Saturday, September 29, 2012

طارق الشناوي يكتب السخرية من الرؤساء


لست أدرى لماذا انزعج الصديق العزيز وائل الإبراشى فى برنامج «العاشرة مساء» من السخرية التى نالها د.مرسى بسبب موقف اعتبروه جديرًا بالضحك، بينما وائل اعتبرها حالة تصيد للرئيس المصرى تنال منه علنا وعلى رؤوس الأشهاد.
كان ينبغى التعامل مع هذا المشهد بروح الدُّعابة ولا نحمله أكثر مما يستحق، ولكن وائل لم يستطع إعادة عرض المقطع كاملا، مما أثار نهم الجميع على النت لكى يتتبعوا باقى التفاصيل.
كان الرئيس يريد ضبط الجاكت والبنطلون فى أثناء جلوسه، فانتفض واقفا وعَدَّل من نفسه وواصل جلسته، بينما المذيع الذى ينقل المشهد يواصل السخرية.
السخرية أمر معتاد فى الثقافة الأوروبية، مثلا فى آخر لقاء بين نيكولا ساركوزى وهيلارى كلينتون قبل بضعة أشهر فى قصر الإليزيه بعد الترحيب المعتاد، وفى أثناء صعودها على سلالم القصر الفرنسى امتدت يد ساركوزى من فرط الترحيب لا شعوريًّا إلى مؤخرة هيلارى ونالها ضربة خفيفة بيمناه.. بالمناسبة أتصورها غير مقصودة، ولكن بالطبع لم تمر ببساطة على أجهزة الإعلام التى كانت تنقل اللقاء على الهواء، وتساءلوا عن موقف زوجة الرئيس الحسناء الإيطالية كارلا ساركوزى!
أوباما اعترف مثلا فى إحدى خطبه بأن الجهاز الإلكترونى الذى يقرأ عليه الخطاب بالليزر قد توقف وواصل خطابه من الذاكرة، ولم يسلم الأمر من ضحك متبادل بينه والحاضرين. أوباما شارك فى أحد البرامج التليفزيونية وأخذ يرقص مع المذيعة، ولم يفكر لحظة فى وقار المنصب.. بوش ناله القسط الأكبر من السخرية، ليس فقط الحذاء الذى توجه إليه من أحد الصحفيين العراقيين واستطاع تفاديه بصعوبة، ولكن على «يوتيوب» نرى برنامجًا عن أخطائه العشرة، ومن بينها أنه يحمل نظرات تشى بالبله والسذاجة، ولقطة أخرى مثلا وهو يبصق فى الحديقة.
عدد من الرؤساء كانوا حريصين على أن يرسلوا فى أثناء إلقاء خطاباتهم نكاتا للجمهور. عبد الناصر وصف قبل حرب 56 رئيس الوزراء البريطانى إيدن بأنه «خِرع».. وفى حديثه الشهير عن الحجاب وكيف أنه كرئيس جمهورية لا يمكن أن يُصدر قانونا يُحجِّب 20 مليون فتاة وامرأة -عدد نساء مصر وقتها- فى الوقت الذى لم يستطع فيه مرشد الإخوان تحجيب ابنته الطالبة فى كلية الطب. مبارك كان يقول أحيانا النكت على سبيل السخرية من البسطاء، مثل أن مواطنا قال له أريد شقة يا ريس فأجابه كم عدد أفراد أسرتك فرد عليه قائلا 11 يا ريس.. وعلى الفور كان الرد أنت بحاجة إلى عمارة وليس شقة.
قبل نحو عام عندما كان الرئيس الأمريكى باراك أوباما يتحدث مع الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف خلال قمة «سيول» فى كوريا الشمالية ولم يكونا يعرفان أن الميكروفون أمامهما مفتوحًا سمع الصحفيون أوباما وهو يقول للرئيس الروسى إنه سيكون أكثر مرونة بعد إعادة انتخابه لمدة ثانية فى نوفمبر المقبل، وعلى الفور اعتبرها خصوم أوباما أنه يقول فى العلن عكس ما يبطن به فى السر، وبدؤوا فى التشهير به لإقناع الشعب الأمريكى بعدم التصويت له مجددًا.
وكان قد سبق وتكرر ذلك فى موقف مشابه قبل نحو عامين وتناقله عدد من المواقع الإلكترونية وهو ما حدث فى نهاية قمة العشرين عندما تسرب عن طريق الخطأ رأى كل من نيكولا ساركوزى وباراك أوباما فى بنيامين نتنياهو.. الأول يصفه بأنه كاذب والثانى يقول إنه مضطر إلى التعامل معه.
حسن نصر الله دائمًا ما تتضمن خطبه العديد من النكات التى ينال بها من خصومه ومن كل الجنسيات.. أحد السياسيين السعوديين أراد أن يتحرر من تلك الحالة التى تضع إطارًا صارمًا للرجل الدبلوماسى فى تعاملاته، خصوصًا عندما يمثل مملكة مثل السعودية، حيث ذكر هذه النكتة التى ترددت فى الحرب العالمية الثانية عندما دخل روزفلت الرئيس الأمريكى على تشرشل رئيس الوزراء البريطانى، وكان الأخير يجلس عاريًا تماما فشعر روزفلت بالحرج، وخرج مسرعا، فناداه قائلا لا ينبغى أن تخشى شيئا إن كلا منا ينبغى أن يعرف كل شىء عن الآخر، وأضاف أن هذه هى طبيعة العلاقات بين أمريكا والسعودية، وتمت معاقبة السياسى على هذا التجاوز.
د.مرسى تحول إلى لقطة ساخرة فى العديد من المواقع، ولكن الأمر لا ينبغى أن نحمله ما هو أكثر وهى لقطة وح تعدى!!

الدكتور محمد البرادي يكتب سنوات الخداع 14.


