين كان قد تم احتجازهم فى إيران عند اندلاع الثورة الإسلامية، وقال إنه فى ردها على هذه اللفتة قامت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت بالاعتراف بدور المخابرات المركزية الأمريكية فى عملية الإطاحة برئيس الوزراء مصدق فى 1953، وإعادة الشاه إلى موقعه، كما أنها أيضا قامت برفع الحظر عن الصادرات الإيرانية من الكافيار والفستق والسجاد وقد فتحت هذه اللفتة الباب أمام تجارة بملايين الدولارات.
وألح خاتمى فى القول على أن مجىء إدارة الرئيس بوش كان السبب وراء تراجع التقدم الحادث فى العلاقات الأمريكية الإيرانية، وذلك على الرغم من الدعم الذى قدمته طهران لحرب الولايات المتحدة فى أفغانستان وفى أثناء الاستعداد للحرب على العراق، مشيرا على وجه التحديد إلى لقاءات تمت فى هذا الصدد فى السليمانية بكردستان العراق ولندن. وقال خاتمى إنه فى مقابل هذه المساعدة وهذا التعاون فإن كل ما جنيناه هو أنه أصبح يطلق علينا أننا جزء من محور الشر.
كما أبدى وزير الخارجية خرازى أيضا استياءه إزاء المساعدة الأمريكية بعد زلزال بام، وقال إنه بعد عقود من العقوبات والمقاطعة الاقتصادية التى خلفت آثارا مروعة فإن الولايات المتحدة الأمريكية تأتى بعد الزلزال لتقدم لنا عشرة ملايين دولار، كما لو كانت صدقة. وأضاف: إن هؤلاء ليس لديهم أى تقدير لذهنية الآخرين وطريقة تفكيرهم.
فى الوقت نفسه أبدى خرازى استعداد طهران للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية فى ما يخص عناصر القاعدة، لكنه أضاف أن إيران تريد فى المقابل أن تتعاون الولايات المتحدة الأمريكية معها فى ما يتعلق بمجاهدى خلق؛ وهى منظمة مسلحة من المعارضين الإيرانيين الذين يسعون للإطاحة بالنظام الإيرانى.
وأبدى الإيرانيون استعدادا لمزيد من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكنهم لفتوا إلى أن الانطباع السائد فى طهران هو أن العلاقة بين إيران والوكالة لم تفد إيران بشىء، بل إن المتشددين الذين أصبحت لديهم أغلبية فى البرلمان الإيرانى يلومون الحكومة الإيرانية على قرارها وقف تخصيب اليورانيوم، لمجرد إرضاء الغرب دون الحصول على أى شىء فى المقابل، وأن المعتدلين الذين كانوا يسعون لحل سلمى وتحسين العلاقات مع الغرب لم يعد لديهم نفس التأثير فى دوائر اتخاذ القرار أو فى الرأى العام.
وأشار روحانى إلى أنه إذا جاء تقريرى حول تطورات الوضع بالنسبة إلى إيران فى اجتماع يونيه لمجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتقييم سلبى، فإنه وزملاءه لن يكون بمقدورهم الاستمرار فى التعاون مع الوكالة أو حتى الاحتفاظ بمناصبهم. لقد كان المعتدلون يأملون على الأقل فى الحصول على رد فعل إيجابى من الأوروبيين حتى يتمكنوا من إبلاغ الرأى العام فى بلادهم أن السياسة التى يتبعونها هى سياسة مجدية.
كانت مشكلة الإيرانيين حسبما كنت أراها أنهم بالغوا فى الاحتفاء ببرنامجهم النووى أمام شعبهم، بل إنهم قدموه على أنه بمثابة جوهرة التاج بالنسبة إلى الإنجازات العلمية للأمة الإيرانية، وبالتالى أصبح من الصعب عليهم أن يشرحوا أسباب قرار تعليق العمل فى هذا البرنامج، وبالطبع فهم لم يهتموا بأن يبلغوا الشعب الإيرانى أن أسباب وقف نشاط البرنامج النووى إنما ترجع إلى أن إيران قد خدعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية لسنوات طويلة، واختاروا بدلا من ذلك أن يخبروا مواطنيهم أن الضغوط التى تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية على الوكالة هى السبب وراء تباطؤ عملية التحقق من تفاصيل البرنامج النووى الإيرانى. ولم يكن الموقف الإيرانى فى هذا الشأن يختلف عما كان عليه الأمر فى العراق وكوريا الشمالية، فادعاء كل من واشنطن وطهران سوء نية الطرف الآخر من أجل الاستهلاك المحلى.
والحقيقة أنه بمجرد إطلاق حملة الدعاية من طرف ضد الآخر فإنه يصعب السيطرة عليها أو كبح جماحها، ولعل ما تعرضت له شخصيّا أحيانا من جانب الصحافة الإيرانية يوضح كيف يُصنع الرأى العام، حيث نشرت جريدة «طهران تايمز» أن البرادعى أصبح شخصا سلبيّا ومحبطا بالنظر إلى الضغوط الشديدة من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية. وسألنى الصحفيون الإيرانيون مرارا كيف أتعامل مع هذه الضغوط. قلت مبتسما: إننى أتعرض لضغوط من الجميع، سواء من الأمريكيين أم الإيرانيين أم غيرهم. ولكننى فى الحقيقة لم آخذ الأمر بهذه الخفة، لأنه أصبح واضحا بالنسبة إلىّ، ليس فقط من هذه الأسئلة، ولكن أيضا من مجمل التغطية الصحفية، أن البرنامج النووى الإيرانى أصبح بالفعل مسألة مرتبطة بالكرامة الوطنية فى إيران، ولم يكن هذا مما يسهل التوصل إلى حل حول الخلافات القائمة.
