Sunday, September 30, 2012

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تلغي زيارتها إلى تونس



أعلن يوم أمس مساعد المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، أن المستشارة ميركل ألغت زيارة لتونس كان من المقرر أن تقوم بها في اوائل شهر أكتوبر القادم، وذكرت صحيفة ألمانية ان الإلغاء يرجع الى بواعث قلق امنية بسبب الاضطرابات التي شهدتها المنطقة خلال الاحتجاجات على الفيلم المناهض للاسلام.
وقال المتحدّث باسم ميركل ستيفين سايبرت أن الزيارة ألغيت “بالاتفاق مع الحكومة التونسية”. وامتنع عن الافصاح عن سبب الالغاء لكن صحيفة فاينانشال تايمز دويتشلاند أرجعته الى بواعث قلق أمنية في عرض موجز لعدد يوم الخميس.
واتخذت المستشارة موقفا تصالحيا مع مسلمي ألمانيا خلال حديث عبر الهاتف مع انصار حزبها في وقت متأخر يوم الاربعاء. وقالت انه مع وجود أكثر من ثلاثة ملايين مسلم في المانيا صار الاسلام “جزءا منا”.
وأشارت الى الاحتجاجات العنيفة على فيلم “براءة المسلمين” التي تعرّضت خلالها السفارة الالمانية في السودان للاقتحام هذا الشهر “معظم المسلمين في ألمانيا نأوا بأنفسهم بوضوح عن مثل هذه الافعال.”
وانتقدت الحكومة الالمانية الفيلم ووصفته بأنه هجوم فجّ على الاسلام كما وصفه وزير الخارجية جيدو فسترفيله بأنه “فيديو معاد للاسلام ويحض على الكراهية”. وتقول السلطات الالمانية أنّها ستنظر في منع أيّ محاولة لعرضه.

فهمي هويدي يكتب ارفعوا أيديكم عن عبدالناصر



أصبحت أخشى على عبدالناصر من الذين يهتفون باسمه هذه الأيام ويتدثرون بعباءته، حتى أزعم بأن الرجل لو بعث حيا لأدهشه وأغضبه أن يزج باسمه فى الكثير مما يجرى، ولتمنى ألا يأتى البعض على سيرته فيما يقولون ويفعلون.

خصوصا أولئك الذين يحاولون تقمص شخصيته والادعاء بأنهم خلفاء له. وكان الرئيس الليبى السابق معمر القذافى أبرز هؤلاء، منذ استغل عبارة قالها الرئيس الراحل بحسن نية ذات مرة أثناء زيارته لليبيا، ووصف فيها صاحبنا بأنه أمين على الثورة العربية والقومية العربية. ومنذ ذلك الحين حولت أبواق القذافى تلك الشهادة إلى نشيد وطنى يتردد كل يوم تقريبا. واعتبرها الأخ العقيد صكا أرضى به غروره وطموحه، وأذل به شعبه إلى أن كشفت الثورة الليبية عن حقيقته وعاقبته بما يستحقه.

أستغرب تمسح بعض الفلول فى اسم عبدالناصر وزعمهم بأنهم امتداد له. وجنود أوفياء لثورة 23 يوليو، فى حين أنهم بقايا نظام كان بمثابة انقضاض على أهم ما مثله عبدالناصر، على الصعيدين الوطنى والاجتماعى. لقد حاولوا ان يستخدموا اسمه وقبره فى إطلاق المظاهرات المعادية للثورة. وطالعنا رسالة لأحدهم فى ذكرى وفاته (28 سبتمبر) حيا فيها «الزعيم الخالد» وأعلن التزامه بمبادئه ونهجه، فى حين أنه هو من قال أن مبارك وليس عبدالناصر هو مثله الأعلى، فى مراهنة ساذجة على ضعف ذاكرة المصريين. وكان ذلك من قبيل الإفراط فى الادعاء والتدليس، إذ لم يجد صاحبه غضاضة ولا فرق بين من كان كنزا استراتيجيا لإسرائيل، ومن كان عدوا استراتيجيا لها. تجلت تلك الفجاجة أيضا فى أداء نموذج لأحد المهرجين الذين ظهروا فى الساحة السياسية مؤخرا. فصاحبنا هذا الذى يتمسح الآن فى ثياب عبدالناصر، كان قبل عدة أشهر ضيفا على حزب الكتائب اللبنانى، وألقى خطبة اعتبر فيها زعيم الحزب سمير جعجع الذى تلاحقه شبهات واتهامات عديدة تشينه سياسيا ــ سواء فى ارتكاب جرائم القتل فى الداخل أو فى تعامله مع إسرائيل وغيرها من الدوائر المشبوهة ــ ويعتبر ان ذلك الدور المشبوه كان «ملهما» للثورة المصرية!

خلال السنوات الأخيرة لاحظنا أن إرث عبدالناصر تنافست عليه أربع مجموعات على الأقل ظهرت تحت مسميات هى: الحزب العربى الديمقراطى ــ وحزب المؤتمر الشعبى الناصرى ــ وحزب الكرامة ــ وحزب الوفاق. وداخل كل واحدة من تلك المجموعات أجنحة كان التنافس بينها  أشخاص بالدرجة الأولى وليس حول مبادئ وأفكار. صحيح أنه كان بينهم متطرفون يصرون على استنساخ التجربة الناصرية كما كانت، ومعتدلون فضلوا اخضاع التجربة للنقد والتطوير، كما ان بعضهم ظل ملتزما بإطار التنظيم الطليعى، فى حين أن جيلا آخر من الشباب انخرطوا فيما عرف باسم أندية الفكر الناصرى، إلا أن القاسم المشترك الأعظم بين الجميع كان شخص عبدالناصر.

قبل أيام قليلة ــ فى ذكرى وفاة عبدالناصر يوم 28/9 ــ أعلنت تلك الأحزاب اندماجها فى حزب واحد قيل انه سيحمل اسم الحزب الناصرى. ولم يعد سرا ان تجاوز تلك المجموعات لخلافاتها لا يرجع إلى تقارب فى الأفكار وتنازل عن الحسابات الشخصية بقدر ما انه ينطلق أساسا من الاحتشاد لمواجهة الإخوان والسلفيين فى الانتخابات القادمة. الأمر الذى قد يعنى انه تحالف مؤقت معرض للانفراط بمجرد انتهاء الظرف الذى استدعاه.

من ناحية ثانية فإن الاسئلة يمكن أن تثار حول مدى قدرة الائتلاف الجديد على جذب أصوات الجماهير، خصوصا الشرائح التى ترى ان التجربة الناصرية تمثل خبرة ماضوية بأكثر من كونها مشروعا مستقبليا. وفيما فهمت فإن الداعين إلى إقامة الحزب أو الائتلاف الجديد يتطلعون إلى الحفاظ فى الانتخابات القادمة على الأصوات التى حصلها المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى (مؤسس حزب الكرامة) إضافة إلى الأصوات التى أعطيت للفريق أحمد شفيق عن غير اقتناع به، ولكن تعبيرا عن معارضة المرشح الآخر الدكتور محمد مرسى. كما أنهم يأملون أيضا فى جذب أصوات الخائفين من نفوذ الإخوان المسلمين.

الأمر الجدير بالتسجيل فى هذا السياق ان جمال عبدالناصر كان من أوائل الذين عارضوا تداول مصطلح الناصرية، حين برز فى أوساط بعض الجماعات الوطنية فى أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وكان من رأيه أن هناك أناسا يتعاطفون مع تجربته وهؤلاء يمكن وصفهم بالناصريين حقا، ولكن من الخطأ أن تختزل التجربة فى شخصه بحيث تصبح  المبادئ والقيم الوطنية والاجتماعية التى دافع عنها مشروعا ناصريا، وهى ليست كذلك بالأساس. وقد سجل هذه الفكرة الأستاذ محمد حسنين هيكل فى بعض كتاباته، وعلى موقع السيد سامى شرف مدير مكتب الرئيس الراحل شهادة له بذات المعنى.

أدعو الجميع لأن يرفعوا أيديهم عن عبدالناصر. سواء كانوا انتهازيين يتمسحون فيه لإيهامنا بانتماءاتهم ونسبهم الوطنى، أو حواريين يدغدغون مشاعر الناس بأحلامهم سنوات خلت وعالم انقلب رأسا على عقب. لذلك أزعم أن الوفاء الحقيقى لعبدالناصر يكون بتجنب ابتذال اسمه. وبنقد تجربته بنزاهة ومسئولية، وبالدفاع عن القيم الايجابية التى ناضل من أجلها وتمثلت فى تمسكه بالاستقلال الوطنى والعدل الاجتماعى والانتماء إلى الأمة العربية ــ لأن الشخص زائل والأمة باقية.