شهدت السنوات من 2003 وحتى خريف 2005 الكثير من الشد والجذب غير المعلن بين إيران والمجتمع الدولى. فمن جهة، كانت هناك لحظات تفاؤل نتجت عن صدور إعلان طهران، وتعهد إيران بالتزام الشفافية إزاء برنامجها النووى، ومن جهة أخرى ظهرت خلافات دولية حادة حول كيفية التعامل مع ملف إيران النووى. والواقع أن هذه الفترة شهدت كل المظاهر التى اتصف بها هذا الصراع المعقّد: التضحية بالحلول العملية فى سبيل مبادئ شديدة الغموض، والآثار السلبية لسياسات متشددة فى غير محلها، وتصعيد المواقف تمامًا كلما ظهرت دلائل معارضة جديدة.
أصبحت الوكالة -وبوجه خاص اجتماعات مجلس المحافظين- ساحة للصراع بين المواقف المتعارضة بشأن إيران. وكان من بين القضايا التى ثار حولها الخلاف فى المجلس فى مارس عام 2004 نوع أجهزة الطرد المركزى التى تستخدمها إيران فى تخصيب اليورانيوم، وما إذا كانت قاصرة على نموذج أولى من طراز «1-P» زودتها به باكستان أو إذا ما كان هذا النموذج قد تم تطويره إلى أكثر من ذلك وثبت بعد التحقيق والتفتيش خارج إيران أنها ربما سعت إلى إنتاج نموذج أكثر تطورًا من طراز «2-P»، وكان كلا الطرازين منقولين عن طراز أوروبى تمكّن من نقله العالم النووى الباكستانى عبد القدير خان فى أثناء عمله فى منشأة للتخصيب فى هولندا.
حتى هذه اللحظة لم يكن لدى مفتشى الوكالة علم بالعمل الذى يجرى بشأن الأجهزة من طراز «P-2». لكننا كنا نعرف أن الإيرانيين كانوا يحاولون البحث والتطوير لمختلف جوانب دورة الوقود النووى. كان هذا الطراز أكثر تقدمًا من سابقه وأكثر قدرة على التخصيب. وكان من غير المرجح أن يتخلى الإيرانيون عن العمل على إنتاج هذا الطراز إذا أُتيحت لهم الفرصة لذلك.
وأكد مفتشو الوكالة هذه النقطة. وفى يناير 2004 أقر الإيرانيون بأنهم كانوا قد تلقوا فى أواخر 1994 رسومات لأجهزة طرد من طراز «P-2». وقام مهندسو إحدى الشركات الخاصة فى طهران بإجراء اختبارات محدودة، بناءً على تكليف من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، على تصميم معدل لأجهزة «P-2». ولم تكن إيران قد أشارت إلى ذلك فى إخطارها للوكالة فى أكتوبر 2003.
وكان هناك موضوع آخر يتعلق بمركز «لافيزان شيان» للبحوث الفنية الواقع فى إحدى ضواحى طهران. وكان قد ذكر احتمالا بأن يكون هذا المركز منشأة للبحوث حول أسلحة الدمار الشامل. وكانت الوكالة قد تلقت معلومات عن أن المركز اشترى أجهزة للكشف عن الإشعاعات. وأظهرت صور السواتل التى أخذت بعد أغسطس 2003 أن هذا المركز قد أزيل وأن أبنيته هُدمت ورفعت أنقاضه، مما يوحى بأن هناك محاولة للإخفاء.
وذكر الإيرانيون أن هذا المركز كان تابعًا لوزارة الدفاع، وكان يقوم بالبحوث لتطوير وسائل صد الهجمات والحوادث النووية، وأنه أزيل بعد أن صدرت التعليمات للوزارة بإعادة الأرض المقام عليها المركز إلى بلدية طهران بعد نزاع بين هاتين الجهتين الحكوميتين. وبالنظر إلى ماضى إيران فى الإخفاء والخداع فإن مسائل مثل اختبار أجهزة «P-2»، وهدم موقع يقال إنه خاص بأسلحة الدمار الشامل، أثارت الشبهات بطبيعة الحال.
لقد كان الموقف معقدًا بالفعل، لأنه بالرغم من هذه الإشكاليات كانت إيران قد قدمت بالفعل بعض الخطوات الإيجابية فى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ أكتوبر 2003، حيث تمكن مفتشو الوكالة بمقتضى موافقة إيران على تطبيق البروتوكول الإضافى بصفة مؤقتة إلى حين دخوله حيز النفاذ من زيارة مواقع التخصيب وغيرها من المنشآت دون اختلاف حول ما إذا كانت هناك مواد نووية استخدمت فيها أم لا، بما جعل الوكالة تشعر بأنها أخيرا بدأت تكوِّن صورة أوضح عن طبيعة النشاطات النووية لإيران.
لكن فى الوقت نفسه فإن التعاون الإيرانى مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يكن دائمًا ومتواصلا ولم يكن ذلك بالتأكيد فى مصلحة إيران. ومن أمثلة ذلك القرار المفاجئ للسلطات الإيرانية بوقف زيارة كانت مقررة لمفتشى الوكالة فى مارس لـ«ناتانز» وبعض المواقع الأخرى، وذلك قبل أيام فقط من توجه المفتشين إلى إيران بدعوى أن موعد الزيارة يوافق بدء العام الإيرانى الجديد، وهو العذر الذى لم يكن لأحد أن يأخذه على محمل الجد، لأن موعد العام الإيرانى الجديد كان معروفًا لطهران لدى تحديدها موعد زيارة المفتشين، ولم تكن طهران تريد الإفصاح عن السبب وراء قرارها إلغاء زيارة المفتشين وأعطى الإيرانيون، مرة أخرى، انطباعًا بأنهم يريدون إخفاء شىء ما.
ثم قام حسن روحانى بزيارتى مرتين لمطالبة الوكالة برفع ملف إيران من أجندة اجتماعات مجلس المحافظين المقررة فى مارس، باعتبار أن ذلك سيعطى إشارة بأن قلقنا تجاه إيران قد تناقص. ولكن الأمر لم يكن محل توافق، ففى حين دعم الأوروبيون المطلب الإيرانى، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، التى كانت تسعى لإحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن، أصرت على أن يبقى الملف على أجندة اجتماعات شهر مارس.
ومن جانبى فقد أكدتُ للجميع أن جدول أعمال مجلس محافظى الوكالة لن يكون أداة لخدمة أى أغراض سياسية، وأخبرتُ الإيرانيين والأوروبيين أننى على استعداد لرفع الملف الإيرانى من على أجندة أعمال مجلس المحافظين لاجتماع شهر مارس فورًا فى حال ما حصلت الوكالة على إجابات للأسئلة التى تطرحها على إيران، أما فى حال عدم حدوث ذلك، فإن الملف سيبقى على جدول الأعمال دون تغيير.
على أية حال فإن الصك الرسمى الذى تُحدد الدول الأعضاء مواقفها بناء عليه ليس هو جدول الأعمال، ولكن القرارات التى يعتمدها المجلس فى اجتماعاته. ومن المتعارف عليه أن القرارات تصاغ ويتم التفاوض عليها بواسطة ممثلى الدول الأعضاء دون تدخل من أمانة الوكالة. وفى حالة إيران، كانت مشروعات القرارات تأتى عادة من الدول الأوروبية الثلاث صاحبة المبادرة، لمحاولة إيجاد حل للمسألة، ثم توزع بعد ذلك على باقى الدول.
لكن الأمر كان بالغ التعقيد، فلأول مرة تنقسم الدول الغربية هكذا حول ما ينبغى فعله، فلقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية، مدعومة من كندا وأستراليا تريد أن يُصاغ مشروع القرار الذى يطرح على مجلس المحافظين صياغة متشددة تدين إيران، وكانت الدول الأوروبية الثلاث المتفاوضة مع إيران تسعى للتخفيف من هذه الصيغة.
وفى إيران كان المفاوضون النوويون يؤكدون للصحافة الإيرانية وللمؤسسات السياسية فى طهران أن استمرار التعاون مع الوكالة له فوائده السياسية لصالح إيران، وعلى هذا فإن قيام مجلس المحافظين بتبنى صيغة متشددة تجاه إيران كان من شأنه أن يُضعف موقف هؤلاء المفاوضين. فى الوقت نفسه فإن الدول النامية كانت بدورها غير راضية عن صياغة المسودة الأولى لمشروع القرار.
وفى ما يمثل سابقة، طلب الإيرانيون وساطتى، وفعل الأمريكيون الشىء نفسه من خلال رسالة نقلها إلىّ سفير الولايات المتحدة الأمريكية فى ڤيينا من وزير الخارجية الأمريكى «كولين باول»، وفى النهاية تم التوصل إلى قرار توافقى قَبِل به الأمريكيون والإيرانيون. وعلى الرغم من أن الأمر انتهى بصورة مُرضية، إلا أنه أصبح من الواضح أن مجلس المحافظين صار مسرحًا للتجاذب والاختلافات حول الملف الإيرانى بصورة تنذر بالمزيد من الانقسام الدولى.
وبعد أيام من اجتماع مجلس المحافظين ذهبتُ للقاء الرئيس الأمريكى «بوش» بناءً على دعوة غير متوقعة. كنت قبل فترة وجيزة قد نشرت مقالا فى صحيفة «نيويورك تايمز» حول مسألة منع انتشار الأسلحة النووية وسبل مكافحة الانتشار السرى لهذه الأسلحة، وهو الأمر الذى كان «بوش» قد تطرق إليه بدوره فى خطاب أخير له. ولقد جاءت دعوة «بوش» للزيارة قبيل انعقاد اجتماع مجلس المحافظين عبر وزير الخارجية الأمريكى «كولين باول»، وهى الدعوة التى قبلتها بالطبع، وإن كنت فضلت أن لا تأتى الزيارة إلا بعد الانتهاء من أعمال مجلس المحافظين، خشية أن يُنظر إليها على أنها تؤثر على الموقف الذى سأعرضه أمام المجلس.
وقُبيل لقائى مع «بوش» التقيت مع «ريتشارد آرميتاج» مساعد وزير الخارجية الأمريكى الذى ذكّرنى ببوادر حُسن النية التى أبدتها واشنطن إزاء طهران من خلال المساعدات الإنسانية التى قدمتها لإيران بعد تعرض مدينة بام الإيرانية لزلزال شديد التدمير فى ديسمبر من عام2003، وهى المساعدات التى رفضتها إيران فى البداية ثم عادت وغيرت موقفها. وقد تصادف أن ذلك جاء بعد أسبوع من توقيع إيران البروتوكول الإضافى وما تبعه من تصريحات إيجابية أدلى بها «باول» حول إمكانية الحوار مع طهران، لكن الأمور لم تتطور أكثر من ذلك.
واستقبلنى «بوش» بحديث ودود حول لعبة البيسبول التى أهتم بها وأتابعها، وتحدثنا قليلا عن أحد الفرق، ثم انتقل اللقاء، الذى تم بمشاركة «آرميتاج» ووزير الطاقة «سبنسر إبراهام» و«كوندوليزا رايس» و«بوب جوزيف» الذى يعمل مع «رايس» فى مجلس الأمن القومى، إلى ملف الأسلحة النووية، وكان يرافقنى الأمريكى «دافيد واللر» نائب المدير العام لشؤون الإدارة بالوكالة، وهو صديق أثق فيه. وقد بادر «بوش» بالقول: «سمعت أن لديك أفكارًا حول تعزيز نظام منع انتشار الأسلحة النووية».
وقدمتُ له عرضًا موجزًا للأفكار التى تضمنتها مقالة «نيويورك تايمز»، مشيرا إلى أهمية السعى لتقليل استخدام اليورانيوم عالى التخصيب للأغراض السلمية، والتوسع فى استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب، لا سيما فى المفاعلات البحثية، بما يمثل تقليلا مباشرًا لمخاطر انتشار الأسلحة النووية، مشيرًا إلى أن عملية تحويل مفاعلات الأبحاث من استخدام يورانيوم عالى التخصيب إلى يورانيوم منخفض التخصيب ستحتاج إلى نحو 50 مليون دولار كل عام على مدى أربعة أو خمسة أعوام، فكان تعليقه «إن هذا لا يبدو بالمبلغ الكبير»، ثم وجّه سؤاله لوزير الطاقة الأمريكى حول «ما إذا كان من الممكن تنفيذ هذه الخطة»، فأجابه «إبراهام»: «بالطبع يمكننا تنفيذ هذا الأمر». وقد نما إلى علمى فى ما بعد أن وزارة الطاقة الأمريكية كانت تعمل على خطة مشابهة، ولكن بعد هذا اللقاء مع «بوش» أصبحت تتابع تنفيذ الخطة بتعليمات مباشرة من الرئيس.