ومما زاد الأمر صعوبة أن الإيرانيين كان لديهم اعتقاد بأنهم يملكون أوراقا يستطيعون بها الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، مثل تعقيد الوضع على الساحة العراقية بصورة أكبر، كما أشار روحانى إلى ذلك فى حديثه معى، وهو الأمر الذى حاولت أن أُثنيه عنه.
وعند عودتى من طهران اقترحت على كين بريل؛ السفير الأمريكى، وعلى جون وولف مساعد وزير الخارجية الأمريكى، النظر فى إيجاد طريق لبدء الحوار مع طهران أو على الأقل إبداء بادرة لحسن النيات. وقلت لهما: إذا ما كنا جميعا نتفق على أن الهدف هو أن لا تحصل إيران على السلاح النووى فيجب علينا أن نتفق على استراتيجية تمكننا من تحقيق هذا الهدف فى النهاية.
وأبلغت ممثلى الدول الأوروبية الثلاث بنفس الرأى، وأوضحت لهم أن موقف المتشددين يقوى فى إيران بسبب ضعف النتائج التى تخرج بها طهران من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقلت لهم إن السياسة القائمة على ممارسة الضغوط لن تكفى وحدها، خصوصا أن أحدا فى الغرب ليس لديه الدليل على أن إيران تطور سلاحا نوويّا. وأشرت إلى أنه فى حال لم تحصل إيران على حوافز فإن النظام قد يلجأ إلى عديد من الخطوات من بينها إعادة تخصيب اليورانيوم، أو التراجع عن الالتزام بالبروتوكول الإضافى، أو حتى الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية كليّا.
ولكن كل هذا لم يؤد إلى النتيجة المبتغاة، وعوضا عن ذلك تبنى مجلس المحافظين فى يونيه موقفا يستنكر عدم تعاون إيران تعاونا كاملا فى التوقيت السليم وبصورة إيجابية مع الوكالة. وبالطبع فإن هذه الانتقادات كان لها ما يبررها إلى حد ما، ولكنها أدت إلى إغضاب طهران بصورة شديدة. لقد كان من شأن هذا التقييم أن يقوى موقف المتشددين الرافضين التعاون مع الوكالة الدولية، وبالفعل فبعد عدة أسابيع أبلغت طهران الوكالة أنها ستعاود برامجها لتطوير أجهزة التخصيب ولكن دون استخدام مواد نووية. ولقد طالبتُ طهران بإعادة النظر فى هذا الموقف، ولكن مطالبتى لم تؤد إلى أى نتيجة، وبالفعل بدأت إيران فى إعادة تشغيل المنشآت التى كانت الوكالة قد أغلقتها ووضعت بذلك حدّا للوقف الطوعى للبحث والتطوير فى مجال التخصيب.
بعد ما حدث فى اجتماع مجلس المحافظين فى يونيه، وما تبعه، توجهت بنداءات شخصية إلى كولين باول ومعاونيه فى الخارجية الأمريكية للبدء فى الانخراط فى حوار مباشر مع إيران، مشيرا إلى أن كل ما تحتاج إليه إيران هو ستة أشهر تستطيع خلالها، فى ظل استمرار عدم وجود دليل على سعيها لامتلاك سلاح نووى، أن تجعل عملية تخصيب اليورانيوم أمرا واقعا، وأن ثمن وقفه سيكون باهظا. وأشرت فى الوقت نفسه إلى أن الاقتراح الذى يردده البعض بإحالة الملف الإيرانى إلى مجلس الأمن لن يجدى، لأن الرد الإيرانى على هذه الخطوة قد يكون بالانسحاب تماما من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو ما يعنى أننا سنكون أمام نموذج مكرر لحالة كوريا الشمالية.
وفى إحدى المحادثات المغلقة التى أجريتها مع كولين باول قال لى «لو أن الأمر بيدى لالتقيت غدا وزير الخارجية الإيرانى خرازى».
وكانت المشكلة فى تحليل باول هو أن الشعور المعادى لإيران فى الولايات المتحدة الأمريكية لم يضعف منذ أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين فى السفارة الأمريكية بطهران عند اندلاع الثورة الإسلامية؛ وهو ما يجعل من الصعب البدء فى حوار مباشر بين أمريكا وإيران. ومن جانبها أبدت كوندوليزا رايس أيضا تجاوبا غير متوقع مع حديثى، وطرحَتْ علىَّ بعض الأسئلة حول روحانى وشخصيته، مبدية الانطباع بأنها على الأقل ليست رافضة فكرة الحوار.
وفى خلال لقاء جمعنى به فى منزله الصيفى فى موسكو، قدم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إسهاما بنّاءً؛ فلقد أبدى بوتين، عكسا لما كان يردَّد فى الغرب، رفضه إصرار إيران على الحصول على الأسلحة النووية وتشكك فى احتياجها إلى القدرات المتعلقة بالتخصيب، غير أنه قال إن إيران فى الوقت نفسه يجب أن تحصل على حزمة من المساعدات الجذابة بما فى ذلك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية. وأيد فكرة وجود ضمان دولى لإمدادها بوقود المفاعلات. وفى اللقاء نفسه تقدم بوتين باقتراح لإنشاء مستودع دولى للوقود النووى المستنفد، ولقد رحبت بهذه الفكرة بشدة لأننى كنت أعتقد أنه سيكون لها إسهام إيجابى فى الحد من مخاطر الانتشار وفى تحقيق بعض أسباب الأمان النووى، وخرجت من لقائى مع بوتين يحدونى الأمل فى أن تُسهم روسيا فى إيجاد حل ما للأزمة الإيرانية.
بالتوازى مع ذلك كان خبراء الوكالة يبذلون كل ما فى وسعهم للتعرف على مصدر جزيئات اليورانيوم المخصب التى عُثر عليها فى أماكن مختلفة فى إيران، وما إذا كانت مماثلة لتلك المستخدمة فى البرنامج النووى الباكستانى، وهو الأمر الذى كان يتطلب الحصول على عينات بيئية من أجهزة الطرد المستخدمة فى باكستان، ولكننى علمت بعد ذلك من سفير باكستان أن واشنطن أبلغتهم أن باكستان تعاونت مع الوكالة بما فيه الكفاية، وبدا لى من هذا أن البعض فى واشنطن كان لا يريد تسوية هذه المسألة؛ بحيث تستمر معلقة للضغط على إيران.