وائل قنديل يكتب خبر سار وسط مناحة قومية




أن يقرر أربعة من المنسحبين الخمسة من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور العودة إلى المشاركة واستئناف عملهم فى صياغة دستور مصر الجديدة فهذا خبر يستحق الاحتفاء ويبعث على بعض التفاؤل فى ظل هذه المناحة القومية المنصوبة بطول مصر وعرضها.

وأن يعلن كل من الدكتور عبدالجليل مصطفى والدكتور سمير مرقس والدكتور جابر جاد نصار والدكتورة سعاد كامل رزق، وكلهم من التيار المدنى، فى بيان صدر أمس الرجوع عن قرار الانسحاب، والانخراط فى صناعة الدستور فهذه خطوة تعلى المصلحة الوطنية، بعيدا عن هذه المهارشات والمكايدات الصغيرة التى تملأ سماء مصر بالغيوم.

وبالنظر إلى أسماء العائدين فهم مجموعة من المعارضين الأشداء الأوفياء للقضية الوطنية دون مزايدة أو ترخص فى الخلاف أو ابتذال للمواقف.. أما البيان الصادر بشأن العودة فإنه يؤكد مجموعة من القيم المحترمة فى ممارسة العمل السياسى المتجرد من شبق الاحتراب من أجل الاحتراب، وهو الميكروب الذى هاجم الساحة السياسية مؤخرا، وأدى إلى نوع خطير من السيولة فى المواقف التى دفعت بالبعض إلى تسييد نوازع المناوأة والمناكفة، حتى وإن كان ذلك بالتنسيق والتحالف مع أطراف تناصب ثورة 25 يناير العداء الصريح.

وحسب نص البيان «فإن المنسحبين يعودون إلى الجمعية للمشاركة الفعالة فى أعمالها على النحو المشار إليه وعلى قاعدة تأكيد وتفعيل دور الجمعية التأسيسية كوكيل عن الشعب فى إنشاء وإدارة حوار مجتمعى واسع وشفاف يضمن التوافق والمشاركة وليس التغالب والمنازعة لتأكيد احترام التقاليد الدستورية المصرية العريقة وإحاطة جموع الشعب بما يتم التوافق عليه داخل الجمعية ويحتفظون فى ذات الوقت بحقهم فى اتخاذ أى موقف تمليه عليهم ضمائرهم والتطورات اللاحقة سواء داخل الجمعية أو خارجها من أجل هدفهم الثابت فى كتابة دستور يليق بمصر الحرة الأبية بتنوعها الثقافى وتركيبها الحضارى وتجربتها التاريخية لتكون بحق وطنا عادلا ومنجزا ومتقدما ومكتفيا».

ومن الواضح أن هذه العودة لا تعنى أننا بصدد تقديم «شيك على بياض» للجمعية، بل إن وجود هذه الأسماء يوفر قدرا من الشفافية والوضوح فى عمل الجمعية، ويمثل عينا أمينة للمجتمع على ما يجرى داخلها، ومدى استجابة نصوص مواد الدستور لتطلعات وأحلام المصريين فى دستور ما بعد ثورة 25 يناير.

ويبقى على التيار الغالب داخل الجمعية التأسيسية أن يحتفى بهذه العودة بشكل عملى، من خلال الوفاء بما جرى الاتفاق عليه سابقا من السعى إلى تصعيد عدد من الأعضاء الاحتياطيين، بما يجعل التشكيل النهائى مجسدا بحق لحالة التنوع المجتمعى، ومعبرا عن جميع مكونات الأمة المصرية.

ولو تم ذلك، ومع وجود لجنة الخبراء الفنيين المكونة من عشرة من المثقفين والسياسيين من القوى المدنية، تمارس عملها فى المناقشة والصياغة والتصويب، فإننا نكون قد بددنا كثيرا من سحابات الشك والتربص بعملية وضع الدستور.

ومن الآن ستبدأ جوقة التشكيك والترويع فى النهش فى المنسحبين العائدين، واتهامهم ببيع القضية والسقوط فى إغواء الأخونة، إلى آخر هذه اللائحة من فزاعات الابتزاز وقطع الطريق على أية محاولة لتحقيق تقدم على هذا الطريق المزروع بالألغام وقنابل الكلام، الجاد منه والفارغ.

عماد الدين حسين يكتب خطورة تسليح أبناء سيناء



نتمنى أن تنجح جهود جميع الأجهزة الحكومية فى استعادة سيناء مرة أخرى لتصبح إضافة إلى الأمن القومى المصرى، وليس شوكة فى ظهورنا جميعا.

واجبنا يحتم علينا أن نناقش بهدوء ما تفكر فيه وتدرسه هذه الأجهزة، ومن بينها نية وزارة الداخلية تدريب وتسليح ألف من أبناء قبائل سيناء فى حفظ الأمن بالمنطقة يعملون فى وظيفة «حارس الدرك».

من الطبيعى أن نفكر فى كل الوسائل كى نخرج من هذا النفق الأكثر إظلاما من الأنفاق المحفورة فى رفح على جانبى الحدود. ونسأل هل فكرنا فى التداعيات التى يمكن أن تنشأ بسبب فكرة تسليح أبناء القبائل؟!.

السؤال لا يعنى رفض الفكرة بل ضرورة تقليبها من كل الوجوه حتى نضمن نجاحها حال تطبيقها.

من المنطقى مراعاة طبيعة المنطقة وعاداتها وتقاليدها التى تختلف إلى حد ما عن كثير من عادات أهل الصعيد والدلتا أحيانا.

من الطبيعى أيضا الإيمان بأن فكرة عصا الأمن الغاشمة لم ولن تنجح فى فرض الاستقرار بالقوة، من دون وجود توافق شامل يراعى متطلبات أهل سيناء وتنمية مناطقهم.

علينا أن نفكر فى تجارب مماثلة حاولت بلدان أخرى تطبيقها وتقترب من نفس الحالة لكن مع فارق الظروف.

الحكومة السودانية الحالية لجأت إلى فكرة قريبة حينما سلحت قبل سنوات مجموعة من أبناء القبائل «الجنجويد» لمقاتلة المتمردين من نفس القبائل فى دارفور، والنتيجة هى تكريس الحرب الأهلية فى هذه المنطقة وليس إنهاءها.

الحكومة العراقية وبالتعاون مع المحتل الأمريكى اخترعت «الصحوات» واغدقت عليهم بملايين الدولارات، وتتلخص الحكاية فى تسليح بعض أبناء القبائل خصوصا السنية لمواجهة المقاومين للمحتل المنحدرين من نفس القبائل، والنتيجة أيضا هى حرب تصفية بين أبناء القبائل أنفسهم واتهامات متبادلة.. الصحوات تتهم المقاومة بأنهم إرهابيون، والمقاومة تتهم قيادات القبائل بأنها صارت أدوات فى يد المحتل.

من المهم تماما دمج أبناء قبائل سيناء ليس فقط فى جهاز الأمن ولكن فى سائر أجهزة الدولة حتى يشعروا بأن «البلد بلدهم» فعلا. لا نريد حلا يقضى على بعض الإرهابيين لكن يقود إلى حرب أهلية بين قبائل سيناء، علينا أن ندرس الأمر طويلا حتى لا نعالج مشكلة بمشكلة أكبر وأخطر.

الأمر يحتاج إلى استراتيجية شاملة فى جميع المجالات وليس فقط فى تعيينات بقطاع الأمن.

عندما يتم تعيين الخريجين فى سائر الوزارات، وعندما تكون هناك فرص عمل حقيقية، وعندما يشعر ابن سيناء أن الحكومة تتعامل معه باعتباره شريكا فى التنمية والوطن، فأغلب الظن سوف يختفى تماما المسلحون والإرهابيون والعملاء والمغرر بهم، وحتى إذا بقى بعضهم فإن أبناء المنطقة سيهبون لمواجهته.

مرة أخرى ما تفعله أجهزة الأمن فى مطاردة الخارجين على القانون فى سيناء شىء مهم جدا، لكن للأسف لا ولن يكفى مهما طال أمده.

نخطئ دائما حينما نتصور أن حل مشكلة سيناء فى جيب الأمن. ونخطئ أكثر حينما نعلق الأمر على شماعة المؤامرة الإسرائيلية الأمريكية.

المؤامرة موجودة لا شك، لكنها لا تعمل إلا من خلال أوضاع محلية، نحن السبب فيها. وعندما نفشل منذ عودة سيناء قبل أكثر من ثلاثين عاما فى حل مشاكلنا فمن العار أن نحمل المشكلة فقط لإسرائيل أو لأمريكا أو لبضعة تنظيمات متطرفة فى العريش أو غزة.

منذ عشرات السنين يقول الجميع إن الحل هو تعمير سيناء بصورة شاملة.. ولن يحدث ذلك إلا بتوافق وطنى شامل.. من دون ذلك لن تجدى أى خطة مهما حسنت النوايا.