من ناحية أخرى، تطرقتُ فى حديثى إلى ضرورة تقليل عدد الدول المالكة لدورة الوقود النووى الكاملة، مشيرًا إلى أنه يوجد بالفعل نحو 13 دولة لديها القدرة للوصول إلى المراحل النهائية لهذه الدورة، قلت إننا إذا حاولنا الحيلولة دون زيادة هذا العدد من الدول، فإن الدول التى شارفت على الحصول على التكنولوجيا اللازمة لتشغيل الدورة الكاملة للوقود النووى لن تكون بالضرورة سعيدة بأية خطوات تُتخذ فى هذا الصدد.
وعند تلك النقطة انتقل الحديث منطقيًّا إلى الملف الإيرانى، ولأن أجواء النقاش كانت جيدة فقد قررت أن أنتهج الصراحة الكاملة، وذكرت أنى -بصرف النظر عن الخلافات الأيديولوجية- لا بد أن يكون هناك تحرك جاد للتعامل مع إيران على نحو عملى من خلال منح طهران حزمة جيدة من الحوافز يصعب عليها رفضها، ثم العمل بعد ذلك للوصول إلى وَقْف طوعى لحصول أى دولة أخرى على التكنولوجيا اللازمة لامتلاك دورة الوقود النووى، فما كان من «بوش» إلا أن قال: «أنا مستريح لهذا الشخص الذى يفكر بصورة براجماتية». وقد كان هذا التعليق مفاجئًا لى.
ثم قال «بوش» إنه يود أن يكون هناك تحرك قانونى نحو منع الدول التى تمتلك منشآت لتشغيل دورة الوقود النووى من نقل هذه التكنولوجيا إلى دول أخرى، فأشرت إلى أن ذلك يتعارض مع ما تسمح به معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وأن النجاح فى هذا الصدد من الأرجح أن يتحقق من خلال توافق دولى على فرض حظر طوعى على نقل هذه التكنولوجيا، على أن يكون ذلك مقترنًا بضمانات حول توفير الوقود النووى، مع تأكيد الدول النووية التزامها بنزع الأسلحة النووية.
وفى ما يخص إيران على وجه التحديد أكدتُ للرئيس «بوش» أن إطلاق التهديدات فى وجه طهران لن يجدى، فالمهم أن تكون هناك أسباب لتحفيز إيران على التعاون، مشيرًا إلى أن «الحل الأمثل للتعامل مع الملف الإيرانى يكمن فى الجمع بين الدبلوماسية، والتحقق من خلال الوكالة الدولية مما يجرى على الأرض هناك».
ومرة ثانية فاجأنى الرئيس «بوش»، حيث قال لى إن ما اقترحتُه «لا يمثل فقط الحل الأمثل، بل هو الحل الأوحد، بخلاف الحل الإسرائيلى»، مشيرًا إلى أن «هناك خشية أن تلجأ إسرائيل لاستخدام القوة» ضد إيران.
ولقد تريثتُ على أمل أن يُفصح عن شىء ما حول التوجهات الإسرائيلية فى هذا الشأن، ولكنه لم يقل شيئًا واضحًا، وظل حديثه يتسم بالتعميم الشديد، فلم أكن أعرف إذا ما كانت لديه معلومات بالفعل حول الخطط الإسرائيلية أم أنه ليست لديه معلومات محددة. وألمح «بوش» فى هذه الجلسة إلى أن هدف الولايات المتحدة الأمريكية من تشديد الضغط على إيران هو تفادى لجوء إسرائيل لاستخدام القوة، وتذكرت محادثة دارت بينى وبين وزير الخارجية البريطانى «جاك سترو» و«يوشكا فيشر» وزير الخارجية الألمانى، حيث قالا لى إن الدول الأوروبية الثلاث المشاركة فى المفاوضات النووية إنما تسعى لأن تكون «درعًا بشريّة» لإيران من خلال الحوار الذى تأمل أن يحول دون قيام الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل بتوجيه ضربة لإيران.
ولقد شهدت هذه المرحلة تباينًا للرؤى داخل الإدارة الأمريكية حول سبل التعامل مع إيران، فكان جناح الصقور يرى ضرورة توجيه ضربة عسكرية لإيران والقيام بعملية لتغيير النظام الحاكم بها دون أن يأخذوا أى عظة مما حدث فى العراق. لقد كان هؤلاء الصقور ينظرون إلى إيران بوصفها تهديدًا لوجود إسرائيل، وكانوا يرفضون أى حوار قد يعطى أى شرعية للنظام بها. أما الجناح الآخر والذى كنت أعتقد أنه كان يضم الرئيس «بوش» نفسه و«كوندوليزا رايس»، بغض النظر عن التصريحات المتشددة التى يدليان بها، فقد كان يرى أن الحوار والتفاوض هما الطريق الأمثل للتعامل مع هذا الأمر، لكنهم كانوا يُصرون فى الوقت نفسه على أن الطريق إلى التفاوض يجب أن تسبقه تلبية إيران مجموعة من الشروط المسبقة. وكان هناك فريق ثالث يضم مسؤولين مثل «باول» و«آرميتاج»، وكان يميل إلى الدخول فى حوار دون شروط مسبقة عن قناعة أن الحل للملف الإيرانى هو بالضرورة حل دبلوماسى.
وكنت قد أحضرتُ معى رسالة من حسن روحانى، نيابة عن النظام الإيرانى، تفيد باستعداد إيران للدخول فى حوار مع الولايات المتحدة حول جميع القضايا، بما فى ذلك البرنامج النووى لطهران، وقضايا أوسع تتعلق بالأمن الإقليمى. ولقد كانت هذه الرسالة مكتوبة على صفحة واحدة من ورق أبيض لا يحمل أى إشارة لهوية الراسل، كما أن الرسالة لم تكن تحمل توقيعًا، ولكننى قمت بتقديم هذه الرسالة إلى «بوش» مؤكدًا أنها موجهة من روحانى، ومشددًا على أهمية شروع الولايات المتحدة فى حوار مع إيران.
وكان تعقيب «بوش»: «أحب أن يكون الحديث بين القادة بصورة مباشرة، ولكننى لا أظن أن الزعيم الإيرانى مستعد لذلك، لأنه منشغل جدًّا بأفكار تدمير إسرائيل»، وكان ذلك إشارة منه إلى آية الله خامنئى. ثم أشار «بوش» إلى أن إيران تحتجز نحو 40 من عناصر «القاعدة» من أصول سعودية ومصرية كورقة للتفاوض، مع علمها باهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالوصول إلى هذه العناصر.
وفى المجمل شعرتُ أن «بوش» كان يؤكد -على طريقته الخاصة- اعتقادى بأن الحوار بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن يجلب الكثير من الفوائد للطرفين، بما فى ذلك قيام إيران بدعم فُرص الأمن فى العراق بالنظر إلى العلاقة التى تربطها مع الشيعة هناك. ولقد أشرتُ إلى أن الحوار هو أحد دلائل الاحترام، وأنه بالنسبة إلى دول الشرق الأوسط وثقافتها، فإن إبداء الاحترام هو أمر أساسى فى اتجاه الوصول إلى تسوية سلمية لأية مشكلة.
وكان هناك العديدون فى النظام الإيرانى الذين يودون إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بهدف التوصل إلى «صفقة كبرى» تشمل ملفات الأمن والتجارة، ونظرة إسرائيل إلى الخطر العسكرى الإيرانى، وأمورًا أخرى تتعلق بتطبيع كامل للعلاقات بين طهران وواشنطن. وهذا كان فى رأيى فحوى رسالة روحانى، ولكن لم يَبْد لى أن «بوش» أو «رايس» كانا فى هذا الوقت على استعداد للتعامل مع آفاق مثل هذا التوجه.
وقرب نهاية اللقاء اقترحتُ عقد مؤتمر دولى لدعم أهداف نظام منع انتشار الأسلحة النووية، وعلى الفور لاقى هذا الاقتراح قبولا واضحًا من «رايس» التى قالت إنه «طالما فكرت فى أننا نحتاج لمثل هذا المؤتمر»، وكان واضحًا أن الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن وسيلة لإثبات الزعامة الدولية، خصوصًا فى هذا العام الانتخابى الذى كان ملف أسلحة الدمار الشامل فيه ملفًا بارزًا.
وقد منحنى هذا الاجتماع بعض أسباب التفاؤل، حيث إن الاجتماع كان أكثر عمقًا مما كنتُ قد توقعت، ثم زادت أسباب التفاؤل خلال لقاء تالٍ مع «جورج تنيت» مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الذى يتمتع بمهنية عالية وقدرة على الحديث المباشر، وقد لاحظتُ تحسب «تنيت» من استخدام العبارات المبالغ فيها حول تقييم الوضع بالنسبة إلى البرنامج النووى فى إيران، وهو ما مثَّل اختلافًا كبيرًا عن لغة الاستخبارات قبل حرب العراق. وكان «تنيت» نفسه مقتنعًا بأن الهدف من البرنامج النووى الإيرانى هو إنتاج أسلحة نووية، غير أنه أقر بأنه لم يكن لديه دليل مباشر على ذلك، أو حسب لغة العاملين فى أجهزة المخابرات، لم تكن لديه «معلومات يمكن التحرك على أساسها»، وبالتالى فلقد كان «تنيت» يأمل أن تنكشف النوايا الإيرانية فى مرحلة ما من مراحل التفتيش على منشآتها النووية.
ولقد قدم لى «تنيت» بذلك توضيحا لِما كنت أسمعه عبر وسائل الإعلام الأمريكية ومن المسؤولين الأمريكيين حول تأكد واشنطن من سعى إيران لامتلاك الأسلحة النووية، على الرغم من عدم تقديم أى دليل على ذلك. وفى ما استطعتُ أن أخلص إليه فإن أجهزة المخابرات الأمريكية تمكنت من خلال تتبع لمحادثات تليفونية وما إلى ذلك، أن تضع يدها على انخراط بعض أفراد الحرس الثورى الإيرانى فى البرنامج النووى الإيرانى، بما فى ذلك القيام ببعض المشتريات الخاصة بهذا البرنامج، ولكن لم تكن هناك معلومات تفيد بوجود رابطة بين هذا البرنامج وبين برنامج نووى عسكرى. وبالتالى فإن التحرك الأمريكى كان يهدف للضغط على إيران فى انتظار التوصل إلى دليل دامغ أو فى انتظار أن يتقدم شخص ما بمعلومات حاسمة فى هذا الصدد.
ولم تكن إيران تساعد نفسها فى علاقتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإخفاؤها المتعمد لمعلومات حول جهود تطوير أجهزة التخصيب من طراز «P-2» وإلغاؤها المفاجئ للزيارة المقررة لمفتشى الوكالة إلى «ناتانز» خلق انطباعًا سلبيًّا لدى الوكالة. ورأيتُ أنه لا بد أن يتم الحديث مع طهران بصورة حاسمة، وقررتُ أن أقوم بنفسى بهذه المهمة من خلال زيارة لطهران.
وفى طهران أخبرتُ كل مسؤول التقيتُ به بدءًا من الرئيس خاتمى ووصولا إلى وزير الخارجية كمال خرازى أننى سئمت سياسة المماطلة والتأخير التى تتبعها إيران فى تعاملاتها مع الوكالة. ولقد أبديتُ للرئيس خاتمى -على وجه التحديد- معاملة جافة تختلف عما أبديته خلال آخر لقاء جمعنى به، لأنه وببساطة خدعنى فى ذلك اللقاء، واخترت أن لا أدخل فى مواجهة حول هذا الأمر، واكتفيت بأن يكون حديثى معه دالا على أن موقفى منه قد تغير.
كما أحطتُ الرئيس خاتمى وكل من قابلتهم بأن صبر مجلس محافظى الوكالة أخذ فى النفاد، وأن إيران لم يعد لديها نفس القدر من الدعم والمساندة، وأن ملفها أصبح خلافيّا. وأكدتُ لهم أنه لم يعد أمام إيران سوى التعاون المتواصل والأمين مع الوكالة، وأن أى شىء خلاف ذلك سيُلحق الأذى بالموقف الإيرانى.
فى الوقت نفسه أحطتُ روحانى وخاتمى بالنقاط الأساسية التى خلصت إليها من لقائى مع «بوش»، بما فى ذلك تشكك الرئيس الأمريكى فى نوايا إيران للحوار. وأخبرتهم أن الولايات المتحدة الأمريكية تنتظر أن تقوم إيران بتسليم عناصر «القاعدة» المحتجزين لديها إلى بلادهم، كما أخبرتهم بعدم ارتياح واشنطن لما أبدته طهران من تردد فى قبول المساعدات الإنسانية الأمريكية فى أعقاب زلزال «بام» فى ديسمبر 2003