شعرت بالسأم من تلك المناورات التى تدور خلف الأبواب المغلقة، وما تؤدى إليه من إبطاء فى تحقيق أى تقدم، وناشدت باكستان التعاون بشدة، وهى ما قررت أن تفعله ولكن على الطريقة التى تتناسب مع كونها ليست عضوا فى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو ما اضطررنا معه إلى أن نقبل أن يقوم خبراء باكستانيون بإمدادنا بالعينات المطلوبة عوضا عن أن يقوم مفتشو الوكالة بالذهاب إلى المواقع النووية الباكستانية، التى هى مواقع عسكرية، لأخذ العينات. وتم الاتفاق على أن يتم نقل العينات بآلية محددة تضمن أنه لا يتم التلاعب بها.
ومع منتصف أغسطس تبين لنا أن العينات التى حصلنا عليها من باكستان مقاربة إلى حد كبير لتلك التى وجدناها فى ناتانز وفى شركة «كالاى» مما يدعم ما كانت إيران قد قالته. ولكننا كنا ما زلنا ندرس العينات للوصول إلى نتيجة قاطعة.
وكنا نقترب من موعد اجتماع مجلس المحافظين المقرر فى شهر سبتمبر 2004، وكنت أشعر أننا سنواجَه مرة ثانية بنفس الأسلوب من جانب الولايات المتحدة وإيران: حملة إعلامية أمريكية شديدة ضد إيران تدّعى الحصول على دليل جديد على سعى إيران للحصول على أسلحة نووية، ومعلومات مهمة تقدمها إيران للوكالة أو دعوتها لزيارة مواقع معينة، ولكن فى وقت متأخر قبل إصدار التقرير الدورى للوكالة بما يحول دون تمكّن الوكالة من التحقق منها وإدراجها فى تقريرها إلى مجلس المحافظين.
وكما هى عادته فى سعيه للتأثير على مناقشات المجلس، كان جون بولتون هو من أطلق شرارة البدء هذه المرة من خلال حوار مع برنامج «نيوز نايت» على الـ«بى بى سى»، حيث أشار إلى عودة إيران إلى تصنيع أجهزة الطرد، ومن ثَمَّ فإنه لم يعد كافيا قصر معالجة الملف الإيرانى فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأضاف بنوع من السخرية: تلك المنظمة الرائعة وغير المعروفة القابعة فى ڤيينا. واقترح بولتون إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولى، وكان أعجب ما فى هذا الاقتراح أنه يأتى من بولتون الذى لم يكن أبدا من دعاة الدبلوماسية متعددة الأطراف.
وبعد ثلاثة أيام من بدء اجتماعات المجلس، وقبل مناقشة برنامج إيران النووى، أذاعت محطة «إيه بى سى» صورا ملتقطة بالقمر الصناعى لموقع عسكرى فى بارشين؛ على بُعد أربعين كيلومترا جنوب شرق طهران، ومع هذه الصور أذاعت القناة التليفزيونية الأمريكية تعليقا لـديفيد أولبرايت مدير أحد المعاهد الأمريكية المتخصصة فى دراسة قضايا الأمن، خصوصا مع ما يتعلق منها بقضايا الانتشار النووى. وفى تعليقه قال أولبرايت إنه يعتقد أن هذه الصورة قد تكون لموقع أُجريت فيه اختبارات لتفجيرات نووية. عقب ذلك مباشرة نقلت وكالة «الأسوشيتد برس» تصريحا نقلا عن مصدر رفض ذكر اسمه فى بعثة الولايات المتحدة الأمريكية بڤيينا يوجه إلىَّ النقد لأننى لم أُشر فى تقريرى الذى قدمته حول إيران إلى موقع بارشين، مع التلميح أننى تعمدت عدم الإشارة إلى هذا الأمر.
وكان هذا الادعاء لا أساس له من الصحة بالمرة، ولم يكن وراءه من دافع سوى محاولة الإيحاء بانحياز الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحقيقة أن الوكالة كانت قد أثارت ملف موقع بارشين مع طهران، وأن المعلومات التى لدينا كانت تفيد بأنه موقع عسكرى استُخدم لصنع واختبار متفجرات كيميائية. وكانت الوكالة عازمة على الاستمرار فى أسئلتها لإيران حول هذا الموقع، ولكن فى تلك اللحظة لم يكن هناك أى دليل على الإطلاق بارتباط هذا الموقع بأى نشاطات نووية. ولم تساعد مثل هذه الألاعيب الأمريكية بطبيعة الحال على إقناع الإيرانيين بعدم استئناف إنتاج أجهزة الطرد المركزى.
وفى منتصف أكتوبر 2004 تحققت خطوة متقدمة. فقد أفادت الدول الأوروبية الثلاث التى لم تتوقف عن محاولة إيجاد حل دبلوماسى؛ باستعداد إيران للدخول فى حوار حول مستقبل برنامجها النووى. وقد طالبت الدول الأوروبية إيران، كشرط مسبق لبدء التفاوض، أن تعود لوقف نشاطاتها النووية بما فى ذلك إنتاج الأجهزة الخاصة بالتخصيب، وجاء الرد الإيرانى إيجابيّا حيث وافقت طهران على أن تتوقف جميع هذه النشاطات فى الوقت الذى تُجرى فيه المفاوضات.
وكان التوقيت بالغ الحساسية؛ حيث إن مزاج السياسة الداخلية الإيرانية كان يتجه نحو التشدد.