مرسي يؤيد تدخلاً عسكرياً عربيا في سوريا مستشاره سيف عبد الفتاح ربط الأمر بمعرفة حدود وأهداف هذا التحرك




في أول موقف سياسي جديد يصدر عن الرئاسة المصرية، كشف سيف عبد الفتاح مستشار الرئيس المصري محمد مرسي، أمس السبت، أن مصر مستعدة للمشاركة في تدخل عسكري عربي في سوريا لإنهاء أزمتها، مجددة موقفها الرافض للتدخل الأجنبي في سوريا. 

وقال عبد الفتاح في تصريحات لوكالة أنباء "الأناضول" التركية إن "مصر تدرس المقترح القطري بشأن التدخل العسكري العربي في سوريا، وستجري اتصالات مع الدوحة وأنقرة قريبا حول هذا المقترح".

وأشار مستشار مرسي إلى أن "القاهرة قد تدفع تركيا لتنشيط المقترح القطري ودعم التدخل العربي في سوريا"، مضيفا أن "هذا الأمر سيتطرق إليه لقاء الرئيس مرسي مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال لقائهما المنتظر".

وأضاف عبد الفتاح "نحن مستعدون من حيث المبدأ للمشاركة في التدخل العربي في سوريا، ولكن بعد التعرف على حدود وأهداف وملامح هذا التدخل"، مشددا على "تمسك مصر برفض التدخل الأجنبي في سوريا".

وكان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة دعا، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي، إلى تدخل عربي في سوريا، مشددا على أنه "من الأفضل للدول العربية أن تتدخل انطلاقا من واجباتها الإنسانية والسياسية والعسكرية، بعد فشل مجلس الأمن في التوصل إلى موقف موحد بشأن سوريا".

وسبق للرئيس مرسي أن طالب في أكثر من مناسبة الرئيس بشار الأسد بالرحيل عن السلطة، معتبرا أنه لا مجال للحديث عن إصلاحات في هذه الآونة، لكن التغيير ووقف النزيف.

وعن المبادرة المصرية الرباعية لحل الأزمة السورية، قال عبد الفتاح "من السابق للأوان القول إنها أخفقت، ولكن نستطيع وصفها بأنها مبادرة النفس الطويل"، مضيفاً أن "إلغاء اجتماع دول المبادرة الرباعية في نيويورك الأسبوع الماضي، لا يعني فشلها ولكن الفترة المقبلة ستشهد لقاءات ثنائية بين دول المبادرة (مصر وتركيا وإيران والسعودية) وربما نحاول أن نجعل الأمور تصل لاتفاق الحد الأدنى".

ابراهيم عيسى يكتب ليبراليو الوهابية فى دستور الإخوان



فرقٌ كبيرٌ بين التوفيق والتلفيق..
جهود حثيثة نشهدها الآن فى لجنة الدستور سواء من الإخوان أو من الأعضاء الذين اختارهم الإخوان من غير التيار الإسلامى لزوم تجميل اللجنة، تسرع من إيقاع وحماس تمثيل مسرحية التنازلات المشتركة من الطرفين حتى تقطع الطريق على كشف عورات هذا الدستور وعوار واضعيه.
إن لجوء الإخوان المتلهف إلى الإخوة المحسوبين على القوى المدنية (ونحتسبهم عند الله) إنما يشبه الاستعانة بمحلل يبيح الزيجة غير المشروعة لهدف واحد هو إنقاذ وجه الطرفين ذوَى الوجهين.
الإخوان الذين يسعون للاستحواذ على الدولة ويستخدمون نفس الأساليب الفجة والتعسة التى احترفها مِن قبلهم النظام السابق، يريدون تمرير دستور يسمح لهم بالترويج لجمهورهم ثم لمستهدفيهم من الجمهور أنهم نصروا الإسلام وأعزوا الشريعة وواجهوا الملاحدة وأعداء المشروع الإسلامى.
حقيقة الأمر أن الإخوان والسلفيين يريدون من الدستور أن يكون دعايتهم الانتخابية فى معركة الانتخابات البرلمانية القادمة، فهو إنجازهم الوحيد إلى جانب إنجاز تحوُّل الرئيس مرسى إلى واعظ مصر الأول وأشهر خطيب مسجد فى العالم.
أما المحسوبون على التيار المدنى والذين، يا للمفارقة، يتحدثون عن أنفسهم باعتبارهم ليبراليين بينما هم يرضون بالتنازل عن قيم الحرية والعقل ويتوافقون مع التخلف ويضعون نظريات للقبول برجعية البداوة فهم فعلا ليبراليو الوهابية الجدد، يريدون دورا تحت الأضواء التى خَبَت عنهم وتكثفت على غيرهم والتزموا نفس المنهج السقيم القديم وهو أن يحاولوا لعب دور المعارضة الرسمية المستأنِسة المعترِفة بتفوق الحزب الحاكم ليتحصلوا منه على الفتات من المقاعد فى تنسيق انتخابى خائب كعادة هذا المنهج الذى ينتهى به الحال دائما إلى تحول هؤلاء إلى قطط منتظرة أمام محلات السمك.
الطرفان، مع اعترافى بحسن نية البعض وإخلاص البعض الأقل، يدّعيان القدرة على التوفيق بين مطالب المدنية ومساعى الغلوّ والتطرف الدينى، ولا أحد قال لنا كيف ستتم معجزة إبراء الأكمه وشفاء الأبرص عن طريق هؤلاء، فالمؤكد أن مادة فى الدستور تنص على حرية عقيدة لا يمكن أن تتوافق مع مادة تحدد العقيدة بأنها الأديان الثلاثة، واستمرار المادتين حتى نُرضِى الطرفين تلفيق لا توفيق.
ثم عندما تكون هناك مادة تبيح زواج القاصرات، وإن تلميحًا، لا يمكن أن تتوافق مع مادة تتحدث عن الحفاظ على حقوق الطفل، واستمرار المادتين معًا حتى يشعر كل طرف أنه نجح فهذا تلفيق لا توافق.
وأن يكون هناك نص على حرية الصحافة ثم آخَر على حق تعطيل الصحف، فكيف يتصور السادة الملفقون من جماعتنا فى الإخوان أو ليبراليى الوهابية أن هذا يَخِيل على الناس كأنه لا تناقض أو تنافر؟!
يناضل الإخوان كى يخرجوا بهذا الدستور من كهفهم الذى يحرسه الغريانى بتوتره التوافقى! ممسكين فى يدهم بليبراليى الوهابية كشهود من أهلها ويهللون بخروج دستور الثورة، وهو دستور يليق بأن يكون دستور ثورة القاهرة الأولى فى أثناء الحملة الفرنسية لا ثورة يناير!
لكن هذا الدستور التلفيقى لا يمنح لهؤلاء ولا أولئك براءة من التلفيق، بل الأمر ممارسة علنية للفحشاء السياسية ليبرر ليبراليو الوهابية لأنفسهم مهزلتهم وتجارتهم الفاسدة مع الغلوّ والتطرف، وليصرحوا ويثرثروا ما شاؤا أن يفعلوا وُسْع الطاقة، وهى واسعة والحمد لله، لكن هذا لن يحقق لهم إلا مكانة ممتازة فى قهوة بعرة حيث الكومبارس المتميزون ينتظرون طول الوقت دور البطولة… الذى لا يجىء أبدا.