عمر طاهر يكتب الحفيدة المنسية «أمامة بنت زينب بنت النبى»



(1) لم يستقر بها المقام فى حال واحد طوال حياتها. كانت تعرف أن ميلاد الحزن مجرد عد تنازلى لميلاد الفرح. وما بين المربعات المربكة التى كانت تتحرك فى حدودها لم تذكر كتب السيرة أنها اشتكت يوما ما.
(2) كانت زينب تُرضِع أمامة وتحكى لها عن الجد والجدة (محمد وخديجة)، تعلمها أن الحب يصنع للإنسان جذورًا تمنع الأيام من اقتلاعه، تحكى لها النظرية ثم تقدم إليها تطبيقًا آخر.. قصة حب أمها وأبيها (زينب بنت النبى وأبو العاص بن الربيع). وعندما خرج الأب المشرك ليحارب الجد النبى وقفت الابنة أمام باب الدار مهزومة وهى ترى كل ما آمنت به ينهار فى لحظة، وعندما قالت لها زينب إنها حرب ستخلف واحدة منا، أنا أو أنت، يتيمة، كان أن مسحت ضلعا من أضلاع المربع الذى تقف فيه لتنهار خارجه دون أن يحدها شىء.
(3) وقع الأب أسيرًا فى قبضة النبى. وبعد شفاعة من الأم زينب أطلق الجد سراحه، على أن يطلِّق زوجته وتهاجر زينب وابنتها إلى المدينة. فى الطريق كانت زينب تفكر أن الحب الذى كَتب لزوجها حياة جديدة كان هو نفسه الثمن.. فلا حب ولا حياة. فجأة انتفض البعير الذى كان يُقل أمامة وأمها، فوجدت أحد المشركين يروعهما برمحه، سقطت الأم على الأرض محتضنة ابنتها، التقت عيناها بعينى الهبار ممسكا برمحه فأشاح وجهه بعيدا، وقبل أن يهم بقتل الأم نظر إليها ثم ابتعد، كانت الأم مستلقية تنزف وتبكى على جنين كان فى بطنها هو الآن مجرد خيط من الدم يتشربه رمل الصحراء على مهل. رسمت أمامة بأصابعها النحيلة مربعًا حول الدماء ودفنت فيه شقيقها أو شقيقتها لم تعرف بالضبط.
(4) بينما جدها يؤم الناس للصلاة فى المدينة كانت تنعس فوق كتفه متونسة بأنفاسه. يهم الجد بالسجود فيضعها أرضًا فتشعر بالخوف فتبدأ فى البكاء. يقوم الجد من السجود فيحملها فوق كتفه ويبدأ فى التلاوة من جديد.. فتنام. كانت كلمة الله أكبر تعنى لها مربعًا كبيرًا به من السعادة ما يعجز الأطفال عن فهمه.. والكبار أيضا. «النبى قَبِل الهدية» وكانت الهدية هذه المرة قلادة من الجزع محلاة بالذهب، عرضها النبى على أهل بيته، فقلن إنهن لم يرين أحلى منها، فقال النبى: أرددنها إلىَّ. أمسك النبى بالقلادة وتأملها قائلا: والله لأضعنها فى رقبة أحب أهل البيت إلىَّ. تروى كتب السيرة أن السيدة عائشة قالت: أظلمت علىَّ الأرض خشية أن يضعها فى رقبة غيرى منهن، ولا أراهن إلا قد أصابهن مثل الذى أصابنى. توترت الأجواء فى انتظار معرفة من سينال هذا الشرف. كانت أمامة نائمة ويبدو أن هذه الضجة قد أيقظتها. قفزت باتجاه حضن جدها، كان على عينيها غمص، فمسحه بيديه ثم قبلها ووضع القلادة فى رقبتها. كان مربع الفرحة وقتها على قدر من السعة، يستوعب كل من حضر هذه اللحظة. بعدها بأيام استيقظت أمامة على صوت أبيها يدخل الخيمة عليها هى وأمها، يستجير بها بعد أن طارده المسلمون فى رحلة عودته من الشام، وكادوا يأسرونه للمرة الثانية، دخل على زينب يستجير بها فتجيره، اجتمع شمل الأسرة دون مقدمات، ثم انفرط العقد من جديد، قال له النبى «إنها لا تحل لك»، ثم ضمن له سلامة العودة إلى أهله. كانت أمامة تغلق عينيها كل يوم على ملامح الأب حتى لا تنساها من جديد، كانت تستذكرها جيدا وتدقق فى مواضع الشيب حتى تميزه بها، تحاول أن تتذكر لون عينيه فتفشل، فتسأل أمها، تأتيها الإجابة غير مقنعة، فتحدد اللون الذى يرضيها.
كان ظهور الأب ورحيله غير موجع، فقد رأت فى عينى أمها أنه سيعود. فعاد بالفعل.
أسلم الأب فرد عليه الجد زوجته. المربع الآن يليق بصبية حالمة.. خافت أن يهرب الأب مجددًا فحوطته بأسوار.. ولكن من الورود. ما بين جد هى أحب أهل بيته إليه، وأب وأم بدا حبهما صلبًا لا يهزمه شىء، عاشت أمامة أجمل أيامها إلى أن بدأت صحة زينب فى التراجع.
(5) كان الجد يشرف بنفسه على تغسيل ابنته زينب. «غسِّلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك بماء وسدر، واجعلن فى الآخرة كافورا».. قال النبى. ثم طلب منهن أن يبلغنه عندما ينتهين. وعندما فعلن خلع النبى إزاره ثم مده إليهن، وطلب منهن أن يضعنه على جسد ابنته حتى تشعر به. وفى اللحظة التى هبط فيها ثوب الرسول على وجه زينب كان أبو العاص يحتضن أمامة ويبكيان فى مكان ما.
(6) فى بيت خالتها فاطمة، كانت أمامة تبدأ حياتها الجديدة، أولاد الخالة الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم. كان الجميع يغمرها بحب كان له طعم يختلف من شخص لآخر. كان الأب يرى فيها قصة حبه وكانت هى دواءه من حزنه على رحيل الزوجة. وكان الجد يرى فيها ابنته، ثم يدقق النظر فيرى خديجة الزوجة وحبه الأول. وكانت فاطمة ترى فيها مستقبل نساء الإسلام، كما تحلم به، فاحتضنتها بالعلم والفضيلة. كانت تتنقل كفراشة بين مربعات المحبة إلى أن بدأت تتهاوى واحدا تلو الآخر.
رحل الجد.
ثم رحلت الخالة بعده بشهور. كانت تشكو لأبيها من حزنها فلم يرد.. دققت النظر إلى عينيه، فتأكدت أن أمها كانت محقة عندما أخبرتها عن لونهما، كانت تعتقد طوال الفترة الماضية أن لونهما كما تخيلت بالضبط، إلى أن فوجئت أنها كانت مخطئة بينما تسبل عينى والدها لينام إلى الأبد.
(7) كان أبو العاص قد أوصى الزبير بن العوام أن يكون ولى ابنته، فأخذها لتعيش فى كنفه هو وزوجته أسماء بنت أبى بكر. كان الزبير وأسماء يسعيان لمرضاة النبى ميتا كما كانوا يسعون لمرضاته حيا، وكانوا يعرفون ماذا تعنى له أمامة، فكانت محبتهما لها فترة نقاهة من الأحزان التى استهلكت قلبها الصغير، إلى أن حان موعد الفرح من جديد. قال على بن أبى طالب للزبير لقد أوصتنى فاطمة رحمها الله بالزواج من أمامة.. فكان الزواج. عاشت أمامة تنهل من علم وكرم على، وكان على يحبها فى الله ورسوله، إلى أن أصبح أمير المؤمنين، ثم استيقظت يوما على مقتله.
كانت تدور حول جثمان على حائرة، لا تدرى ماذا تفعل، شعرت أنها لم تكن بحاجة إليه من قبل مثلما تشعر بذلك فى هذه اللحظة بالذات، كانت تطوف حوله وتطوف برأسها المشاهد كلها، حب ثم حرب ثم فراق ثم سعادة ثم دفء ثم موت ثم عائلة جديدة فموت ففراق ثم يُتْم فحزن ففرح فأرملة تدور حول جسد زوجها، انهارت على ركبتيها أمام جسد على وضعت رأسها على بطنه وبكت كما لم تبك من قبل، بينما ترفع أصبعها بإشارة التوحيد.
(8) قبل أن يموت على قال لها أخشى أن يطلبك معاوية للزواج، أوصيكى بعدى بالزواج من المغيرة بن الحارث. بعد وفاة على أرسل معاوية يطلب خطبتها، معاوية ابن «هند بنت عتبة» التى أكلت كبد حمزة بن عبد المطلب بعد استشهاده، كيف لهذه الوردة أن تتزوج من ابن آكلة الأكباد؟ أنقذت نفسها ونفذت وصية على.
(9) بعد فترة من الزواج أنجبت غلاما. كانت ترضعه وتمسح رأسه عندما دخل زوجها يسألها ماذا سنسميه؟ تجولت عينى أمامة فى الغرفة فلم تر إلا كل الأحبة الذين ماتوا.
قالت: أسميته «يَحيى».

Friday, September 28, 2012

أسقف شمال سيناء: تهجير 9 أسر قبطية من رفح للعريش بعد تلقيها تهديدات




قالت الأنبا قزمان، أسقف شمال سيناء، إنه تم تهجير 9 أسر قبطية من مدينة رفح بشمال سيناء إلى منطقة العريش، لحين السيطرة الأمنية على المنطقة، فيما أكد القمص كيرلس فيكتور، وكيل المطرانية، أن قرار التهجير جاء بعد عدة لقاءات جمعت المحافظ والأهالي وأسقف المحافظة وجهات أمنية، التي قررت نقل جميع الأسر إلى العريش بشكل مؤقت.
 
وأضاف الأنبا قزمان، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، أن «الأسر الـ9 غادرت بالفعل رفح إلى العريش، إثر تهديدات تلقاها أفرادها عقب إطلاق الرصاص تجاه محل تجاري يملكه أحدهم»، متهمًا الأجهزة الأمنية بـ«التقاعس عن حمايتهم».
 
وأكد أن «المسالة ليست أقباط ومسلمين، نحن نتحدث عن أمن وطن بأكمله، وإذا صمتنا اليوم على رحيل الأقباط، فغدًا تدور الدائرة على المسلم والسيناوى والوافد»، مطالبًا بحماية مدينة رفح بوصفها «تمثل حدود الدولة».
 
وكشف عن أن لقاءً جمع رموز الكنيسة واللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، الخميس، تم خلاله الموافقة على الندب المؤقت لموظفي الأسر الـ9 من رفح إلى العريش، لافتً أن «عددًا من الأسر بدأ في استئجار شققًا سكنية بضاحية السلام بالقرب من المطرانية».
 
من ناحيته، قال القمص كيرلس، لـ«المصري اليوم»، إنه «تم ترحيل أسرتين، وجارٍ ترحيل الـ7 أسر الأخرة إلى العريش»، مبديًا خوفه من أن «يتجه الإرهاب إلى منطقة الشيخ زويد، وهي المنطقة المجاروة لرفح، التي يوجد بها 5 أسر قبطية»، والتي وصفها بأنها «غير آمنة أيضًا».
 
ولفت إلى أن «الأقباط في كانوا قبل الثورة 20 أسرة، وأصبحوا بعدها 9 أسر، والآن أصبح لا يوجد أسر نهائيًّا»، متسائلا: «إلى متى يظل الأمن يستجيب إلى مطالب الإرهاب».
 
من جانبه، قال الناشط والأديب السناوي، مسعد أبوفجر، إنه «بعد الهجوم على أحد المحال، الذي يملكه قبطي، أمرت المحافظة أقباط رفح بالرحيل خلال ٢٤ ساعة».
 
وأكدت مصادر بالمحافظة، لـ«المصري اليوم»، أن «المحافظ وافق على السماح بندب الموظفين الأقباط من رفح إلى العريش بناء على رغبتهم بعد التهديدات التي تلقوها»، لافتةً إلى أن «المحافظ أخبرهم أن الأمر مؤقت، لحين عودة الاستقرار لمدينة رفح، وإتمام عملية الانتشار الأمني».
 
ويسكن فى رفح 9 أسر قبطية، مكونة ما يقرب من نحو 50 فردًا، وهم أسر مجدى سعيد، صاحب محل برفح، وعدد أفردها 7، وأسرة خلف سعيد، ويعمل مدرسا، ويبلغ عدد أفرادها 5، وأسرة ممدوح نصيف، صاحب محل، وهو من أطلق عليه النار منذ أيام، ويبلغ عدد أفرادها 5، وأسرة فكرس قلتة، موظف بالمحافظة، ويبلغ عدد أفرادها 4، وأسرة مجدي ناروز، ويعمل في مجلس المدينة، ويبلغ أفرادها 3، وأسرة جوزيف ويصا، مدير مدرسة ثانوي، على المعاش، ويبلغ أفرادها 4، وأسرة إيهاب لويس مدرس، وأسرة جمال عياد، مدرس، وأسرة مدام فادي ناروز، الزوج متوفى، وأفرادها 4.

خالد البري يكتب «دستور مفاخذة الصغيرة»: ندفع ثمن فشلهم الحتمى!




لدى الإسلامجية خوف رهيب من الفشل! أستطيع أن أرده إلى أسباب كثيرة، لكننى 

سأكتفى بالسبب المباشر. أنهم يعلمون أن ممارستهم السياسية التى بنوا عليها شعبيتهم 

ممارسة منافقة لا يمكن أن تثبت لاختبار التجربة الحقيقية. كيف هذا؟ أوضح، أبن، أفصح!

سأعطيك مثلين بسيطين فى مجالين مختلفين.

حين كان الإسلامجية فى المعارضة كانوا يُشكَرون على كل أنبوبة بوتاجاز يقدمونها. بنفس القدر، سيُلعَنون بعد أن صاروا فى السلطة على كل أنبوبة لن يقدموها. سيلعنون أكثر من أى سلطة غيرهم. لأنه استقر فى وعى الناس أنهم قادرون على تقديم أنابيب البوتاجاز. وسوف يفسر «البسطاء» الموضوع على أنهم وصلوا إلى السلطة وتكبروا.

حين كان الإخوان فى المعارضة كانوا يكسبون رصيدا من الهتاف، مجرد الهتاف، مطالبين بطرد سفير هذه البلد أو تلك. إذ صاروا فى السلطة صاروا يفقدون بنفس القدر رصيدا فى كل مرة يتكرر الموقف ولا يطردون السفير.

وهنا، على سبيل المثال، فإن أزمة الفيلم ذات دلالة سياسية كبيرة. إنها -بلا أى تهويل- فضيحة للإخوان، خارجيا، وداخليا. لقد حاول الإسلامجية أن يلعبوا وهم فى السلطة نفس لعبة الشعبية الرخيصة التى كانوا يلعبونها وهم فى المعارضة. أرادوا تمرير بنود فى الدستور فأتوا بفيلم لا يساوى تلاتة تعريفة وشحنوا الجمهور ليقدموا أنفسهم بصورة حامى حمى الإسلام ضد الغرب الكافر. لكنهم إذ اصطدموا بأسوار السفارات الغربية أدركوا المعضلة. إنهم الآن فى السلطة وهذا يعنى شيئين: أولا: أنهم أصحاب القرار. فلماذا يتظاهرون؟ إن أردتم أن تطردوا السفير فاطردوه. إن أردتم أن تقطعوا العلاقات مع أمريكا اقطعوها. إن أردتم إعلان الحرب فأعلنوها. أما ثانيا: أنهم -يا للسخرية- المنوط بهم حماية هذه السفارة من الجمهور الذى شحنوه إليها. فبدؤوا يهبلون التهبيل الذى سميته فضيحة. يرسلون رسالة تعزية إلى السفارة فترد عليهم بما يفيد أنها تقرأ رسائلهم العربية إلى جمهورهم أيضا. فلا يجدون إلا اللجوء إلى مزيد من الهبل، التنصل من الشرف الذى ادعوه سابقا، والادعاء بأن من «هاجم السفارة نصر النبى» هم فى الحقيقة الليبراليون. مش إحنا والله يا بيه.