وحسب ما خلصت إليه من نقاش مع سيروس ناصر؛ وهو واحد من ألمع وأذكى المفاوضين الإيرانيين، فإن كل المرشحين للانتخابات الرئاسية القادمة فى إيران ينتمون إلى التيار المتشدد الذى يدعو إلى المواجهة مع الغرب. وبالطبع فكان مما يخدم هذا التيار أن يدعو إلى المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية ليحصل على مزيد من الأصوات، حتى إذا تحول بعد عام أو عامين أو نحو ذلك ليحاول الحصول على رصيد سياسى جديد بالعمل على الحصول على تسوية سياسية مع واشنطن. وفى الوقت نفسه كان من شأن ذلك التوجه أن يقوّى من شوكة الحرس الثورى الإيرانى؛ وهو ما يعنى النكوص عن عديد من الإصلاحات التى شهدتها إيران خلال السنوات القليلة السابقة.
وحسب ما قاله لى ناصرى فى تلك المقابلة، فإنه بغض النظر عمن سيتم انتخابه للرئاسة فإنه ولأسباب محلية سيستحيل على إيران أن تستمر فى وقف برنامجها للتخصيب النووى؛ لأنه لا يمكن لأى زعيم إيرانى أن يوقف ذلك البرنامج النووى الذى تحملت إيران كثيرا فى سبيله. وتطرق الحديث مع ناصرى لما تردد عن احتمالات عمل عسكرى أمريكى أو إسرائيلى ضد المنشآت النووية الإيرانية، وهو الأمر الذى لم يبد لى أن الإيرانيين كان لديهم كثير من القلق بشأنه؛ لأن إيران بدا أن لديها التكنولوجيا النووية لإعادة بناء أى منشأة قد يُجرى هدمها فى خلال أشهر قليلة وبعيدا عن الأعين وهكذا قال لى ناصرى.
وفى ظل كل ذلك كان الاقتراح الأوروبى بالوقف الاختيارى لأنشطة التخصيب فرصة لإيران لا يمكن إهدارها، ولكن الخلاف انصبّ على ما يمكن وصفه تحديدا بأنه أنشطة متعلقة بالتخصيب. فإعلان طهران فى أكتوبر 2003 يقوم على الوقف الاختيارى لجميع أنشطة تخصيب اليورانيوم وتجهيزه، فهل يشمل ذلك المرحلة التحضيرية لتحويل اليورانيوم؟ وهل يشمل صنع أجهزة الطرد؟ وبعد مناقشات فنية مطولة أصبح من الواضح ضرورة اللجوء إلى محكم.. وهكذا قررت إيران والدول الأوروبية الثلاث اللجوء إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وهكذا وجدنا أنفسنا مرة أخرى فى مفترق طرق بين التكنولوجيا والسياسة. حيث إن التوصيف الفنى البسيط لما يمكن اعتباره أنشطة تخصيب كان سيقتصر على وقف استخدام مواد نووية فى أجهزة الطرد المتوالية، وكان من شأن ذلك أن يناسب إيران كثيرا، ولكن ذلك لم يكن ليرضى الأوروبيين الذين أرادوا لإيران أن تتحرك فى إطار بناء الثقة، وبالتالى فإن التعريف الذى كانوا سيقبلون به كان أوسع كثيرا من ذلك التعريف الذى ترضى به إيران. وبالرغم من كل الجهود التى بذلتها الوكالة لتقديم التعريفات المطلوبة إلا أن عام 2004 اقترب من الانتهاء بينما لم يكن قد تم التوصل إلى اتفاق بعد.
وكان الغرب قد بدأ يشعر بنفاد الصبر بينما كانت إيران مستمرة دون توقف فى نشاطاتها النووية بما فى ذلك إنتاج غاز «UF6»؛ وهى مادة التلقيم اللازمة للتخصيب، ثم قامت فى شهر أغسطس بتجهيز 37 طنّا من الكعكة الصفراء وهى مادة مركزة من اليورانيوم، من أجل تجربة خطوط الإنتاج فى منشأة تحويل اليورانيوم فى أصفهان.
وفى النهاية توصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى تعريف كان الطرفان على استعداد للقبول به مما فتح الباب أمام توقيع اتفاقية باريس فى 14 نوفمبر، واتفق الطرفان على التفاوض بحسن نية، ووافقت إيران على وقف جميع أنشطة تحويل اليورانيوم، وتجميع واختبار أجهزة الطرد، بل ووَقْف استيراد مكوناتها. وأقرت إيران بأن استمرار عملها بوقف نشاطات التخصيب، حسب التعريف الذى تم التوصل إليه، هو أمر ضرورى لاستمرار التفاوض.
ولقد ساد التفاؤل بما يكفى لوضع خطة للتفاوض تتجاوز الملف النووى لتشمل جملة من القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية، بما فى ذلك الاتفاق على ضمانات مؤكدة للتعاون فى مجال التكنولوجيا النووية السلمية. بل إن الدول الأوروبية وافقت على تقديم دعم لإيران للتفاوض من أجل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. كما اتفق الطرفان على العمل من أجل مكافحة الإرهاب بما فى ذلك نشاطات تنظيم القاعدة وجماعة مجاهدى خلق. كما أعرب الجانبان عن دعمهما عملية سياسية تؤدى إلى وصول حكومة عراقية منتخبة إلى الحكم.
وفى أثناء التوقيع قام روحانى، بوصفه كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين بالتركيز على عدة نقاط، طالب الجميع بأخذها فى الاعتبار؛ وأولها أن قرار إيران بوقف النشاطات النووية كان قرارا اختياريّا، وليس هناك إلزام قانونى بشأنه، وثانيها أن المفاوضات التى ستُجرى لا يجب أن يكون الهدف من ورائها محاولة دفع إيران نحو وقف قدرتها على تطوير دورة الوقود النووى الكاملة، ولم يكن هناك خلاف حول تلك النقطة الأخيرة؛ لأن الأوروبيين كما ذكروا لم يكونوا يسعون للحيلولة دون تطوير إيران دورة الوقود النووى، بل الحصول على ضمانات لها مصداقية أن البرنامج النووى الإيرانى هو برنامج للأغراض السلمية فقط.
وتحركت إيران بسرعة لتنفيذ الاتفاق، وبعد أسبوع واحد أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران قد قامت بالفعل بتنفيذ ما تعهدت به.