ناصر عبد الحميد يكتب فى بيان التكفير



بنفس الثقة التى ألصق بها السيد وجدى غنيم الكفر بأعضاء حزب الدستور والأحزاب الليبرالية كافة، أرى بنفس الثقة أن حسابه مع الله لن يكون سهلا وأن توزيعه للكفر هكذا على عباد الله «جملة وقطاعى» سيكون أثره عسيرا، إلا إذا تاب عنه الشيخ واستغفر ربه وأعلن مرة أخرى على الملأ أنه كان يقول أى كلام لأنه كان منفعلا مثلا أو واكل صحن كبير من الفول على الصبح فغشى بظلاله على الصحيح فى رأسه، أما لو استمر هكذا فله أن ينتظر يوم الحساب اختصام الآلاف الذين كفّرهم له أمام المولى عز وجل، حيث وجه المدعو هكذا بثبات وتجرؤ يُحسَد عليه لومه إلى السيد محمد يسرى سلامة على دعوته الناس لدخول حزب الدستور، وذكّره بحساب الله، ثم أردف بأنه لا يفهم «ليبرالى أو علمانى أو حداثى فكله كافر كافر».
والواقع والحادث أيضا أن هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم ولا البارحة، فقد فعلها الخوارج وكفّروا على بن أبى طالب بعد أن كانوا يحاربون معه، وهم الفئة المتطرفة المتزمتة متحجرة العقل والفكر الذين استحلوا بعد ذلك دماء أهل الذمة وأموالهم، وهم الذين تكونوا بعد معركة صفين ورفضوا نتيجة التحكيم وعينوا عليهم وليا وشقوا صف علىّ كرم الله وجهه، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل كفّروا عثمان والحكمين وأصحاب الجمل وكل من رضى بتحكيم الحكمين، ويمكن أن تحسب هذه كبداية لنشأة هذه الظاهرة بين المسلمين، أما على بن أبى طالب فرفض فكرة تكفيرهم وتبعه فى ذلك بعدها أهل الرأى رغم كل ما فعلوه وقالوه ووصفوهم بالفاسقين خشية النصوص الكثيرة التى تحذر من الاجتراء على إخراج أحد من الإسلام.
المهم هنا واللافت للنظر أيضا أن هؤلاء الخوارج رفعوا شعار «لا حكم إلا لله»، كموقف من التحكيم، وبالطبع فهو حق يُراد به باطل ولكنهم استخدموا ذلك لاستقطاب بسطاء الناس باسم التمسك بكتاب الله، وقد كانوا كثيرى التعبد وقراءة القرآن على فكرة، وهكذا ببساطة يمكنك أن تقيس اليوم بالبارحة فى ما يتجاوز السيد وجدى غنيم بكثير وما يمكن أن يحدث فى المستقبل من استغلال الدين فى الحكم والسياسة، فتجارب البشر والمجموعات وطبائعهم تتكرر، وستظل حتى قيام الساعة إما بالمثل تماما وإما بتصرف.
على جانب آخر فإننى أرى أن مثل هذه الفتاوى التى تطلق فى الفضاء كل ليلة وضحاها خصوصا التكفيرى منها له جزء آخر إيجابى، حيث إنها التجربة العملية لعموم الناس للتعلم بالمشاركة والمراقبة والحكم بالبديهية والتلقائية دون تعقيد، فلما يستمع أحد العامة المصدقين إلى هذا الشيخ مثلا، شيخ لكبر السن، ويجده يكفّر آلافا من المنتمين إلى أحزاب معينة وبالمصادفة يكون أحد أعضاء هذا الحزب أو ذاك أحد أقربائه، أو أخاه أو أباه أو بنته مثلا، أو جارا له يَخبره جيدا، أو أصدقاء لابنه يطمئن لاستضافتهم فى منزله، أو زميلا فى عمل، أو أحد المارين عليه ليل نهار، لا بد من أن صدمة كهربائية ستطاله، فلا يمكن أن يكون هذا الذى يعلمه شخصيا كافرا أو فاسقا، وإن أخطأ فكل ابن آدم خطَّاء، على طريقة أنه لا يمكن أن يكون حسين ابن الحاج وهدان من أعداء الوطن كما عبر أحمد سبع الليل فى فيلم «البرىء»، بعد أن اكتشف الزيف الذى يلقيه المستبدون الطغاة أصحاب المصالح فى الفيلم على مسمعه ليل نهار، حتى غيروا من سلوكه وحقنوا فى قلبه العداوة والغلظة على غير فطرته السليمة البريئة التى فطره الله عليها فصار جلادا بيديه النقيتين.
أما اللافت والغريب هنا فهو أن السيد وجدى غنيم بعد أن وصف معارضى الرئيس والنخبة فى مصر بالصراصير والفئران التى تعيش فى النجاسة، وأنهم كالكلاب المسعورة والخنازير لجهرهم بمعارضة الرئيس ومطالبته له بأن لا يعبّرهم فى جزمته، لأن جزمته أنضف منهم، جاء بعدها مذهولا يعتب على الرئيس بعد لقائه الفنانين كأن به صدمة بعد أن قال الرئيس فى لقاء الفنانين إنه يقدر دورهم فى النقد، وإن الفن والإبداع فى خدمة الوطن وطالبهم بأن يعملوا ويزيدوا، فيعتب عليه بأنهم سيفهمون كلامه غلط، وهو أمر مثير للشفقة على الشيخ الذى لم يستطع هو من بعد ما سمعه من كلام الرئيس أن يفهم أى شىء أو أن يدرك أى شىء أو يحلل أى شىء، فهذا الكلام قاله الدكتور مرسى بعظْمة لسانه، والفن الذى يراه هو دعارة وفجورا يراه الدكتور مرسى إبداعا وفى خدمة الوطن.
ملحوظة: أنا أقدّر للشيخ وجدى غنيم موقفه من حسنى مبارك.

خالد البري يكتب «فيسبوك» و«تويتر» سيقودان التغيير – ما تستعجلوش



أنا من جيل كبر على السمع، وعلى نجوم شرايط الكاسيت. الواحد منهم كان يخبط الكام جملة، ويسجل لنفسه بوُوكمان «سونى» اخترعه الكفرة، وشرايط اخترعها الكفرة، ويوزعها على سواقين الميكروباصات اللى اخترعها الكفرة، ويقعد يشتم فى الكفرة، وركاب الميكروباص تمصمص شفايفها إعجابا بقصص ليس لها فى الحقيقة أى مردود إيجابى على حياتهم اليومية. المهم إنِّك لو قاعدة فى الميكروباص كان لازم تسمعى. عاجبك عاجبك. حتى لو اللى بيتكلم عمَّال يكرَّهِك فى نفسك. لو عايزة تصرخى مش هتعرفى تصرخى. وكتر الزن أقوى من السحر. بعد شوية تلاقى نفسك مقتنعة إن دى الحقيقة. ما هو ماحدش قال لك كلام مختلف.
طيب مال ذكريات الطفولة السعيدة دى بـ«فيسبوك» و«تويتر»؟ ماله وماله إزاى يا برنسيسة؟!
فى جيل «فيسبوك» و«تويتر» مافيش الكلام ده. «فيسبوك» و«تويتر» خلوا الكتابة أهم من السمع. ولما أقول الكتابة يعنى إنتاج الكتابة ويعنى كمان تلقى الكتابة. اللى بتكتب حلو بتاخد أصحاب أو متابعين أكتر. ولايكات أكتر. واللى بيختلفوا معاك بأدب بتتعلمى منهم حاجة. دايما بتتعلمى منهم حاجة (سيبك من اللى بياخدوا لايكات من الهتّيفة، أو اللى بيقلوا أدبهم فى سبيل أى حاجة).
حتى الناس اللى لسه شغالة على السميعة المطيعين، هتلاقى اللى اترحموا منه وسط جمهورهم الأمى اللى مش بيناقش، بياخدوه مضاعف من الجمهور الكتابى بتاع «فيسبوك» و«تويتر». تلاقى الواحد منهم طلع بتصريح بيخالف تصريح قاله من خمس شهور، زى ما كان متعود يعمل زمان، بيروح أهل «فيسبوك» و«تويتر» جايبين له التصريح، والتويتة، والكليب على «يوتيوب»، ويقولوا له لو كان جمهورك سلطانية، إحنا مش أكيلة فتة. أنا عارف إن انتى عارفة أنا قصدى على مين، وهو عارف، وأصحابه عارفين. بس تعملى إيه فى أطقم البلاستيك اللى بتعيش أكتر من أطقم البورسلين؟ دى حكمته!
لكن بعيد عن السياسة، ودا الأهم هنا، «فيسبوك» و«تويتر» بيغير ذوق الناس الجمالى بطريقة غير مباشرة. إزاى؟! خليكى معايا هنا لاحسن إحنا داخلين  حتة من الحتت اللى بتشوفى فيها الناس رافعة حاجب ومنزلة حاجب وعاملين فيها «مثقفين» ويعرفوا كلام كبير.
بصى كده على نجوم «فيسبوك» و«تويتر». الناس اللى عندهم فولوورز كتير. هل هم الناس اللى بيتكلموا كلام متنمق وواخد فُمّ غسالة وبعده فُمّ تجفيف ومكوة بمية النشا؟! أبدا أبدا أبدا. وف نفس الوقت أوعى تفتكرى إن قصدى إن اللى بيتكلموا عكس كده تماما هم اللى بيبقى عندهم متابعين وأصدقاء أكتر من غيرهم.
الكلام الجذاب، الملعوب، ممكن ييجى بكل الأنواع: جد وهزل. ناعم وجاف. المهم يكون جذاب. من غير ما أنظَّر عليكى، الناس، إنتى وانا واحنا، بنتعلم ده. بنتعلم نخرج من التنميط والنموذج الواحد اللى اتفرض علينا فى التعليم التلقينى. بنتعلم نبقى متمردين، ونعبّر عن نفسنا، ونثق فيها. بنتعلم ننافس علشان يبقى لينا أسلوبنا المميز، وأفكارنا الأصيلة. وبنتعلم إن «الجمال» -خدى بالك من الجملة دى- مالوش دعوة بالتهذيب وعدمه، بالزينة وعدمها. دى قضية كبيرة فى الفن، مهما حاولتى تشرحيها نظريا مش هتقدرى وهتضطرى تقولى كلام كبير زى «مقدمات فن ما بعد الحداثة»، أو تغير «المعايير الجمالية» «aesthetics». لكننا كلنا دلوقت بنتعلمها عمليا. عُمْر حفظ الكلام وقراية عدد أكبر من الكتب والقدرة على النطق بالمصطلحات ما كان هو الفارق بين إنسانة وأخرى. أبدا يا صديقتى. الفرق هو الرؤية. ساعات بنسميها «الشخصية»، وساعات بنسميها «الأصالة»، وساعات بنسميها «الإبداع»، لكن كل دا فى الأصل منه الرؤية. قدرتك إنى تشوفى أى حاجة من أكتر من زاوية، وبالتالى فرصتك فى إنك تكتشفى فيها زاوية جديدة.
دا الفرق بين واحدة وواحدة. دا اللى بيخلى فلانة ترضى إنها تكون مجرد نعجة وسط القطيع، فى حين فلانة التانية بتبقى إضافة للجماعة/ للحزب/ للأمة اللى هى فيها. بس أهم من دا كله إضافة لنفسها. «فيسبوك» و«تويتر» عرفونا على ناس كتير لو اتولدوا فى جيلى كانوا عاشوا وماتوا ياكلوا جبنة وبطيخ، ويسمعوا شرايط فيها كلام فاضى من غير ما حد ياخد باله إنهم الوحيدين فى الميكروباص اللى مش بيمصمصوا شفايفهم على الكلام الفاضى. أو كانوا حلموا بعالم أحسن، من خلال الطريق الوحيد المفتوح قدامهم، ودخلوا السجن واتنسوا.