لقد كان منتهى سوء الحظ بالنسبة إلى مبتدئى السياسة هؤلاء أن اغتيل السفير الأمريكى فى نفس يوم التظاهر. فربط المواطن الأمريكى بين هذا والمظاهرات المدعومة إسلامجيا فى مصر. وواجهت الإدارة الأمريكية، فى وقت عصيب (الانتخابات)، السؤالَ الصعب. أليس هؤلاء حلفاءَكم؟ أليس هؤلاء الإسلامجية الوسطيين الذين تدعمون؟ ألم نقل لكم إن «الوسطيين» ما هم إلا ممهدو طريق للجهاديين؟ (تابعت هذا من داخل أمريكا). ولم يكن أمام الإدارة الأمريكية إلا أن تضع ثقلها كله فى الموضوع لإنقاذ فرصتها فى الانتخابات القريبة. وما كان على الإخوان إلا أن يستجيبوا فينشروا إعلانا فى «نيويورك تايمز» (بالمخالفة للأعراف السياسية ولصورة مصر كدولة مؤسسية تخاطب الدول الأخرى من خلال مؤسسة الرئاسة) ويتعهدوا بإجراء تحقيق.

أين موطن العلة هنا؟ ألم يكن هذا ليحدث مع أى قوة سياسية تصل إلى السلطة؟

لا. ليس مع حزب إنسانى يتحدث إلى الناس بالحقيقة، ولا يعدهم ببركات السماء والأرض. ليس مع حزب إنسانى يعرفه الناس بإمكاناته الحقيقية ولا يجمع فلوس الزكاة ويستخدمها فى الدعاية السياسية.

طيب. ما علاقة هذا بالدستور؟ علاقة وثيقة فى الحقيقة. الإسلامجية يعرفون أنهم سيفشلون فى أولى تجاربهم فى الحكم. الإسلامجية يعرفون أن أى انتخابات حرة لن تعطيهم الأغلبية التى حازوا عليها فى الانتخابات السابقة. وأمامهم إما الاستبداد، وليس هذا سهلا فى ظل الظروف الحالية، وإما أن يضعوا كل مشروعهم (وهو معنى بالهوية والمحظورات أكثر من أى شىء آخر) فى الدستور. لأن الدستور صعب التغيير. وحتى، وهذا احتمال بعيد، لو حصلت قوى مدنية مجتمعة على أغلبية فى برلمان قادم، فستكون أغلبية ضئيلة لن تمكنها من تغيير الدستور. على خلاف القوانين التى تتغير بأغلبية النصف زائد واحد. بدافع هذا الخوف، كتب الإسلامجية دستورا حجريا يحقق لهم أحلامهم المعنوية والجنسية. وإلا خاطروا بفقدانها فى جيلهم لو وصلت قوى إنسانية إلى الحكم. لن ينسى الناس فشلهم بسهولة. هذا الدستور هو الثمن الذى يُراد لنا أن ندفعه لتعويض الإسلامجية عن خسارتهم.

جمال عبد الناصر



جمال عبد الناصر حسين سلطان على عبد النبي (15 يناير 1918 - 28 سبتمبر 1970). هو ثاني رؤساء مصر. تولى السلطة من سنة 1954، بعد الرئيس محمد نجيب، إلى وفاته سنة 1970. وهو أحد قادة ثورة 23 يوليو 1952، ومن أهم نتائج الثورة هي خلع الملك فاروق عن الحكم، وبدء عهد جديد من التمدن في مصر والاهتمام بالقومية العربية والتي تضمنت فترة قصيرة من الوحدة بين مصر وسوريا ما بين سنتي 1958 و 1961، والتي عرفت باسم الجمهورية العربية المتحدة. كما أن عبد الناصر شجع عدد من الثورات في أقطار الوطن العربي وعدد من الدول الأخرى في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. ولقد كان لعبد الناصر دور قيادي وأساسي في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في سنة 1964 وحركة عدم الانحياز الدولية.
يعتبر عبد الناصر من أهم الشخصيات السياسية في الوطن العربي وفي العالم النامي للقرن العشرين والتي أثرت تأثيرا كبيرا في المسار السياسي العالمي. عرف عن عبد الناصر قوميته وانتماؤه للوطن العربي، وأصبحت أفكاره مذهبا سياسيا سمي تيمنا باسمه وهو "الفكر الناصري" والذي اكتسب الكثير من المؤيدين في الوطن العربي خلال فترة الخمسينيات والستينيات. وبالرغم من أن صورة جمال عبد الناصر كقائد اهتزت إبان نكسة 67 إلا أنه ما زال يحظى بشعبية وتأييد بين كثير من مؤيديه، والذين يعتبرونه "رمزا للكرامة والحرية العربية ضد استبداد الاستعمار وطغيان الاحتلال". توفي سنة 1970، وكانت جنازته ضخمة خرجت فيها أغلب الجنسيات العربية حزنا على رحيله.



نشأته



الرئيس جمال عبد الناصر في الصغر
ولد جمال عبد الناصر بالأسكندرية قبيل أحداث ثورة 1919 التي هزّت مصر،[1] وحركت وجدان المصريين، ألهبت مشاعر الثورة والوطنية في قلوبهم، وبعثت روح المقاومة ضد المستعمرين. وهو من اصول صعيديه فكان به حميه الرجل الغيور المتغلب عليه عادات وتقاليد المجتمع المصري الطيب العريق وكان أبوه حسين عبد الناصر خليل سلطان قد انتقل من قريته بني مر بمحافظة أسيوط؛ ليعمل وكيلا لمكتب بريد باكوس بالإسكندرية، وقد تزوج من السيدة "فهيمة" ابنة "محمد حماد" تاجر الفحم المعروف في المدينة.
وفي منزل والده- رقم 12 "شارع الدكتور قنواتي"- بحي باكوس ولد في (15 يناير 1918). وقد تحول هذا المنزل الآن إلي متحف يضم ممتلكات جمال عبد الناصر في بدايه حياته. وكان والده دائم الترحال والانتقال من بلدة إلى أخرى؛ نظراً لطبيعة وظيفته التي كانت تجعله لا يستقر كثيرا في مكان.




جمال في بيت عمه

و لم يكد يبلغ الثامنة من عمره حتى تُوفيت أمه في (18 رمضان 1344 هـ / 2 أبريل 1926) وهي تضع مولودها الرابع "شوقي" بعد أخوته الليثي وعز العرب، وكان عمه "خليل"، الذي يعمل موظفا بالأوقاف في القاهرة متزوجاً منذ فترة، ولكنه لم يرزق بأبناء، فوجد في أبناء أخيه أبوته المفتقدة وحنينه الدائم إلى الأبناء؛ فأخذهم معه إلى القاهرة؛ ليقيموا معه حيث يوفر لهم الرعاية والاستقرار بعد وفاة أمهم.
وبعد أكثر من سبع سنوات على وفاة السيدة "فهيمة" تزوج الوالد عبد الناصر من السيدة "عنايات مصطفى" في مدينة السويس وذلك سنة 1933، ثم ما لبث أن تم نقله إلى القاهرة ليصبح مأمورا للبريد في حي الخرنفش بين الأزبكية والعباسية؛ حيث استأجر بيتا يملكه أحد اليهود المصريين، فانتقل مع إخوته للعيش مع أبيهم. بعد أن تم نقل عمه "خليل" إلى إحدى القرى بالمحلة الكبرى، وكان في ذلك الوقت طالبًا في الصف الأول الثانوي. وكان ذلك في سن 12 سنة.


زواجه


الرئيس جمال عبدالناصر في شبابه
وفي 29 يونيو 1944 تزوج جمال عبد الناصر من تحية محمد كاظم – ابنة تاجر من رعايا إيران – كان قد تعرف على عائلتها عن طريق عمه خليل حسين، وقد أنجب ابنتيه هدى ومنى وثلاثة أبناء هم خالد (على اسم أخي تحية المتوفي خالد) وعبد الحكيم (على اسم عبد الحكيم عامر صديق عمره) وعبد الحميد. لعبت تحية دوراً هاماً في حياته خاصة في مرحلة الإعداد للثورة واستكمال خلايا تنظيم الضباط الأحرار، فقد تحملت أعباء أسرته الصغيرة - هدى ومنى - عندما كان في حرب فلسطين 1948، كما ساعدته في إخفاء السلاح حين كان يدرب الفدائيين المصريين للعمل ضد القاعدة البريطانية في قناة السويس في 1951، 1952.








جمال في حياته العسكرية





بعد حصوله على شهادة الثانوية من مدرسة النهضة المصرية بالقاهرة(في عام 1356 هـ / 1937)، كان يتوق إلى دراسة الحقوق، ولكنه ما لبث أن قرر دخول الكلية الحربية، بعد أن قضى بضعة أشهر في دراسة الحقوق. دخل الكلية الحربية، ولم يكن طلاب الكلية يتجاوزن 90 طالبا. وبعد تخرجه في الكلية الحربية (عام 1357 هـ / 1938) التحق بالكتيبة الثالثة بنادق، وتم نقله إلى "منقباد" بأسيوط؛ حيث التقى بأنور السادات وزكريا محيي الدين.
وفي سنة (1358هـ / 1939) تم نقله إلى الإسكندرية، وهناك تعرف على عبد الحكيم عامر، الذي كان قد تخرج في الدفعة التالية له من الكلية الحربية، وفي عام 1942 تم نقله إلى معسكر العلمين، وما لبث أن نُقل إلى السودان ومعه عامر.
وعندما عاد من السودان تم تعيينه مدرسا بالكلية الحربية، والتحق بكلية أركان الحرب؛ فالتقى خلال دراسته بزملائه الذين أسس معهم "تنظيم الضباط الأحرار".

الثوار في حرب فلسطين

كانت الفترة ما بين 1945و1947 هي البداية الحقيقية لتكوين نواة تنظيم الضباط الأحرار؛ فقد كان معظم الضباط، الذين أصبحوا- فيما بعد "اللجنة التنفيذية للضباط الأحرار"، يعملون في العديد من الوحدات القريبة من القاهرة، وكانت تربطهم علاقات قوية بزملائهم؛ فكسبوا من بينهم مؤيدين لهم.
وكانت حرب 1948 هي الشرارة التي فجّرت عزم هؤلاء الضباط على الثورة. وفي تلك الأثناء كان كثير من هؤلاء الضباط منخرطين بالفعل في حرب فلسطين.




نشأة تنظيم الضباط الأحرار

وفي صيف 1949 نضجت فكرة إنشاء تنظيم ثوري سري في الجيش، وتشكلت لجنة تأسيسية ضمت في بدايتها خمسة أعضاء فقط، هم: جمال عبد الناصر، وكمال الدين حسين، وحسن إبراهيم، وخالد محيي الدين، وعبد المنعم عبد الرءوف، ثم زيدت بعد ذلك إلى عشرة، بعد أن انضم إليها كل من: أنور السادات، وعبد الحكيم عامر، وعبد اللطيف البغدادي، وزكريا محيي الدين، وجمال سالم. وظل خارج اللجنة كل من: ثروت عكاشة، وعلي صبري، ويوسف منصور صديق.



وفي ذلك الوقت تم تعيين جمال عبد الناصر مدرسا في كلية أركان الحرب، ومنحه رتبة بكباشي (مقدم)، بعد حصوله على دبلوم أركان الحرب العام 1951 في أعقاب عودته من حرب فلسطين، وكان قد حوصر هو ومجموعة من رفاقه في "الفالوجة" أكثر من أربعة أشهر، وبلغ عدد الغارات الجوية عليها أثناء الحصار 220 غارة. عاد بعد أن رأى بعينه الموت يحصد أرواح جنوده وزملائه، الذين رفضوا الاستسلام لليهود، وقاوموا برغم الحصار العنيف والإمكانات المحدودة، وقاتلوا بفدائية نادرة وبطولة فريدة؛ حتى تم رفع الحصار في جمادى الآخرة 1368 هـ / مارس 1949.