خالد كساب يكتب العدالة.. لماذا هى عمياء؟!



ما يحدث فى مصر هذه الأيام جعلنى أتذكر تلك الحكايه الشهيره التى تختصم فيها سيدتان بعضهما البعض.. وتتنازعان على أمومة طفل.. كل واحده منهما تؤكد أنها هى أمه الحقيقيه.. ولأن إختبار ال « DNA « لم يكن قد ظهر بعد فى تلك الأيام القديمه.. لذلك ذهبتا إلى حكيم الزمان سيدنا سليمان ليحكم بينهما فى ذلك النزاع.. إعتمد الحكيم سليمان على تلك الحقيقه النفسيه الغريزيه التى تنص على أن الأم الحقيقيه لن ترغب فى إثبات أمومتها بقدر رغبتها فى عدم تعرض طفلها للأذى أو للألم.. وبناء عليه طلب سيدنا سليمان من السيدتين أن تقوما كلتاهما بشد الطفل من إحدى يديه ومن تنجح فى شده إليها تكون هى أم الطفل الحقيقيه.. أشفقت الأم الحقيقيه على طفلها من تلك الفرهده والبهدله والشد والجذب.. فرفضت وتنازلت عنه للسيده الأخرى.. فعرف سيدنا سليمان أنها هى الأم الحقيقيه.. وأمر بإعطاءها الطفل وسجن السيدة الأخرى.. إنه حكم الحكمة.. والكلمات التى يفترض فيها أن تشير إلى العداله مثل «الحكم» و«المحكمه» ليست سوى مشتقات لغويه من الكلمه الأم.. «الحكمه» !
أسرح فى مدى حكمة التصرف الذى تصرفته الأم الحقيقيه.. هل كان ينبغى عليها أن تتنازل عن طفلها بتلك السهوله خوفا عليه من الشعور بالألم أثناء عملية الشد التى قد لا يتحملها جسده الرقيق؟! طب ماذا لو لم يستخدم سيدنا سليمان حكمته للفصل فى النزاع واكتفى بالإعتماد على تنازل الأم الحقيقيه عن طفلها للسيده الأخرى.. ما الذى كان يمكن وقتها للأم الحقيقيه أن تكسبه من تصرفها ذلك سوى فقدان طفلها للأبد؟! تفيقنى من خيالاتى تلك الحقيقه الهامه التى تنص على أنها حكايه.. مجرد حكايه قديمه لتعليمنا الحكمه.. حكايه تأتى العبره فيها من خلال تصرف سيدنا سليمان وليس من خلال تصرف الأم الحقيقية.. بمعنى أصح المطلوب منا فى تلك الحكاية هو تعلم الحكمة من سليمان.. وليس من الأم.. من منطلق أن تنازل الأم عن طفلها بتلك السهوله إشفاقا منها عليه ليس من الحكمة فى شيء.. ولو لم يكن سيدنا سليمان موجودا فى تلك الحكايه كنتم ستجدون أنفسكم أمام حكايه أخرى تماما.. حكاية يتم الحكم فيها تبعا لمواد القوانين التى اخترعناها نحن أنفسنا ذات يوم من أيام الماضى.. والتى لو كانت هى التى تحكم فى مثل ذلك الموقف لما كانت قد أمرت سوى بضم الطفل إلى الأم المزيفة.. لأن المحكمة مالهاش غير اللى قدامها.. والقوانين التى اخترعناها مالهاش دعوة بالحقائق.. ليها دعوة بالأدلة والوقائع والمستندات.. وكم من أحكام بالبراءة صدرت ضد جناة حقيقيين إلا أنه لا توجد أدلة مادية ملموسة على إدانتهم كما أنه كم من أحكام صدرت بالإدانة ضد أبرياء بجد إلا أنه أيضا لا توجد أدلة ملموسة على براءتهم.. لهذا نرى شعار العدالة عبارة عن سيدة معصوبة العينين وتمسك بالميزان للدلالة على أن العدالة عمياء ومالهاش دعوة غير باللى موجود فى الميزان.. وهو الشعار الذى لم اقتنع به يوما.. حيث ينبغى على العدالة أن تكون مبصرة لترى على الأقل أى من كفتى الميزان فى يدها قد رجح.. إذن.. العدالة عمياء.. بينما حكم سيدنا سليمان مبصر.. وعلى الرغم من تلك القاعدة القانونية التى تنص على أنه الإعتراف سيد الأدلة.. إلا أنه ها هو إعتراف رسمى يتصرف سيدنا سليمان بعكسه بعد أن يرى بأعين حكمته أن الإعتراف كاذب بسبب خوف الأم الحقيقية على إبنها من الشد والجذب والشعور بالألم.. لهذا تصرف تلك السيدة بهذه الطريقة وصدور الحكم بتلك الكيفية التى ترتكز على الحكمة وليس على القانون الجامد كانا رهنا بوجود سيدنا سليمان فى الحكاية !
الآن.. وبينما مصر الجميله والعظيمه قد باتت أشبه بذلك الطفل الذى يتجاذبه الجميع فى خضم تلك الخناقة اللى ما حدش عارف لها أول من آخر.. ما الذى ينبغى على أهل تلك البلد الحقيقيين فعله بالظبط؟!.. أن يتركوها للأم المزيفة خوفا على البلد من كل ذلك الجذب والشد؟!.. أم يتمسكون بطفلهم ويفضلوا يشدوا فيه لحد ما يتفسخ نصين فى إيديهم؟!.. إنها ورطة سودا ينبغى أن نتذكر أثناء محاولتنا لحلها أنه مافيش حاليا سيدنا سليمان ليحكم بيننا بحكمته المبصرة.. فلا يوجد حاليا سوى أحكام القانون الذى قررنا التعبيرعنه بتمثال لسيدة معصوبة العينين تمسك بميزان فى يدها.. طبيعى طبعا ما تشوفش الحقيقة.. لسبب بسيط جدا جدا وواضح وضوح الشمس.. إنها مغمية عنيها.. يبقى حتشوف إزاى؟!