دكتور جمال زهران يكتب اغتيال الحريات فى زمن الإخوان



بعد ثورة 25 يناير 2011، يحدث فى مصر ما لا يصدَّق، وما لا علاقة له بتاريخ الثورات فى العالم كله، فبعدما يتمكن فصيل سياسى -هو آخِر من شارك فى الثورة بعد نجاحها، وأول من غادر الميدان بعد تنحى رئيس الدولة- من الوصول إلى السلطة عبر الصفقات الداخلية مع المجلس العسكرى، والخارجية مع الحكومة الأمريكية بصورة انتهازية فجة وغير مسبوقة، فإن أول قراراته اغتيال الحريات، وهذا مما يحدث بالضبط فى زمن «الإخوان» الذى احتل أحد رموزها مقعد رئيس الدولة وهو د.محمد مرسى!
إن أول كلمة نطق بها الشعب خلال الثورة بل ومن بدايتها هى «الحرية» فى كل شىء، ومارستها الجماهير فى الواقع العملى، حيث بدأت بحرية التظاهر وأصبح حقًّا مكتسبا انتزعه الشعب بإرادته الحرة وبإصراره على كسر إرادة الاستبداد، ثم انتقلت إلى حرية تكوين الأحزاب التى سمحت بخروج أحزاب التيار الإسلامى وفى المقدمة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وغيره من الأحزاب الأخرى.
ثم انتقلت إلى حرية الإعلام وسقط الاستبداد داخل الصحافة والإذاعة والتليفزيون واستنشق الشعب نسيم الحرية فى وسائل الإعلام التى يمتلكها وأصبح يرى نفسه فيها، ووجد الممنوعون من دخول التليفزيون وغيره، أنفسهم فى كل البرامج التى بدأت فى تجسيد الحرية فى ممارسة مهنية راقية إلى حد إصرار العاملين فيه على تطهيره من رموز النظام السابق ودعاته وحماته، ونجحوا إلى حد كبير وبمساندة كل الثوار وتشرفتُ أن أكون داعما لهم فى كل وقفاتهم واعتصاماتهم وهم المعروفون بـ«ثوار ماسبيرو»، وشهدت وسائل الإعلام توازنا كبيرا يشهد له أهل الاختصاص والعلم فى هذا المجال، بكل وضوح. وفى التحليل السياسى، يمكن تحليل درجة المصداقية بالمطابقة بين الخطاب المعلن، والسلوك الفعلى. ولذلك لا يمكن الاكتفاء بالخطاب فقط، فما أسهله، وقد أثبت بحكم الممارسة الواقعية فشله فى السيطرة على الخطاب الإعلامى، فقرر السيطرة على جميع وسائل الإعلام الرسمية لحسابه ضاربا عرض الحائط بالمهنية وبحرية الرأى والتعبير والحيادية، ويتضح ذلك من خلال رصد ما يلى:
1- توظيف مجلس الشورى كأداة للسيطرة على الصحف القومية، وهى نفس أداة النظام السابق، بتعيين رجال الإخوان وأنصارهم فى مواقع رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة فى كل صحيفة، ومن بينهم مهادنون ومستأنَسون وزئبقيون.. إلخ.
والفارق الوحيد بينهم وبين النظام السابق فى الشكل، حيث الزعم بوجود قواعد للاختيار ولكن فاتهم أن الثورة التى طالبت بإسقاط النظام السابق، تستتبع تغيير قواعد النظام من حيث الملكية وأعمال الانتخاب فى تولى المناصب مثلما حدث فى الجامعة وأصر الأساتذة على إعمال ذلك فى الواقع العملى دون سند من قانون النظام السابق، وذلك على خلفية الشرعية الثورية.
وكان من جراء ذلك العصف بالأقلام القوية التى تمتلك الرأى الحر فى مواجهة الإخوان وغيرهم، ومنهم صاحب هذا القلم الذى استبعده رئيس تحرير «الأخبار» بعد انتظام لعام ونصف، وغيره، من الكتابة، فى نفس الوقت الذى أُفسح فيه المجال فى كل الصحف لقيادات إخوانية -لا علاقة لها بالكتابة- لنشر مقالاتهم بانتظام!
بل تغيرت مانشتات الصحف لصالح الرئيس وجماعته الإخوان، وتم تأميم الدسك المركزى الذى فقد المهنية وفترة الحرية التى تولدت مع الثورة، وعاد مرة أخرى إلى ممارسات النظام السابق، وكأن ثورة لم تحدث بعد!!
2- تعيين وزير الإعلام من قيادات الإخوان، وذلك للسيطرة على الآلة الإعلامية الضخمة وتأميمها لصالح الجماعة والرئيس مرسى. ومن الواضح أن حكومة قنديل التى تضم صلاح عبد المقصود وزيرا للإعلام من جماعة الإخوان، تصر على هدم المهنية فى الإعلام واغتيال قيم الحرية. وهنا فإن رصد أحاديث وزير الإعلام الإخوانى يكاد يصل بنا إلى حيادية هذا الرجل، ولكن برصد أفعاله نجد أنه جاء بأجندة «التأمين والاغتيال» للحرية والمهنية، وأصبح معاديا للثورة ومطالبها، مؤكدا ما كان يُشاع عن جماعة الإخوان أنها ضد الحرية فى كل مجالاتها.
ومما هو ثابت فى هذا الشأن، أن أول عمل قام به وزير الإعلام الإخوانى، أن استدعى رئيس قطاع الأخبار إبراهيم الصياد، وأبلغه بالمحظورات الثلاثة: حظر نقد الرئيس (المقابل شكره وتمجيده وتأليهه كالعادة السابقة)، وحظر نقد جماعة الإخوان المسلمين ورموزها وتاريخها منذ عام 1928 وحتى الآن (المقابل تأليه الجماعة والإشادة بها وبرموزها.. إلخ) وحظر نقد برنامج المئة يوم الذى وضعه الرئيس والتلاعب بالموعد حتى ينسى الشعب هذا الموضوع (المقابل التركيز على الإنجازات وتضخيمها وتحميل أطراف مجهولة مسؤولية ما يحدث). كما طالبه بمراجعة جميع الضيوف فى سياق هذا التوجيه، واستبعاد ما يتعارض مع ذلك، ومراقبة الضيوف الذين يخرجون على ذلك، باستبعاد ما يتعارض مع ذلك، ومراقبة الضيوف الذين يخرجون على ذلك، باستبعادهم. فى ما بعد!! وتم إعداد قائمة بالمستبعَدين، وأتشرف بأن أكون أول المضطَّهَدين حيث لم أعد من ضيوف كل البرامج التى كانت تحرص على استضافتى بعد خلع مبارك، ولم يكن يمر الأسبوع إلا وكنت مشاركا فى نحو ثلاثة برامج على الأقل، لنعود بعد ذلك إلى نفس ممارسات النظام السابق الاستبدادى الإرهابى لقوى المعارضة بمختلف فصائلها.
وحتى لا يتصور أحد أن هذه مسألة شخصية، فإن الجماهير الأذكى يقابلوننى فى الشارع ويسألوننى عن أسباب الاختفاء من برامج التليفزيون، فأقول لهم: مثلما استبعدوا قلمى من «الأخبار»، استبعدوا رأيى من التليفزيون!! لكنهم يصرون على عدم السكوت وفضح هذه الممارسات الإرهابية.
وأؤكد وقائع الاتصال بى من إحدى المعدَّات فى برنامج «يسعد صباحك» فى القناة الثانية، وتحدد الموعد ثم أُلغى، وكذلك اتصال آخر من زميلة لها فى نفس البرنامج وتحدد الموعد ثم أُلغى. وفى قناة النيل الثقافية تحدد الموعد وحضرت، ولأننى كنت قد أبلغتهم أننى مضطر إلى المغادرة فى التاسعة مساء حسب الاتفاق، وجدتهم بعد وصولى قبل الموعد وحتى موعد المغادرة، لم أخرج للشاشة وكان معى من شهود الواقعة (انتظار لأكثر من ساعة وربع) د.مجدى قرقر، وأ.سليمان الحكيم، وغادرت فى موعدى!!
وبعد أسبوعين من تولى الوزير، دعانى الثوار الإعلاميون فى ماسبيرو، لمشاركتهم وقفتهم الاحتجاجية أمام التليفزيون لمناهضة «أخونة» الجهاز وحضرت بالفعل وبمشاركة د.كريمة الحفناوى، والشاب الثورى معاذ عبد الكريم ويبدو أن هذه المشاركة مع مواقفى وتصريحاتى وآرائى، كانت عاملا مهما فى وضعى على قائمة المحرومين من مخاطبة الشعب المصرى عبر تليفزيونه.
وقد ذكَّرنى ذلك بقائمة الممنوعين أيام المخلوع، وواجهنى الوزير أنس الفقى بوجه مكشوف قائلا لى: «أما تبقى بتاعنا.. نبقى نجيبك عندنا كل يوم»!! تأمّلوا هذه الكلمات التى تؤكد مفهوم العِزبة التى كان يمتلكها النظام السابق وكان ردى عليه مفحما وواضحا: «أنا لا أريد تليفزيونك.. فغدا سيتحرر وهو يوم ليس ببعيد»، فرد علىَّ بسماجته المعهودة (بياع الكتب والموسوعات) «إبقى قابلنى»!!
3- إرهاب الخصوم، والسعى نحو خلق معارضة مستأنسة، ولهذا حديث يطول، ولهذا علاقة بالتفكير فى عودة حالة الطوارئ، وقانونها، وإلغاء المظاهرات بقانون!
وعلى أى حال، فإن الإرهاب الذى نعيشه الآن فى ظل الإخوان، وفى ظل الرئيس الإخوانى الذى يعمل لصالح دعم الجماعة، وتحقيق السيطرة والتمكين والاستحواذ، هو جزء من فلسفة الإقصاء للآخر عبر اغتيال الحريات التى راح ضحيتها ألف شهيد و15 ألف جريح ومصاب، بخلاف السحل والتعذيب وكشف العذرية.
الثورة مستمرة، وحتى النصر بإذن الله وهو آتٍ عما قريب وما زال الحوار مستمرا ومتصلا.