دخل دورات خارج مصر منها دورة السلاح أو الصنف في بريطانيا، مما أتاح له التعرف على الحياة الغربية والتأثر بمنجزاتها. كما كان دائم التأثر بالأحداث الدولية وبالواقع العربي وأحداثه السياسية وتداعيات الحرب العالمية الثانية وانقلاب بكر صدقي باشا كأول انقلاب عسكري في الوطن العربي في العراق سنة 1936. وثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق ضد الإنجليز والحكومة الموالية لهم سنة 1941.وتأميم مصدق لنفط إيران سنة 1951. والثورات العربية ضد المحتل مثل الثورة التونسية والثورة الليبية. كما أعجب بحركة الإخوان المسلمين ثم ما لبث أن توصل إلى رأي بأن لا جدوى من أحزاب دينية في وطن عربي يوجد فيه أعراق وطوائف وأديان مختلفة.


ثورة 23 يوليو وقيام الجمهورية

بعد سلسلة من الإخفاقات التي واجهها الملك داخليا وخارجيا وخصوصا تخبطه في علاقاته أثناء الحرب العالمية الثانية بين دول المحور والحلفاء، مما زعزع موقف مصر كثيرا وأدى إلى إنشاء ثاني أكبر قاعدة بريطانية في المنطقة في السويس "بعد الحبانية في الفلوجة في العراق ". وكذلك موقفه في حرب 1948 التي خسر فيها الحرب. وقبل ذلك كانت الدعوات والضغوطات داخليا وعربيا تحث قادة الجيش على لعب دورا في إصلاح الأوضاع المصرية، منها ما كانت تبثه محطة إذاعة برلين العربية إبان الحرب العالمية الثانية والتي كانت تحت تصرف كل من الشخصية الوطنية العراقية رشيد عالي الكيلاني ومفتي القدس أمين الحسيني، وأخذ الكيلاني بعد أن نجح في العراق سنة 1941 بإحداث أول ثورة تحررية في الوطن العربي ضد الإنجليز ذات أبعاد قومية تنادي بوحدة الأقطار العربية أطلق التصريحات والبيانات للقادة والجيوش العربية بضرورة الانتفاض ضد الهيمنة البريطانية والفرنسية. وحث الجيش المصري على الثورة ضد المستعمر الذي يدعم النظام الملكي منبهين من خطر المخططات الأجنبية لمنح فلسطين لليهود، وخص الجيش المصري بخطاب يحثه على مقاومة الإنجليز من خلال دعم وتأييد الالمان ودول المحور. وبعد مهادنة الملك فاروق للانجليز أصدر الكيلاني بيانا يحث الجيش المصري بالانتفاض على الملك ولقيت دعوة الكيلاني التفهم والترحيب لدى القادة العسكريين المصريين.[بحاجة لمصدر] وكانت لطروحاته وشعاراته الثورية والتحررية من خلال إذاعة برلين العربية الأثر في نفوس ثوار مصر بالاطاحة بالملك فاروق في حركة يوليو/ تموز 1952، لاسيما بعد أن تعمق هذا الاحساس بعد حرب 1948.
و في 23 يوليو 1952 قامت الثورة، ولم تلقَ مقاومة تذكر، ولم يسقط في تلك الليلة سوى ضحيتين فقط، هما الجنديان اللذان قتلا عند اقتحام مبنى القيادة العامة. وكان الضباط الأحرار قد اختاروا محمد نجيب رئيسا لحركتهم، وذلك لما يتمتع به من احترام وتقدير ضباط الجيش؛ وذلك لسمعته الطيبة وحسه الوطني، فضلا عن كونه يمثل رتبة عالية في الجيش، وهو ما يدعم الثورة ويكسبها تأييدا كبيرا سواء من جانب الضباط، أو من جانب جماهير الشعب.
وكان عبد الناصر هو الرئيس الفعلي للجنة التأسيسية للضباط الأحرار؛ ومن ثم فقد نشأ صراع شديد على السلطة بينه وبين محمد نجيب، ما لبث أن أنهاه عبد الناصر لصالحه في (17 ربيع الأول 1374 هـ / 14 نوفمبر 1954)، بعد أن اعتقل محمد نجيب، وحدد إقامته في منزله، وانفرد وحده بالسلطة.
و استطاع أن يعقد اتفاقية مع بريطانيا لجلاء قواتها عن مصر وذلك في 19 أكتوبر 1954، وذلك بعد أن اتفقت مصر وبريطانيا على أن يتم منح السودان الاستقلال.
في العام 1958 أقام وحدة اندماجية مع سوريا، وسميت الدولة الوليدة بالجمهورية العربية المتحدة، إلا أن هذه الوحدة لم تدم طويلاً، حيث حدث انقلاب في الإقليم السوري في سبتمبر من سنة 1961 أدى إلى إعلان الانفصال ثم تم عقد معاهدة وحدة متأنية مع العراق وسوريا سنة 1964 إلا أن وفاة الرئيس العراقي المشير عبد السلام عارف سنة 1966 ثم حرب 1967 حالت دون تحقيق الوحدة. علما أن مصر استمرت في تبني اسم "الجمهورية العربية المتحدة" وذلك لغاية سنة 1971 أي إلى ما بعد رحيل عبد الناصر بسنة.
بعد حرب حرب 1967 كما سميت في إسرائيل والغرب أو النكسة كما عرفت عند العرب، خرج عبدالناصر على الجماهير طالباً التنحي من منصبه، إلا أنه خرجت مظاهرات في العديد من مدن مصر وخصوصا في القاهرة طالبته بعدم التنحي عن رئاسة الجمهورية.
في عام 1968 خرجت مظاهرات في الجامعات المصرية تطالب بمحاسبة المسؤولين عن النكسة، فأصدر عبد الناصر بيان 30 مارس، الذي يعتبره المستشار طارق البشري بدايةً لمرحلةٍ جديدة في مسار الثورة بدأت تمهّد لإنشاء مؤسسات تساعد على تغيير بنية الجمهورية لتخرج مصر رويداً رويداً من قبضة الدولة الشمولية.[2] إلا أن تلك الخطوات لم تستمر نظراً لوفاته عام 1970 وتغيّر رؤى من قدموا من بعده.



من إنجازاته


وافق على مطلب السوريين بالوحدة مع مصر في الجمهورية العربية المتحدة، والتي لم تستمر أكثر من ثلاث سنين تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة (1958-1961) وسط مؤامرات دولية وعربية لإجهاضها.
استجاب لدعوة العراق لتحقيق أضخم إنجاز وحدوي مع العراق وسوريا بعد تولي الرئيس العراقي المشير عبد السلام عارف رئاسة الجمهورية العراقية بما يسمى باتفاق 16 أبريل 1964.
قام بتأميم قناة السويس وإنشاء السد العالي على نهر النيل.
قام بانشاء بحيرة ناصر وهي أكبر بحيرة صناعية في العالم.
تأسيسه منظمة عدم الانحياز مع الرئيس اليوغوسلافي تيتو والإندونيسي سوكارنو والهندي نهرو.
تأميم البنوك الخاصة والأجنبية العاملة في مصر.
قوانين الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الزراعية والتي بموجبها صار فلاحو مصر يمتلكون للمرة الأولى الأرض التي يفلحونها ويعملون عليها وتم تحديد ملكيات الاقطاعيين بمئتي فدان فقط.
إنشاء التليفزيون المصري (1960)
قوانين يوليو الاشتراكية (1961)
إبرام اتفاقية الجلاء مع بريطانيا العام 1954، والتي بموجبها تم جلاء آخر جندي بريطاني عن قناة السويس ومصر كلها في الثامن عشر من يونيو 1956.
بناء إستاد القاهرة الرياضي بمدينة نصر(ستاد ناصر سابقاً).
إنشاء كورنيش النيل.
إنشاء برج القاهرة
إنشاء معرض القاهرة الدولي للكتاب.
التوسع في التعليم المجاني على كل المراحل.
التوسع المطرد في مجال الصناعات التحويلية حيث انشأ أكثر من 3600 مصنع.
إنشاء التنظيم الطليعي.
جلاء القوات البريطانية مصر في 19 أكتوبر 1954.
يقول د. علي الجربتلي المنتمي إلى المدرسة الليبرالية في الاقتصاد: "في عهد عبد الناصر، قامت الثورة باستصلاح 920 الف فدان، وتحويل نصف مليون فدان من ري الحياض إلى الري الدائم". ما يصل بنا إلى مساحة مليون وأربعمائة ألف فدان.

يضيف د. جربتلي "فيما يتعلق بالقطاع الصناعي، حدث تغيير جذري في الدخل والإنتاج القومي، فقد زادت قيمة الإنتاج الصناعي بالاسعار الجارية من 314 مليون جنيه سنة 1952 إلى 1140 مليون جنيه سنة 1965 ووصلت إلى 1635 مليون سنة 1970 وزادت قيمة البترول من 34 مليون جنيه سنة 1952 إلى 133 مليون سنة 1970، ناهيك عن وفرة الطاقة الكهربائية، خصوصا بعد بناء السد العالي"
أما د. إسماعيل صبري عبد الله الذي تولى وزارة التخطيط الاقتصادي في عهد السادات فيقول "أن الإنتاج الصناعي كان لا يزيد عن 282 مليون جنيه سنة 1952 وبلغ 2424 مليون جنيه سنة 1970, مسجلا نموا بمعدل 11.4% سنويا، ووصلت مساهمته في الدخل القومي إلى 22% سنة 1970 مقابل 9% سنة 1952,ووفرت الدولة طاقة كهربائية ضخمة ورخيصة، وزاد الإنتاج من 991 مليون كيلو وات/ساعة إلى 8113 مليون كيلو وات/ساعة." ويقول د. صبري "إن الثورة جاوزت نسبة 75% في الاستيعاب لمرحلة التعليم الالزامي، وارتفع عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية من 1.6 مليون إلى 3.8 مليون، وعدد تلاميذ المدارس الاعدادية والثانوية من 250 الف إلى 1.500.000 وعدد طلاب الجامعات من 40 الف إلى 213 الف"


مساندة للحركات الثورية في الوطن العربي


اعتبر الرئيس ناصر من أبرز الزعماء المنادين بالوحدة العربية وهذا هو الشعور السائد يومذاك بين معظم الشعوب العربية. في كان "مؤتمر باندونج" سنة 1955 نقطة انطلاق عبدالناصر إلى العالم الخارجي.
دعم الرئيس عبد الناصر القضية الفلسطينية وساهم شخصيا في حرب سنة 1948 وجرح فيها. وعند توليه الرئاسة اعتبر القضية الفلسطينية من أولوياته لأسباب عديدة منها مبدئية ومنها إستراتيجية تتعلق بكون قيام دولة معادية على حدود مصر سيسبب خرقا للأمن الوطني المصري. كما أن قيام دولة إسرائيل في موقعها في فلسطين يسبب قطع خطوط الاتصال التجاري والجماهيري مع المحيط العربي خصوصا الكتلتين المؤثرتين الشام والعراق لذلك كان يرى قيام وحدة إما مع العراق أو سوريا أو مع كليهما.
وكان لعبد الناصر دور بارز في مساندة ثورة الجزائر وتبني قضية تحرير الشعب الجزائري في المحافل الدولية، وسعى كذلك إلى تحقيق الوحدة العربية؛ فكانت تجربة الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 1958 تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، وقد تولى هو رئاستها بعد أن تنازل الرئيس السوري شكري القوتلي له عن الحكم، إلا أنها لم تستمر أكثر من ثلاث سنوات.
كما ساند عبد الناصر الثورة العسكرية التي قام بها ثوار الجيش بزعامة المشير عبد الله السلال في اليمن بسنة 1962 ضد الحكم الإمامي الملكي حيث أرسل عبد الناصر نحو 70 ألف جندي مصري إلى اليمن لمقاومة النظام الملكي الذي لقي دعما من المملكة العربية السعودية. كما أيد حركة تموز 1958 الثورية في العراق التي قادها الجيش العراقي بمؤازرة القوى السياسية المؤتلفة في جبهة الاتحاد الوطني للاطاحة بالحكم الملكي في 14 تموز 1958.