نوارة نجم تكتب القسر الطوعى



«لن أخون الله فيكم»، هكذا ختم السيد الرئيس محمد مرسى خطابه الأول بعد حلفه اليمين الدستورية. مشكلتى أننى أصدق الناس، يعنى راجل كبير، وأستاذ فى الجامعة، ومعلم أجيال، ويصلى ويشركنا معه فى كل فريضة يؤديها: الرئيس صلى الفجر، الرئيس صلى الضهر… الرئيس ابتسم فى وجه أحد حرسه فبكى كل من بالقصر الجمهورى، معقولة بعد كل ده يكذب؟ ده حتى عيب يعنى وشكله قدام عياله حيبقى وحش… هبلة، مش كده؟ طب ده أنا تطورت كثيرا، بالأمس القريب كنت أصدق كل من يقسم بالله: ده حلف.. يعنى حيحلف كدب يعنى؟
«لن أخون الله فيكم»… الله أصدَقُ من الرئيس ومن ظنونى. لكن ما يحدث فى سيناء من مهازل يهدد الأمن القومى المصرى، حيث إن الاشتباكات تقتصر على الطرفين: إسرائيل والجماعات المسلحة، بينما تقف قواتنا المسلحة المصرية التى برعت فى الفندقة والمكرونة وتعبئة زيت الزيتون والحلل والطاسات، تشجع اللعبة الحلوة، وملبّسانا كلنا الطاسة رسمى، التهديدات انهالت على 20 أسرة مسيحية، بينما تم الاعتداء على محل مملوك لأحد المواطنين المسيحيين، وبدلا من أن يقوم جهاز المخابرات المصرى بدوره فى تتبع التهديدات الموجَّهة بشكل طائفى لإشعال الفتنة فى مصر، وإفزاع المواطنين، أو أن تقوم قوات الأمن أو الجيش بحماية المواطنين، وإشعارهم بالأمن، الذى يستتبع الشعور بالانتماء، اهتمّ جل الناس بوصف تهجير الأسر المسيحية بـ«الطوعى»! تهجير وطوعى! ده زى سرقة بالتراضى واغتصاب بالتوافق. كم هى قبيحة نفوس المتحدثين باسم الله لدرجة جعلت الكراهية الطائفية تُعمِى أبصارهم وبصائرهم عن خطورة تهجير المسيحيين واستهدافهم بشكل طائفى فى المنطقة الأكثر خطورة وحساسية: سيناء. بس عمالين تتكلموا عن تقسيم مصر! أمال ده تقسيم على القانون والعود؟
الناس تخشى من احتلال حماس لسيناء؟ يا ريتها ترسى على كده. وأى خيانة أكبر من ترك أعز جزء من الأراضى المصرية مرتعا للإسرائيليين والعصابات المسلحة؟
«لن أخون الله فيكم»… كان محمد عزام، 47 عاما، بائع الطيور بمركز بنجا طهطا، قد ضم 10 أمتار من الأرض المجاورة له، والمملوكة للدولة، ليوسع على نفسه ضيق المكان الذى يزدحم بزوجته وأمه وأولاده الستة، فيكفيهم ما يعانون من ضيق العيش، وضيق أفق المجتمع، وضيق خلق السلطة، فقامت الدولة بتغريمه 1000 جنيه. اقتطع محمد من رغيف أولاده حتى تمكن من دفع 600 جنيه، حتى ضجت بطون أسرته بالجوع فلم يتمكن من دفع القيمة الباقية، فأصدرت المحكمة حكما بحبسه أسبوعين ودفع كفالة 20 جنيها مصريا فقط لا غير.
اقتحمت قوات الشرطة، المهزومة فى 28 يناير، والمنصورة بجبر «العسكرى» والإخوان لها، منزل عزام الفقير، وكان يتناول العشاء مع أولاده. قال لهم محمد: هى لسه الشرطة بتقتحم على الناس؟ مش بطلت من بعد الثورة؟ فسبّ الضابط محمد بأمه، فرد محمد على الضابط السباب، فما كان من القوة إلا أن قامت بسحله وجره إلى سيارة الشرطة، وقال الضابط لوالدة محمد: وحياة أمك ما حتشوفيه تانى. لكن والدة محمد «شافته تانى»… وهو جثة هامدة.
«لن أخون الله فيكم»… تصدق بالله يا ريس.. أهو الشهيد محمد عزام صدّقك كما صدّقتك أنا تماما، مما دفعه إلى تحدى ضابط الشرطة الذى قتله.
ما ذُكر أعلاه هو رواية زوجة محمد، أما رواية الداخلية فهى كالآتى: «لدى ضبط المذكور قام بتوجيه الألفاظ النابية لأفراد القوة إلا أنه تم احتواء الموقف واصطحابه لمركز الشرطة وأثناء إنهاء الإجراءات القانونية بوحدة مباحث المركز سقط مغشيا عليه».
وتم نقله على الفور إلى المستشفى المركزى لإسعافه إلا أنه وصل جثة هامدة -حسبما ذكرت مديرية الأمن- وأنه بتوقيع الكشف الظاهرى على المذكور لم يتبين وجود أى إصابات ظاهرية بالجثة ما عدا كدمة بالأنف، يرجح أنها حدثت نتيجة سقوط الضحية أرضا على وجهه».
منه لله محمد عزام، مش كفاية شتم الناس الأميرة الكُمَّل؟ كمان يقع مغشوشا عليه، ويموت بالقصد عشان يقطع عيش الظابط!