الدكتور محمد البرادعي يكتب سنوات الخداع 15



أبدى خاتمى استياءه من التشكك الأمريكى، وأشار إلى تحسن العلاقات بين واشنطن وطهران فى عهد الرئيس الأمريكى كلينتون، الذى جعل خاتمى يقدم اعتذارا لأُسر الرهائن الأمريكيين الذين كان قد تم احتجازهم فى إيران عند اندلاع الثورة الإسلامية، وقال إنه فى ردها على هذه اللفتة قامت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت بالاعتراف بدور المخابرات المركزية الأمريكية فى عملية الإطاحة برئيس الوزراء مصدق فى 1953، وإعادة الشاه إلى موقعه، كما أنها أيضا قامت برفع الحظر عن الصادرات الإيرانية من الكافيار والفستق والسجاد وقد فتحت هذه اللفتة الباب أمام تجارة بملايين الدولارات.
وألح خاتمى فى القول على أن مجىء إدارة الرئيس بوش كان السبب وراء تراجع التقدم الحادث فى العلاقات الأمريكية الإيرانية، وذلك على الرغم من الدعم الذى قدمته طهران لحرب الولايات المتحدة فى أفغانستان وفى أثناء الاستعداد للحرب على العراق، مشيرا على وجه التحديد إلى لقاءات تمت فى هذا الصدد فى السليمانية بكردستان العراق ولندن. وقال خاتمى إنه فى مقابل هذه المساعدة وهذا التعاون فإن كل ما جنيناه هو أنه أصبح يطلق علينا أننا جزء من محور الشر.
كما أبدى وزير الخارجية خرازى أيضا استياءه إزاء المساعدة الأمريكية بعد زلزال بام، وقال إنه بعد عقود من العقوبات والمقاطعة الاقتصادية التى خلفت آثارا مروعة فإن الولايات المتحدة الأمريكية تأتى بعد الزلزال لتقدم لنا عشرة ملايين دولار، كما لو كانت صدقة. وأضاف: إن هؤلاء ليس لديهم أى تقدير لذهنية الآخرين وطريقة تفكيرهم.
فى الوقت نفسه أبدى خرازى استعداد طهران للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية فى ما يخص عناصر القاعدة، لكنه أضاف أن إيران تريد فى المقابل أن تتعاون الولايات المتحدة الأمريكية معها فى ما يتعلق بمجاهدى خلق؛ وهى منظمة مسلحة من المعارضين الإيرانيين الذين يسعون للإطاحة بالنظام الإيرانى.
وأبدى الإيرانيون استعدادا لمزيد من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكنهم لفتوا إلى أن الانطباع السائد فى طهران هو أن العلاقة بين إيران والوكالة لم تفد إيران بشىء، بل إن المتشددين الذين أصبحت لديهم أغلبية فى البرلمان الإيرانى يلومون الحكومة الإيرانية على قرارها وقف تخصيب اليورانيوم، لمجرد إرضاء الغرب دون الحصول على أى شىء فى المقابل، وأن المعتدلين الذين كانوا يسعون لحل سلمى وتحسين العلاقات مع الغرب لم يعد لديهم نفس التأثير فى دوائر اتخاذ القرار أو فى الرأى العام.
وأشار روحانى إلى أنه إذا جاء تقريرى حول تطورات الوضع بالنسبة إلى إيران فى اجتماع يونيه لمجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتقييم سلبى، فإنه وزملاءه لن يكون بمقدورهم الاستمرار فى التعاون مع الوكالة أو حتى الاحتفاظ بمناصبهم. لقد كان المعتدلون يأملون على الأقل فى الحصول على رد فعل إيجابى من الأوروبيين حتى يتمكنوا من إبلاغ الرأى العام فى بلادهم أن السياسة التى يتبعونها هى سياسة مجدية.
كانت مشكلة الإيرانيين حسبما كنت أراها أنهم بالغوا فى الاحتفاء ببرنامجهم النووى أمام شعبهم، بل إنهم قدموه على أنه بمثابة جوهرة التاج بالنسبة إلى الإنجازات العلمية للأمة الإيرانية، وبالتالى أصبح من الصعب عليهم أن يشرحوا أسباب قرار تعليق العمل فى هذا البرنامج، وبالطبع فهم لم يهتموا بأن يبلغوا الشعب الإيرانى أن أسباب وقف نشاط البرنامج النووى إنما ترجع إلى أن إيران قد خدعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية لسنوات طويلة، واختاروا بدلا من ذلك أن يخبروا مواطنيهم أن الضغوط التى تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية على الوكالة هى السبب وراء تباطؤ عملية التحقق من تفاصيل البرنامج النووى الإيرانى. ولم يكن الموقف الإيرانى فى هذا الشأن يختلف عما كان عليه الأمر فى العراق وكوريا الشمالية، فادعاء كل من واشنطن وطهران سوء نية الطرف الآخر من أجل الاستهلاك المحلى.
والحقيقة أنه بمجرد إطلاق حملة الدعاية من طرف ضد الآخر فإنه يصعب السيطرة عليها أو كبح جماحها، ولعل ما تعرضت له شخصيّا أحيانا من جانب الصحافة الإيرانية يوضح كيف يُصنع الرأى العام، حيث نشرت جريدة «طهران تايمز» أن البرادعى أصبح شخصا سلبيّا ومحبطا بالنظر إلى الضغوط الشديدة من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية. وسألنى الصحفيون الإيرانيون مرارا كيف أتعامل مع هذه الضغوط. قلت مبتسما: إننى أتعرض لضغوط من الجميع، سواء من الأمريكيين أم الإيرانيين أم غيرهم. ولكننى فى الحقيقة لم آخذ الأمر بهذه الخفة، لأنه أصبح واضحا بالنسبة إلىّ، ليس فقط من هذه الأسئلة، ولكن أيضا من مجمل التغطية الصحفية، أن البرنامج النووى الإيرانى أصبح بالفعل مسألة مرتبطة بالكرامة الوطنية فى إيران، ولم يكن هذا مما يسهل التوصل إلى حل حول الخلافات القائمة.
ومما زاد الأمر صعوبة أن الإيرانيين كان لديهم اعتقاد بأنهم يملكون أوراقا يستطيعون بها الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، مثل تعقيد الوضع على الساحة العراقية بصورة أكبر، كما أشار روحانى إلى ذلك فى حديثه معى، وهو الأمر الذى حاولت أن أُثنيه عنه.
وعند عودتى من طهران اقترحت على كين بريل؛ السفير الأمريكى، وعلى جون وولف مساعد وزير الخارجية الأمريكى، النظر فى إيجاد طريق لبدء الحوار مع طهران أو على الأقل إبداء بادرة لحسن النيات. وقلت لهما: إذا ما كنا جميعا نتفق على أن الهدف هو أن لا تحصل إيران على السلاح النووى فيجب علينا أن نتفق على استراتيجية تمكننا من تحقيق هذا الهدف فى النهاية.
وأبلغت ممثلى الدول الأوروبية الثلاث بنفس الرأى، وأوضحت لهم أن موقف المتشددين يقوى فى إيران بسبب ضعف النتائج التى تخرج بها طهران من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقلت لهم إن السياسة القائمة على ممارسة الضغوط لن تكفى وحدها، خصوصا أن أحدا فى الغرب ليس لديه الدليل على أن إيران تطور سلاحا نوويّا. وأشرت إلى أنه فى حال لم تحصل إيران على حوافز فإن النظام قد يلجأ إلى عديد من الخطوات من بينها إعادة تخصيب اليورانيوم، أو التراجع عن الالتزام بالبروتوكول الإضافى، أو حتى الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية كليّا.