الاتجاه نحو التصنيع

شهدت مصر في الفترة من مطلع الستينيات إلى ما قبل النكسة نهضة اقتصادية وصناعية كبيرة، بعد أن بدأت الدولة اتجاها جديدا نحو السيطرة على مصادر الإنتاج ووسائله، من خلال التوسع في تأميم البنوك والشركات والمصانع الكبرى، وإنشاء عدد من المشروعات الصناعية الضخمة، وقد اهتم عبد الناصر بإنشاء المدارس والمستشفيات، وتوفير فرص العمل لأبناء الشعب، وتوَّج ذلك كله ببناء السد العالي الذي يُعد أهم وأعظم إنجازاته على الإطلاق؛ حيث حمى مصر من أخطار الفيضانات، كما أدى إلى زيادة الرقعة الزراعية بنحو مليون فدان، بالإضافة إلى ما تميز به باعتباره المصدر الأول لتوليد الكهرباء في مصر، وهو ما يوفر الطاقة اللازمة للمصانع والمشروعات الصناعية الكبرى.

محاولة الاغتيال وتبعاتها
تعرض لمحاولة اغتيال في 26 أكتوبر1954م. عندما كان يلقي خطبة جماهيرية في ميدان المنشية بمدينة الإسكندرية الساحلية في احتفال أقيم تكريماً له ولزملائه بمناسبة اتفاقية الجلاء، حيث ألقيت عليه ثمان رصاصات لم تصبه أيا منها لكنها أصابت الوزير السوداني "ميرغني حمزة" وسكرتير هيئة التحرير بالإسكندرية "أحمد بدر" الذي كان يقف إلى جانب جمال عبد الناصر، وألقي القبض علي مطلق الرصاص، الذي تبين لاحقا أنه ينتمي الي تنظيم الاخوان المسلمين.[3].
ما لبث أن اصطدم بجميع الناشطين السياسيين وعلى رأسهم الشيوعيون وجماعة الإخوان المسلمين، والأخيرة التي صدر قرار في 13 يناير 1954 يقضي بحلها وحظر نشاطها.[4][5] وألقت الدولة المصرية آنذاك القبض علي الآلاف من أعضاء تلك الجماعات، وأجريت لهم محاكمات عسكرية وحكم بالإعدام على عدد منهم. وامتدت المواجهات إلى النقابات المختلفة؛ فقد تم حلّ مجلس نقابة المحامين ٰالمصرية بتاريخ 26 ديسمبر 1954، ثم تلتها نقابة الصحفيين المصرية في العام 1955.[6] كما ألغيت الحياة النيابية والحزبية ووحدت التيارات في الاتحاد القومي عام 1959، ثم الاتحاد الاشتراكي بسنة 1962.

أحداث الستينات
في عام 196 حدث الإنصفال عن سوريا وتفكيك الجمهورية العربية المتحدة أثر الإنقلاب الذي قام به عبد الحميد السراج في سوريا نتيجة لقوانين الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الذي أصر عبد الناصر علي تطبيقه في سوريا مثل مصر مما اغضب الاقطاعيين والأثرياء
في 26 سبتمبر 1962 أرسل الرئيس عبد الناصر القوات المسلحة المصرية إلى اليمن لدعم الثورة اليمنية التي قامت على غرار الثورة المصرية، وأيدت السعودية الإمام اليمني المخلوع خوفا من امتداد الثورة إليها. وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، ويقول بعض المراقبين "بان ذلك كان له أثره السيئ في استنزاف موارد مصر وإضعاف قوتها العسكرية، وكانت أبرز عواقبه الوخيمة تلك الهزيمة العسكرية الفادحة التي منيت بها القوات المسلحة في نكسة 1967".
في يونيو 1967 حدثت نكسة يونيو عندما قصف سلاح الطيران الإسرائيلي جميع المطارات العسكرية لدول الطوق واستطاع تدمير سلاح الطيران المصري على الأرض، وقتل آلاف من الجنود المصريين في انسحاب الجيش غير المخطط له من سيناء والذي أصدره قائد الجيش عبد الحكيم عامر، مما أدى إلى سقوط شبه جزيرة سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان في يد إسرائيل في غضون ستة أيام
لمزيد من المعلومات، راجع حرب 1967.
في 14 سبتمبر 1967 أنتحر عبد الحكيم عامر او كما قيل ان جمال عبد الناصر هو الذي قتله بعد ان وضعه قيد الأقامة الجبرية نتيجة لنكسة يونيو وإحتلال سيناء لشبة جزيرة سيناء كاملة

حرب الاستنزاف او حرب الألف يوم هي الحرب التي بداها جمال عبد الناصر بعد نكسة يونيو وهي من 3 مراحل
المرحلة الأولي : مرحلة الصمود وهي التي بدأت من يوم 1 يوليو 1967 بمعركة رأس العش
المرحلة الثانية: مرحلة الدفاع النشط أو المواجهة وهي التي بدأت من يوم 8 سبتمبر 1968
المرحلة الثالثة: مرحلة التحدي والردع أو الاستنزاف وهي التي بدات فبراير 1969 وحتي مبادرة كروجرز لوقف إطلاق النار في 19 يونيو 1970



وفاته

آخر مهام عبد الناصر كان الوساطة لإيقاف أحداث أيلول الأسود بالأردن بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية في قمة القاهرة في 26 إلى 28 سبتمبر 1970. حيث عاد من مطار القاهرة بعد أن ودع صباح السالم الصباح أمير الكويت. عندما داهمته نوبة قلبية بعد ذلك، وأعلن عن وفاته في 28 سبتمبر 1970 عن عمر 52 عاما بعد 18 عاماً قضاها في رئاسة مصر، ليتولى الحكم من بعده نائبه محمد أنور السادات


















حماد: فصلنا بكار وثابت لتعاملهم مع أمن الدولة



أعلن يسري حماد، المتحدث الرسمي باسم حزب النور، فصل أشرف ثابت، ويونس مخيون، وجلال مرة، أعضاء الهيئة العليا للحزب، الذين أعلنوا سابقًا إقالة عماد عبد الغفور من رئاسة الحزب.
كما أعلن يسري حماد، عبر حسابه الرسمي على «تويتر» فصل نادر بكار، المتحدث الرسمي باسم الحزب، بدعوى أنه تم التأكد من تعامله مع أحمد شفيق وأمن الدولة.
وقال حماد: «نحن حزب النور الأصلي برئاسة عبد الغفور قررنا فصل أشرف ثابت، ويونس مخيون، والمهندس جلال مرة، واستبعاد نادر بكار من موقعه كمتحدث رسمي، كما قررنا فصل كل من تم التأكد من تعامله مع الفريق شفيق أو أمن الدولة سابقًا؛ مثل نادر بكار وأشرف ثابت.

إسعاد يونس تكتب تاخد شوب؟؟؟


■ أنا حانضم لحزب أستغفر الله العظيم الدستور الكافر.. رغم إنى مش فاهمة الكفر جاى منين.. من كلمة حزب اللى هى زى حزب النور والحرية والعدالة وكده.. ولاّ من كلمة الدستور..
 مع إن فيه مجموعة من الإسلاميين واقعين فى غرام الدستور لدرجة الكلبشة والترفيص فى الأرض والإصرار على تسبيكه وتحييقه وتتبيله بمتبلاتهم ومحسناتهم اللغوية ومكسبات الطعم الرجعية اللى حاتلبسنا فى الحيط.. ورغم أنى عضو فى استغفر الله العظيم التيار الشعبى.. ما اللى ناس كتير مش فاهماه إن التيار الشعبى مش حزب.. ولا جبهة..
 ولا رئيسه حمدين صباحى.. ده تنظيم.. تنظيييييييييم.. حمدين مجرد صاحب الفكرة ورمز من رموز التيار اللى بيضم رموز أخرى كتير قوى ومنهم أعضاء فى أحزاب مختلفة منها الدستور مثلا.. لكنهم قرروا ينضموا للتيار ليعزفوا نغمة وطنية واحدة تجمع المصريين على فكرة السمو بالوطن ودفعه للخروج من أزماته الراهنة اللى على راسها الدستور الجديد الذى أسلفنا أنه سيتم هبده فوق نافوخنا فى حفل تدشين للجمجمة المتفشفشة المصرية الجديدة..
 كل المطلوب أن يتخلى الناس عن سلبيتهم وهواية الهرى والنكت فى بعض وتأمل الفكرة بعقل جمعى واعى.. علينا أن نبتعد جميعا عن الداء الذى جرنا للخلف بونش وضيع وقتنا.. واستعراض فنون المهارة اللفظية وقواميس الشتيمة اللى باخت وما بقتش لا تحوق ولا تلوق ولا بتأثر فى جتة حد.. خلاص نحسنا وجلدنا تخن من كتر الهبل ده.. وعن الاستسلام للجان الإلكترونية التى تشيع الكراهية والسم الهارى بيننا وبعضنا بمنتهى الغباوة بيقع فى الفخ دون وعى..
 تقوللى بقى يا انجاس يا مناكيد يا تييت تييت.. ولا بيفرق معانا.. بنقفل الصوت ونقعد نكركع م الضحك على تعبيرات الوش المفروس المهروس المقهور المنكاد المتغاظ..
■ مش فاهمة ليه على السيرة دى.. افتكرت عمرو أديب لما قال إن صفوت حجازى شتمه وقال عليه أقرع!!!!!!!!!.. ده على أساس إن الدماغ مزرّعة والشعر نازل ع العينين حاولها؟؟..
■ تصريحات عنترية موجهة لأعضاء مجلس الشعب المنحل.. ولا يهمكوا يا رجالة.. بلا محكمة دستورية بلا إدارية عُليا بلا فطش.. انتوا تنزلوا من بكره الصبح تروحوا على المجلس وتترصوا الرصة التاريخية إياها وتمارسوا زعيقكوا كما كنتم بالظبط.. وأول ما تعملوه.. جرى عالخزنة اصرفوا مستحقاتكوا وبدلاتكوا وغذاءاتكوا واللى متحوشلكوا فى السوبرماكو من فياجرا وفراخ والذى منه.. هو كده وعافية بقى.. وما ترجعش العربية يا كتاتنى..
■ تصريحات أخرى.. والله احنا لا نأخون الدولة.. احنا كتاكيت وقمورين وقاعدين فى حالنا.. لا بنبدل ولا بنحدل.. لكن هناك من يتأخون.. بيتلزقوا فينا وبيعملوا نفسيهم إخوان طمعا فى السلطة والجاه.. أوفف.. إوحوا بقى كده يا جماحة..
■ وله يا عمر.. اتلم ياد.. حاتجيبلى الكلام بعمايلك السودة دى.. اقعد وكن بقى بلاش النفخة الكرنبى اللى صايباك دى.. بتهزأ الناس ليه؟؟.. وايه حكاية حاحبسكوا دى؟؟.. كل ما حد يكلمك تقوله حاحبسك وحتاخد بالجزمة.. قسما عظما ان ما اتلميت لاكون مطوحة ضهر ايدى وعلى صدغك عدل.. آه ما تفتكرش نفسك حاتكبر عليا.. (إيه؟؟.. بكلم عمر ابنى.. حد له شوق ف حاجة؟؟..).
■ ساعات الواحد غصب عنه يقلب على قناة الجزيرة لمتابعة حدث شوارعى صدرت الأوامر ألا تغطيه كاميرات أخرى على الهواء.. يا بخت من كان النقيب خاله.. اللى بيشلنى بقى.. البار اللى بتنزل عليه رسائل يرسلها المتفرجون عبر الإس إم إس.. واحد بيكتب «مفيش بنزين فى سوهاج.. أنا واقف فى الطابور عند البنزينة بقالى ساعة».. طب ده باعت الرسالة دى ليه على شاشة الجزيرة؟؟؟.. حد بلغه إن الجزيرة لها من السلطة أن ترسل له جركن بنزين على سوهاج مثلا؟؟..
البيدوفيليا.. مرض العصر.. دوروا عليها انتوا بقى..
■ سقوط المظاهر لحظة انتفاء الأوامر والترهيب هو مقياس حقيقى للكذب.. لولا الرعب لما تبدل شكل المصريين بهذه الكيفية الكئيبة.. دخل الكذب والنفاق والتمثيل فى مكونات الجينات المصرية.. بدليل انهم ما كانوش كده.. ولو زال الرعب.. حايرجعوا طبيعيين فى ساعات.. تحب تراهن؟؟..
■ أعلنت جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالسويس عن خروج المتهمين بقتل طالب الهندسة فى القريب العاجل بعفو رئاسى من الرئيس محمد مرسى، حيث تقدم عدد منهم إلى مكتب الرئاسة بمذكرة تطالب بالعفو الرئاسى عن المتهمين لبراءتهم من تهمة قتل طالب الهندسة بعد تأكيدهم أن المتهمين كانا يطبقان شرع الله فى نهى المواطنين عن المنكر.. خبر يتم تداوله على النت.. حد عنده فكرة جايبين الثقة دى منين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
■ من ضمن القرارات المصيرية اللى الواحد عمال ياخدها اليومين دول.. زهقاً من الحال الواقف ورغبة فى البحث عن فرص استثمارية جديدة ومتطورة ومتنوعة مستغلا الثروة القومية والموارد الطبيعية لتحسين حاله.. قررت أشتغل شغلانة جديدة..
■ اشتريت ناقة.. جملاية يعنى.. وظبطتلها حظيرة لطيفة.. وسبت اللى ورايا واللى قدامى وقعدتلها ومعايا أدواتى.. بستلة وكوز بلاستيك وكرسى حمام خشب زغنطوط واستعديت.. اللى حاعمله ده مافيهوش مجهود.. أنا بس عليا اسنتر الكوز عالمصدر.. شحيحة وعنيدة بنت الإيه.. اتفسحى يا زكزوكة.. إإح يا زكزوكة.. قربعى بيرة ستلا يا زكزوكة.. أتارى الساهية النايحة الكهينة مابتديش أمارة.. بتقوم سايبة إذ فجأتن..
 وانا أنشن بقى ولا الجول كيبر.. وأعبى فى البستلة المنتج القومى الجديد.. وساعات تدينى منتج مزدوج م اللى ماينفعش يتفصل.. وتبوظ الدفعة.. أقعد أستنى تانى.. أثناء مانا ملبوخة فى المشروع الصغير بتاعى إذ فوجئت بالجيران كلهم قلبوا بيوتهم مزارع تبويل جمال.. ماهو اللى تغلب به العب به..
 والشارع كله طالع منه سيمفونية بعير بتزيط.. والزبالين بيعبوا فى أشولة مكتظة بشهادات طب وعلوم وصيدلة وترمى فى الشارع.. ناقصلى بقى حملة دعاية فى التليفزيون مكثفة بتشرح على نموذج بشرى ازاى لما شرب البول ده شعره نبّت وعضلاته قبت وطفولته شبت.. والفشل الكلوى والكبدى الوبائى اختفوا من فوق سطح الأرض بفضل العلم البولى اللى حايتلغمط بيه المجتمع الناهض السعيد.. تاخد شوب؟؟.. 

