جلست «الأم والأخت» طويلاً بجانب هاتف المنزل الأرضى انتظارا لمكالمة مصلحة السجون لتبشر الأسرة المكلومة منذ مارس 2011 بخروج الابن الأصغر للعائلة صاحب الـ4 أشقاء، بحسب وعود المحامين بأن العفو الرئاسى بات قريباً، ولكن حينما رن الهاتف كانت الإجابة مقتضبة: «إسلام مش خارج فى عفو الريس.. معلش أكيد هيخرج المرة الجاية».
إسلام حربى، ذلك القاصر صاحب الـ16 عاماً، بات «النزيل» الأقدم فى زنزانته بسجن طرة، فهو حبيسها منذ 30 مارس 2011، بعدما حوكم بتهمة حيازة سلاح أبيض والتجمهر فى قضية لم يكن «طرفاً» فيها بالأساس، وحصل على حكم عسكرى بـ7 سنوات، وهو فى الـ14 من عمره، قبل أن يرفق القضاء العسكرى بحاله ويخفضها إلى عامين، لتظل الأم تقدم تبريرات واهية لتساؤلات ابنها فى الزيارة الأسبوعية بطرة حول أسباب عدم مغادرته سجون العسكر ضمن «عفو مرسى».
الأخت الكبرى لإسلام تتحدث عن مأساة أسرة كان هو عائلها، قائلة: «خرج إسلام برغبته من المدرسة وهو فى الصف الخامس الابتدائى ليتفرغ لرعاية الأسرة، متعلقاً بمهنة «صبى فرن» بعائدها المادى البسيط، قبل أن يدفعه فضوله لمعرفة أسباب شجار عنيف نشب فى 22 مارس 2011 بمنطقة القطامية بين عائلتين، إلى قضاء عامين من عمره وراء جدران السجن، بعدما قبضت عليه الشرطة العسكرية بشكل عشوائى مع أطراف المشاجرة».
تواصل الأخت الحديث: «إسلام يلقى معاملة سيئة داخل السجن، فكونه المسجون الأصغر وسط معتقلين جنائيين وسياسيين يجعله عرضة دائمة للتحرش والاعتداء الجنسى من المساجين، وإدارة السجن لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم، وكأنه عقاب»، مشيرة إلى أن أخيها دائم الشكوى من تعرضه للسرقة، خاصة فيما يتعلق بملابسه التى تحضرها له الأسرة، حتى إنه يبدو لنا فى زياراتنا الدورية كأنه «فعلاً مجرم»، لأنه يقبع فى زنزانة مخصصة للحالات الخطيرة يطلق عليها «دواعى أمنية».
الأم التى لم تجد وسيلة لكسب الرزق الحلال سوى مهنة «بائعة الجرائد»، تطالع يومياً الصحف لعلها تجد خبر العفو عن ابنها الأصغر، تتحدث عن أنها لا تريد سوى رد كرامة واعتبار إسلام بإسقاط التهم عنه التى ستطارده مستقبلاً فى حياته، قائلة: «ابنى لو التهم ماسقطتش عنه.. هيتعامل معاملة السوابق.. وهيضيع أكتر ما هو ضايع»، موضحة أنه سيغادر السجن فى أكتوبر المقبل ولكنه سيغادره إلى سجن أكبر هو المجتمع الذى سينظر إليه نظرة أرباب السجون وهو ما زال فى عامه الـ16، فبالرغم من أن وسائل الإعلام سارعت فى بداية سجن إسلام إلى عرض قضيته فإنها سرعان ما «تجاهلته مع الأيام، وظللت وحدى أنا وعيالى نبحث عن الحرية لابنى»، موجهة الشكر إلى مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين» التى ساندت القضية منذ لحظتها الأولى ولم تتوقف عن تقديم الدعم والإعاشات للابن المسجون.