ولكن كل هذا لم يؤد إلى النتيجة المبتغاة، وعوضا عن ذلك تبنى مجلس المحافظين فى يونيه موقفا يستنكر عدم تعاون إيران تعاونا كاملا فى التوقيت السليم وبصورة إيجابية مع الوكالة. وبالطبع فإن هذه الانتقادات كان لها ما يبررها إلى حد ما، ولكنها أدت إلى إغضاب طهران بصورة شديدة. لقد كان من شأن هذا التقييم أن يقوى موقف المتشددين الرافضين التعاون مع الوكالة الدولية، وبالفعل فبعد عدة أسابيع أبلغت طهران الوكالة أنها ستعاود برامجها لتطوير أجهزة التخصيب ولكن دون استخدام مواد نووية. ولقد طالبتُ طهران بإعادة النظر فى هذا الموقف، ولكن مطالبتى لم تؤد إلى أى نتيجة، وبالفعل بدأت إيران فى إعادة تشغيل المنشآت التى كانت الوكالة قد أغلقتها ووضعت بذلك حدّا للوقف الطوعى للبحث والتطوير فى مجال التخصيب.
بعد ما حدث فى اجتماع مجلس المحافظين فى يونيه، وما تبعه، توجهت بنداءات شخصية إلى كولين باول ومعاونيه فى الخارجية الأمريكية للبدء فى الانخراط فى حوار مباشر مع إيران، مشيرا إلى أن كل ما تحتاج إليه إيران هو ستة أشهر تستطيع خلالها، فى ظل استمرار عدم وجود دليل على سعيها لامتلاك سلاح نووى، أن تجعل عملية تخصيب اليورانيوم أمرا واقعا، وأن ثمن وقفه سيكون باهظا. وأشرت فى الوقت نفسه إلى أن الاقتراح الذى يردده البعض بإحالة الملف الإيرانى إلى مجلس الأمن لن يجدى، لأن الرد الإيرانى على هذه الخطوة قد يكون بالانسحاب تماما من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو ما يعنى أننا سنكون أمام نموذج مكرر لحالة كوريا الشمالية.
وفى إحدى المحادثات المغلقة التى أجريتها مع كولين باول قال لى «لو أن الأمر بيدى لالتقيت غدا وزير الخارجية الإيرانى خرازى».
وكانت المشكلة فى تحليل باول هو أن الشعور المعادى لإيران فى الولايات المتحدة الأمريكية لم يضعف منذ أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين فى السفارة الأمريكية بطهران عند اندلاع الثورة الإسلامية؛ وهو ما يجعل من الصعب البدء فى حوار مباشر بين أمريكا وإيران. ومن جانبها أبدت كوندوليزا رايس أيضا تجاوبا غير متوقع مع حديثى، وطرحَتْ علىَّ بعض الأسئلة حول روحانى وشخصيته، مبدية الانطباع بأنها على الأقل ليست رافضة فكرة الحوار.
وفى خلال لقاء جمعنى به فى منزله الصيفى فى موسكو، قدم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إسهاما بنّاءً؛ فلقد أبدى بوتين، عكسا لما كان يردَّد فى الغرب، رفضه إصرار إيران على الحصول على الأسلحة النووية وتشكك فى احتياجها إلى القدرات المتعلقة بالتخصيب، غير أنه قال إن إيران فى الوقت نفسه يجب أن تحصل على حزمة من المساعدات الجذابة بما فى ذلك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية. وأيد فكرة وجود ضمان دولى لإمدادها بوقود المفاعلات. وفى اللقاء نفسه تقدم بوتين باقتراح لإنشاء مستودع دولى للوقود النووى المستنفد، ولقد رحبت بهذه الفكرة بشدة لأننى كنت أعتقد أنه سيكون لها إسهام إيجابى فى الحد من مخاطر الانتشار وفى تحقيق بعض أسباب الأمان النووى، وخرجت من لقائى مع بوتين يحدونى الأمل فى أن تُسهم روسيا فى إيجاد حل ما للأزمة الإيرانية.
بالتوازى مع ذلك كان خبراء الوكالة يبذلون كل ما فى وسعهم للتعرف على مصدر جزيئات اليورانيوم المخصب التى عُثر عليها فى أماكن مختلفة فى إيران، وما إذا كانت مماثلة لتلك المستخدمة فى البرنامج النووى الباكستانى، وهو الأمر الذى كان يتطلب الحصول على عينات بيئية من أجهزة الطرد المستخدمة فى باكستان، ولكننى علمت بعد ذلك من سفير باكستان أن واشنطن أبلغتهم أن باكستان تعاونت مع الوكالة بما فيه الكفاية، وبدا لى من هذا أن البعض فى واشنطن كان لا يريد تسوية هذه المسألة؛ بحيث تستمر معلقة للضغط على إيران.
شعرت بالسأم من تلك المناورات التى تدور خلف الأبواب المغلقة، وما تؤدى إليه من إبطاء فى تحقيق أى تقدم، وناشدت باكستان التعاون بشدة، وهى ما قررت أن تفعله ولكن على الطريقة التى تتناسب مع كونها ليست عضوا فى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو ما اضطررنا معه إلى أن نقبل أن يقوم خبراء باكستانيون بإمدادنا بالعينات المطلوبة عوضا عن أن يقوم مفتشو الوكالة بالذهاب إلى المواقع النووية الباكستانية، التى هى مواقع عسكرية، لأخذ العينات. وتم الاتفاق على أن يتم نقل العينات بآلية محددة تضمن أنه لا يتم التلاعب بها.
ومع منتصف أغسطس تبين لنا أن العينات التى حصلنا عليها من باكستان مقاربة إلى حد كبير لتلك التى وجدناها فى ناتانز وفى شركة «كالاى» مما يدعم ما كانت إيران قد قالته. ولكننا كنا ما زلنا ندرس العينات للوصول إلى نتيجة قاطعة.
وكنا نقترب من موعد اجتماع مجلس المحافظين المقرر فى شهر سبتمبر 2004، وكنت أشعر أننا سنواجَه مرة ثانية بنفس الأسلوب من جانب الولايات المتحدة وإيران: حملة إعلامية أمريكية شديدة ضد إيران تدّعى الحصول على دليل جديد على سعى إيران للحصول على أسلحة نووية، ومعلومات مهمة تقدمها إيران للوكالة أو دعوتها لزيارة مواقع معينة، ولكن فى وقت متأخر قبل إصدار التقرير الدورى للوكالة بما يحول دون تمكّن الوكالة من التحقق منها وإدراجها فى تقريرها إلى مجلس المحافظين.
وكما هى عادته فى سعيه للتأثير على مناقشات المجلس، كان جون بولتون هو من أطلق شرارة البدء هذه المرة من خلال حوار مع برنامج «نيوز نايت» على الـ«بى بى سى»، حيث أشار إلى عودة إيران إلى تصنيع أجهزة الطرد، ومن ثَمَّ فإنه لم يعد كافيا قصر معالجة الملف الإيرانى فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأضاف بنوع من السخرية: تلك المنظمة الرائعة وغير المعروفة القابعة فى ڤيينا. واقترح بولتون إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولى، وكان أعجب ما فى هذا الاقتراح أنه يأتى من بولتون الذى لم يكن أبدا من دعاة الدبلوماسية متعددة الأطراف.
وبعد ثلاثة أيام من بدء اجتماعات المجلس، وقبل مناقشة برنامج إيران النووى، أذاعت محطة «إيه بى سى» صورا ملتقطة بالقمر الصناعى لموقع عسكرى فى بارشين؛ على بُعد أربعين كيلومترا جنوب شرق طهران، ومع هذه الصور أذاعت القناة التليفزيونية الأمريكية تعليقا لـديفيد أولبرايت مدير أحد المعاهد الأمريكية المتخصصة فى دراسة قضايا الأمن، خصوصا مع ما يتعلق منها بقضايا الانتشار النووى. وفى تعليقه قال أولبرايت إنه يعتقد أن هذه الصورة قد تكون لموقع أُجريت فيه اختبارات لتفجيرات نووية. عقب ذلك مباشرة نقلت وكالة «الأسوشيتد برس» تصريحا نقلا عن مصدر رفض ذكر اسمه فى بعثة الولايات المتحدة الأمريكية بڤيينا يوجه إلىَّ النقد لأننى لم أُشر فى تقريرى الذى قدمته حول إيران إلى موقع بارشين، مع التلميح أننى تعمدت عدم الإشارة إلى هذا الأمر.