وائل عبد الفتاح يكتب حرب المظاليم



لا تعودوا». لن نعرف بالتأكيد من كتب هذه العبارة على سور الكنيسة المحترقة فى رفح، لكننا يمكن تخيُّل هذه النفسية السوداء التى تفرح فى طرد وترحيل عائلات من بيوتها.
لا يهم هنا هل هو قرار رسمى بالتهجير أو مشاعر خوف متضخمة عند العائلات المسيحية جعلتها ترضخ لتهديدات الجماعات الإرهابية وتترك بيوتها بعد أن اكتشفت أنه لا دولة فى سيناء يمكن أن تحميها!
دولة لم تهتز، لأن عائلات بكاملها تُجبَر (خوفا أو سياسة) على البحث عن «بيوت بديلة»، وهذا ما تكرر فى دهشور وقبله فى العامرية، وكانت التصريحات الرسمية دائما تنكر فكرة «التهجير» لا فرق بين عسكر ورئيس إخوانى منتخب.
الإنكار يدل على قبول جزئى بأن رحيل المسيحيين من مناطق التوتر هو الحل.
والإنكار هو المقدمة للحل الذى يتلخص فى ٣ خطوات:
1- مجلس عرفى بقيادة متطرفين يغلِّبون الأمر الواقع على كل شىء.
2- يعود بعض المسيحيين فى حالة الضغط الإعلامى أو الحقوقى.
3- لا يحاكَم أحد من المتسببين فى التهجير القسرى وهو جريمة لم يحاكَم أحد بسببها.
الشخص الذى وجّه رسالة «لا تعودوا» إلى المسيحيين فى رفح ليس بالضرورة إرهابيا ولا منتميا إلى جماعات مغلقة.. لكنه ابن ثقافة ترى أن هذا البلد ضيق على أهله ولن يتحملنا جميعا.
وهنا لا بد من فرض أمر واقع بالضغط على أكثر من جهة.. أهمها ترهيب المسيحيين أو نشر مشاعر الخوف التى تجعلهم لا يشعرون أنهم مواطنون، ولكن ضيوف يجب أن يقبلوا بحقوق منقوصة فى إطار «بلطجية الأغلبية».
إنها حرب المظاليم.
الدولة المستبدة ظلمت الجميع ولم تعترف بمواطنة إلا الدائرة الصغيرة المحيطة بالسلطة.
الملايين خارج هذه الدائرة هم مظاليم.. وضحايا.
ولأن تفكير الضحية والمظلوم مغلق، لا تجد طريقا للتخلص من الظلم إلا بظلم الأطراف الأضعف.
هذا هو الوعى الذى كرس الأفكار الطائفية والعنصرية الساذجة وجعلها عصب تفكير طائفى/عنصرى مغروس فى تربة، ليس لها تاريخ فى الطائفية أو العنصرية.
هكذا تحولت الثورة إلى حرب مظاليم.
حرب تقودها تنظيمات خارجة من ثقافة ترى الحل فى تحويل البلد كله من شعب إلى قبيلة.
الشعب متعدد والقبيلة نُسخ متشابهة.
يريد المظلوم المسلم أن يقتل المظلوم المسيحى ليشعر بانتصاره على الظلم.
ويريد الرجل أن يعيد المرأة خطوات ليشعر بذكورته المنقوصة.
هذه هى العقلية التى ترفض أن نتساوى جميعا فى المواطنة، تتصور أن المواطنة يمكن أن تخضع لكتالوج يقصى كل من هو خارجها.
هذه العقلية المنحطة تريد فرض سلطتها الآن، بعد أن غابت السلطة التى كانت تقهر الجميع.
هذه العقلية التى رضيت بالقهر تريد فرض قهرها من جديد، تريد أن تحول العلاقة بين الرجل أو المرأة إلى هوس ذكورى بإخفاء المرأة وتجعل الهوية الدينية بوابة الحصول على الحقوق أو الشعور بالأمان.
هذه العقلية تعادى ما ليس يشبهها.
ولهذا يلمع المتطرف الآن.. ماذا ستفعل مع المختلف معك؟ هل تقتله؟ هل سيقتل الإسلاميين المختلفين معه أم سيجبرهم على الرحيل من مصر؟
هل سيفرضون مصر المتخيلة فى عقل مشايخهم، وساعتها انتظروا حروبا أهلية يومية وخروج مصر كلها من التاريخ وإعلانها تحت احتلال وطنى جديد.
الثورة خلصتنا من احتلال الجنرالات والآن المشايخ يريدون إعلان وقوع مصر فى أسر الغزاة.
يا من كتبت هذه العبارة بعد أن أحرقت الكنيسة..
أنت منحط وإرهابى.
لن يزيد تدينك بهذه الجرائم.
والأهم أن تعرف أنك لست وحدك فى هذا البلد.
لا أنت ولا من يشبهونك.
هذا بلد، حياته فى تنوعه، والمواطنة فيه ليست مِنَحًا توزَّع حسب الهوية الدينية أو الجنسية.
هذا بلد سىموت إذا مات فيه حق الأقليات أو انتصر المظلوم الأكثر عددا على المظلوم الأقل عددا.. أو قُهر فيها الفرد لصالح القطيع، فالثورة لم تكن دورة فى مصارعة المظاليم.