وكان هذا الادعاء لا أساس له من الصحة بالمرة، ولم يكن وراءه من دافع سوى محاولة الإيحاء بانحياز الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحقيقة أن الوكالة كانت قد أثارت ملف موقع بارشين مع طهران، وأن المعلومات التى لدينا كانت تفيد بأنه موقع عسكرى استُخدم لصنع واختبار متفجرات كيميائية. وكانت الوكالة عازمة على الاستمرار فى أسئلتها لإيران حول هذا الموقع، ولكن فى تلك اللحظة لم يكن هناك أى دليل على الإطلاق بارتباط هذا الموقع بأى نشاطات نووية. ولم تساعد مثل هذه الألاعيب الأمريكية بطبيعة الحال على إقناع الإيرانيين بعدم استئناف إنتاج أجهزة الطرد المركزى.
وفى منتصف أكتوبر 2004 تحققت خطوة متقدمة. فقد أفادت الدول الأوروبية الثلاث التى لم تتوقف عن محاولة إيجاد حل دبلوماسى؛ باستعداد إيران للدخول فى حوار حول مستقبل برنامجها النووى. وقد طالبت الدول الأوروبية إيران، كشرط مسبق لبدء التفاوض، أن تعود لوقف نشاطاتها النووية بما فى ذلك إنتاج الأجهزة الخاصة بالتخصيب، وجاء الرد الإيرانى إيجابيّا حيث وافقت طهران على أن تتوقف جميع هذه النشاطات فى الوقت الذى تُجرى فيه المفاوضات.
وكان التوقيت بالغ الحساسية؛ حيث إن مزاج السياسة الداخلية الإيرانية كان يتجه نحو التشدد.
وحسب ما خلصت إليه من نقاش مع سيروس ناصر؛ وهو واحد من ألمع وأذكى المفاوضين الإيرانيين، فإن كل المرشحين للانتخابات الرئاسية القادمة فى إيران ينتمون إلى التيار المتشدد الذى يدعو إلى المواجهة مع الغرب. وبالطبع فكان مما يخدم هذا التيار أن يدعو إلى المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية ليحصل على مزيد من الأصوات، حتى إذا تحول بعد عام أو عامين أو نحو ذلك ليحاول الحصول على رصيد سياسى جديد بالعمل على الحصول على تسوية سياسية مع واشنطن. وفى الوقت نفسه كان من شأن ذلك التوجه أن يقوّى من شوكة الحرس الثورى الإيرانى؛ وهو ما يعنى النكوص عن عديد من الإصلاحات التى شهدتها إيران خلال السنوات القليلة السابقة.
وحسب ما قاله لى ناصرى فى تلك المقابلة، فإنه بغض النظر عمن سيتم انتخابه للرئاسة فإنه ولأسباب محلية سيستحيل على إيران أن تستمر فى وقف برنامجها للتخصيب النووى؛ لأنه لا يمكن لأى زعيم إيرانى أن يوقف ذلك البرنامج النووى الذى تحملت إيران كثيرا فى سبيله. وتطرق الحديث مع ناصرى لما تردد عن احتمالات عمل عسكرى أمريكى أو إسرائيلى ضد المنشآت النووية الإيرانية، وهو الأمر الذى لم يبد لى أن الإيرانيين كان لديهم كثير من القلق بشأنه؛ لأن إيران بدا أن لديها التكنولوجيا النووية لإعادة بناء أى منشأة قد يُجرى هدمها فى خلال أشهر قليلة وبعيدا عن الأعين وهكذا قال لى ناصرى.
وفى ظل كل ذلك كان الاقتراح الأوروبى بالوقف الاختيارى لأنشطة التخصيب فرصة لإيران لا يمكن إهدارها، ولكن الخلاف انصبّ على ما يمكن وصفه تحديدا بأنه أنشطة متعلقة بالتخصيب. فإعلان طهران فى أكتوبر 2003 يقوم على الوقف الاختيارى لجميع أنشطة تخصيب اليورانيوم وتجهيزه، فهل يشمل ذلك المرحلة التحضيرية لتحويل اليورانيوم؟ وهل يشمل صنع أجهزة الطرد؟ وبعد مناقشات فنية مطولة أصبح من الواضح ضرورة اللجوء إلى محكم.. وهكذا قررت إيران والدول الأوروبية الثلاث اللجوء إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وهكذا وجدنا أنفسنا مرة أخرى فى مفترق طرق بين التكنولوجيا والسياسة. حيث إن التوصيف الفنى البسيط لما يمكن اعتباره أنشطة تخصيب كان سيقتصر على وقف استخدام مواد نووية فى أجهزة الطرد المتوالية، وكان من شأن ذلك أن يناسب إيران كثيرا، ولكن ذلك لم يكن ليرضى الأوروبيين الذين أرادوا لإيران أن تتحرك فى إطار بناء الثقة، وبالتالى فإن التعريف الذى كانوا سيقبلون به كان أوسع كثيرا من ذلك التعريف الذى ترضى به إيران. وبالرغم من كل الجهود التى بذلتها الوكالة لتقديم التعريفات المطلوبة إلا أن عام 2004 اقترب من الانتهاء بينما لم يكن قد تم التوصل إلى اتفاق بعد.
وكان الغرب قد بدأ يشعر بنفاد الصبر بينما كانت إيران مستمرة دون توقف فى نشاطاتها النووية بما فى ذلك إنتاج غاز «UF6»؛ وهى مادة التلقيم اللازمة للتخصيب، ثم قامت فى شهر أغسطس بتجهيز 37 طنّا من الكعكة الصفراء وهى مادة مركزة من اليورانيوم، من أجل تجربة خطوط الإنتاج فى منشأة تحويل اليورانيوم فى أصفهان.
وفى النهاية توصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى تعريف كان الطرفان على استعداد للقبول به مما فتح الباب أمام توقيع اتفاقية باريس فى 14 نوفمبر، واتفق الطرفان على التفاوض بحسن نية، ووافقت إيران على وقف جميع أنشطة تحويل اليورانيوم، وتجميع واختبار أجهزة الطرد، بل ووَقْف استيراد مكوناتها. وأقرت إيران بأن استمرار عملها بوقف نشاطات التخصيب، حسب التعريف الذى تم التوصل إليه، هو أمر ضرورى لاستمرار التفاوض.
ولقد ساد التفاؤل بما يكفى لوضع خطة للتفاوض تتجاوز الملف النووى لتشمل جملة من القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية، بما فى ذلك الاتفاق على ضمانات مؤكدة للتعاون فى مجال التكنولوجيا النووية السلمية. بل إن الدول الأوروبية وافقت على تقديم دعم لإيران للتفاوض من أجل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. كما اتفق الطرفان على العمل من أجل مكافحة الإرهاب بما فى ذلك نشاطات تنظيم القاعدة وجماعة مجاهدى خلق. كما أعرب الجانبان عن دعمهما عملية سياسية تؤدى إلى وصول حكومة عراقية منتخبة إلى الحكم.
وفى أثناء التوقيع قام روحانى، بوصفه كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين بالتركيز على عدة نقاط، طالب الجميع بأخذها فى الاعتبار؛ وأولها أن قرار إيران بوقف النشاطات النووية كان قرارا اختياريّا، وليس هناك إلزام قانونى بشأنه، وثانيها أن المفاوضات التى ستُجرى لا يجب أن يكون الهدف من ورائها محاولة دفع إيران نحو وقف قدرتها على تطوير دورة الوقود النووى الكاملة، ولم يكن هناك خلاف حول تلك النقطة الأخيرة؛ لأن الأوروبيين كما ذكروا لم يكونوا يسعون للحيلولة دون تطوير إيران دورة الوقود النووى، بل الحصول على ضمانات لها مصداقية أن البرنامج النووى الإيرانى هو برنامج للأغراض السلمية فقط.
وتحركت إيران بسرعة لتنفيذ الاتفاق، وبعد أسبوع واحد أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران قد قامت بالفعل بتنفيذ ما تعهدت به.