عمر طاهر يكتب 3 احلام


(1)
فتاة رقيقة ترتدى ملابس رياضية بيضاء اللون وتقود دراجة ملونة مبهجة، تترك دراجتها فى حيازتى وتختفى، أفكر كثيرا فى الهروب بالدراجة لكن شيئا قويا بداخلى يمنعنى، أرهقنى الصراع بين رغبتى فى سرقة الدراجة وتأنيب ضميرى على شىء لم أفعله، قررت أخيرا أن أترك الدراجة فى مكانها وأنصرف.
بعد عدة خطوات وجدت أمى فى محل للمشويات ترحّب بضيوف لا أعرفهم، كان هناك حارس ضخم أسمر يبتسم لى، اقتربت منه بحذر، صافحته فقال لى إن والدتى تحتفل بعيد ميلادى، فقلت له إن اليوم لا يوافق تاريخ ميلادى، فقال إن الحياة مليئة بالأسرار.
كانت أمى تودّع ضيوفها عند باب آخر للمحل وكان بينهم الفتاة صاحبة الدراجة.
(2)
فى منزل العائلة زحام ما، بين الزحام فتاة يعرفها ويشتهيها، طلب منها أن يتوجها معا إلى أحد الأركان ذات الضوء الخافت، وطلب منها أن لا تحدث ضجيجا بكعب الحذاء العالى حتى لا توقظ أهله.
تستجيب لطلبه فى الخطوات الأولى لكنها تفقد السيطرة على صوت طرف كعبها المعدنى فى أثناء سيرها فوق أرض خشبية، انزعج بشدة من هذا الاستهتار، فحملها بعنف وفتح باب الشقة ليطردها، كانت هى تشعر بالإهانة فتشبثت به بقوة، لكنه نجح أخيرا فى التخلص منها، ثم شعر فجأة بضيق عارم عندما اكتشف أنه فى أثناء تخلصه منها اضطُرّ إلى أن يهبط معها عدة درجات من السلم.
(3)
بيت قديم واسع، تصميمه يشبه تصميم البيوت الكبيرة التى يسكنها الأعيان فى الريف.
أتأمل الشبابيك الطويلة الواسعة وأنا فى حالة مزاجية جيدة جدا.
أحاول الخروج من البيت والذهاب لشراء بعض الطعام، عند باب البيت وجدت امرأة طيبة تقف مبتسمة.
كان البيت يطل على نهر هادر ماؤه رائق ويجرى سريعا، وفى الوقت نفسه كانت الأمطار تهطل بشدة.
تراجعت عن المشوار ووقفت عند الباب أتأمَّل المشهد.
كان بداخلى يقين أن هذا البيت لم يكن يطل على أى نهر من قبل.

Saturday, September 29, 2012

عشرات الأقباط يتظاهرون أمام الاتحادية للتنديد بتهجير مسيحيى رفح




يشهد محيط قصر رئاسة الاتحادية، تظاهرة لعشرات الأقباط، للتنديد بتهجير أسر قبطية برفح إلى العريش، مطالبين بعودتهم وتوفير الأمن لهم، ورفع المتظاهرون لافتات مكتوب عليها" يا مسيحى ساكت ليه قطعوا لسانك ولا إيه"، "سينا بتضيع مننا". 

وهتف المتظاهرون قائلين" ياللى بتسكت على التهجير بكره هتبقى عبد أجير"، "مصر دولة للجميع مش للمرشد والقطيع"،" سينا لكل المصريين مش لحماس ولا فلسطين". 

من جانبه، قال أشرف جورج، العضو المؤسس لحركة الحقوق المدنية للمسيحيين، الجهة الداعية إلى التظاهرة: يجب على الدولة والحكومة أن تحدد هل هى موافقة على التهجير أم لا؟ فإن كانت موافقة فهذا اضطهاد، وإن لم توافق فلماذا لم توفر لهم الأمن. 

وأضاف جورج، أن الأقباط مواطنون أصليين، وعلى الدولة حمايتهم، موجهاً رسالة إلى المسيحيين ألا يسكتوا على التهجير كما تم تهجير الأقباط فى العديد من المناطق ليأتى الدور على مناطق أخرى، مطالبا الدولة بإسقاط مواد التمييز من الدستور.

نائب برلماني: تهجير الأقباط من سيناء يعني تحويلها إلى قندهار جديدة




استنكر النائب البرلماني هيلاسلاسي غني ميخائيل، عضو مجلس الشورى بمحافظة المنيا، تهجير الأقباط من سيناء، محذرا من أن تتحول سيناء إلى ''قندهار جديدة''، على حد قوله.
وقال ميخائيل، وهو رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، في بيان له يوم السبت، إن الدولة يبدو أنها تنصاع لرغبات المتشددين وتبارك إرهاب الأقباط، مشيرا إلى قول محافظ شمال سيناء والأجهزة الأمنية بأنهم غير قادرين على حماية الأقباط، بعد تهجير 9 أسر مسيحية في رفح.
وأوضخ النائب البرلماني أن ''الأقباط الذين انخرطوا ببسالة في الجيوش المصرية على مر التاريخ والذين سجل لهم التاريخ رفضهم كل وصاية أجنبية يستحقون أن توفر الدولة لهم الرعاية الواجبة وتضبط من أطلق الرصاص تجاه مسيحيو رفح''.
وتساءل ميخائيل: ''من صاحب الولاية الحقيقية الآن على شبه جزيرة سيناء هل السلطة المصرية أم فكر التطرف والإرهاب وإذا كانت السلطة ممثلة في محافظ الإقليم الذي ينوب عن رئيس الجمهورية والحكومة تنصاع بشكل غير مباشر لرغبات الخارجين عن القانون و الإرهابيين فمن إذا سيتصدى لمحاولات تقسيم مصر أو يحمينا من تحول سيناء ''لقندهار'' جديدة؟'' كما قال.