مرسى: لن أعيد تشكيل «التأسيسية».. وأتمنى مبادلة عمر عبدالرحمن


أعلن الرئيس محمد مرسى تعيينه أيمن على مستشاراً لشؤون المصريين بالخارج، وأنه يدرس تشكيل هيئة مستقلة لهم، ودعاهم إلى الاستثمار فى وطنهم مع توفير الضمانات اللازمة بعد تشكيل صندوق لدعم الاقتصاد.
وقال الرئيس خلال لقائه الجالية المصرية فى أمريكا: «هناك ٨ ملايين مصرى فى الخارج، لو اقتطع كل منهم ١٠ دولارات شهرياً ستكون لدينا حصيلة كبيرة»، وتعهد بدعم مشاركة المغتربين فى الانتخابات المقبلة.
وعاد الرئيس ظهر أمس إلى القاهرة بعد زيارة إلى مقر الأمم المتحدة، ألقى خلالها كلمة مصر فى الدورة الـ٦٧ لجمعيتها العامة.
وقال الرئيس فى كلمته أمام الجالية المصرية بنيويورك، مساء أمس الأول، إن الأمة تم تهميشها عشرات السنوات، وليس من المستبعد تعثرها عند محاولتها الخروج إلى النور، لذا «لازم نصبر على بعض».
وطمأن الرئيس الأقباط بقوله: «أعداؤنا كثيرون ويفرحون عند اختلافنا، ولا يميزون بين مسلم ومسيحى أو مسجد وكنيسة، ولن يحمل أحد هموم الأقباط أكثر من المصريين أنفسهم»، وقال: «أنا وابن عمى على الغريب»، وأضاف: «أخاف الله ولو كذبت سيحاسبنى، وعمرى ٦٣ عاماً ولم أعد أريد شيئاً من الدنيا، وأتحمل الإساءات والانتقادات الموجهة لى لأننى أتولى عملاً عاماً».
وانتقد «مرسى» أحوال المرأة الأمريكية، وتساءل: «كم حالة للمعاشرة الجنسية بالضرب تسجلها أقسام الشرطة للمرأة فى أمريكا؟ وهل يعولها زوجها؟»، مضيفاً: «فى مصر حقوق المرأة محفوظة وتعمل فى كل مكان»،
ورد على طلب أحد الحضور بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، قائلاً: «لا أملك ذلك، أراقب عملها، وجميع القوى السياسية ممثلة فيها، والاعتراض الوحيد هو على نسبة التمثيل، والجميع متفق على بقاء المادة الثانية من الدستور».
وقال الرئيس إن عدد المعتقلين ٢٠١٢ فقط تم الإفراج عن ألف منهم ويجرى بحث الحالات المتبقية، وضباط ٨ إبريل خرجوا من السجن باستثناء ٤ سيتم إطلاق سراحهم قريباً، والقوى السياسية طلبت الإفراج عن ٣٧١ معتقلاً، وتبين أنهم سجناء جنائيون»، مشيراً إلى العفو عن بعض المتهمين فى أحداث ماسبيرو، معتبراً أن اعتقال بقيتهم ضرورة لمصلحة الوطن.
ولفت إلى تدخله فى موضوع الدكتور عمر عبدالرحمن، المفتى السابق للجماعة الإسلامية، بدوافع إنسانية، وأنه يتمنى أن يقضى «عبدالرحمن» بقية مدة سجنه فى مصر من خلال اتفاقية تبادل المتهمين.
من جانبه، كشف اللواء محمد نجيب، مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون، عن وجود مواطنين أمريكيين فقط فى السجن أحدهما محكوم عليه بالسجن المؤبد بتهمة جلب المخدرات، والثانى سجين لاتهامه فى قضية ضرب.
وأكدت مصادر أمنية عدم وجود اتفاقية لتبادل أو تسلم المتهمين بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.

د. محمد البرادعى يكتب: سنوات الخداع (13)


أخبرنى كثيرون، بمن فى ذلك الرئيس المصرى مبارك، أن العقيدة الشيعية تسمح لأتباعها باستخدام المراوغة كوسيلة لتحقيق هدف مشروع. وقيل لى إن الكلمة المستخدمة فى هذا الصدد هى كلمة «تقية»؛ أى اتقاء الضرر الذى قد يصيب الإنسان أو هؤلاء المسؤول عنهم.
من جانبى فلقد أخبرت المسؤولين الإيرانيين أنه بغضّ النظر عن الأسباب أو الأهداف وراء مراوغتهم، فإن هذه المراوغة تسببت فى ضرر بالغ لعلاقتهم بالمجتمع الدولى، مشيرا إلى أن رصيدهم من الثقة لدى المجتمع الدولى بدأ ينفد بالفعل بل وأصبح سلبيّا. ولكن المسؤولين الإيرانيين لم يكونوا يشعرون بأى حرج إزاء مراوغتهم، بل إنهم كانوا يجدون تبريرات لهذه المراوغة فى ما وصفوه بعقود متتالية من اتّباع الغرب سياسة ازدواج المعايير فى التعامل مع إيران.
وكانت إيران فى عهد الشاه قد أعلنت اعتزامها بناء ثلاثة وعشرين مفاعلا نوويّا كبيرا لتوليد القوى للأغراض السلمية، بدعم واضح من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وغيرها، وبدأت بالفعل فى سنة 1975 فى التعاقد مع شركات ألمانية لبناء أولى هذه المحطات فى بوشهر. كما حصلت على حصة قدرها 10% فى شركة متعددة الجنسيات تدير مصنعا لتخصيب اليورانيوم فى فرنسا، ولكن الأمر توقف تماما مع قيام الثورة الإسلامية فى 1979 التى أطاحت بحكم الشاه. فقد رفضت الشركة الألمانية الاستمرار فى بناء منشأة بوشهر وأوقفت الولايات المتحدة تزويد إيران بالوقود اللازم لمفاعلها البحثى، كما رفضت فرنسا الاستمرار فى إمداد إيران بمزيد من اليورانيوم المخصب على الرغم من محاولات إيران العديدة، وعلى الرغم من حصة إيران فى الشركة متعددة الجنسيات. وفى ضوء تاريخهم السابق فإن المسؤولين الإيرانيين كانوا يصرون على أن لهم الحق فى ما يقومون به، خصوصا أنهم كانوا يؤكدون أن الحصول على التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية هو أحد أولويات السياسة الإيرانية.
كذلك فقد أكد الإيرانيون ضرورة حصولهم على دورة الوقود النووى لأنه ليس هناك فى العالم مَن يزودهم بالوقود النووى سوى روسيا، التى قالوا إنها لا تلتزم دائما بما يتم الاتفاق عليه، وإنها تبالغ فى المقابل المادى الذى تحصل عليه لهذا الوقود.
من ناحية أخرى، أكد الإيرانيون أنه لم يكن لديهم حيلة فى التزام السرية إزاء المنشآت والمواد النووية، وأرجعوا ذلك إلى النظام الصارم للعقوبات المطبقة عليهم من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، الذى حال دون إمكانية حصولهم على التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، الأمر الذى تسبب فى اعتمادهم على السوق السوداء لاستيراد المعدات والمواد النووية اللازمة، والذى أدى إلى كلفة مالية طائلة بالنسبة إليهم وصلت فى بعض الأحيان لأربعة أضعاف الأسعار فى الظروف العادية. أما الاحتفاظ بسرية البرنامج لأطول وقت ممكن فقد كان أمرا ضروريا، كما أكدوا مرارا.
وفى الدوائر الدبلوماسية بڤيينا فإن الولايات المتحدة الأمريكية، التى تولت قيادة المجهود الغربى لعزل إيران لأكثر من عقدين، لم تُبْد أى رغبة فى محاولة تفهم التبريرات الإيرانية. وبالنسبة إلى واشنطن فإن كذب إيران دليل دامغ على أنها تسعى لتطوير أسلحة نووية. وبالطبع فإن الوصول إلى مثل هذا الاستنتاج لم يكن لديه ما يؤيده من الدليل الفعلى. ولم تكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتعتد بأى شىء سوى الدليل الفعلى قبل أن تصل إلى مثل هذا الاستنتاج. لكن بلدانا غربية أخرى أخذت تردد المواقف الأمريكية المؤكدة عزم إيران على امتلاك السلاح النووى، بينما أبدى عديد من الدول النامية تعاطفها مع اضطرار إيران لالتزام السرية تفاديا لتعرضها لمزيد من العقوبات. وكانت هذه السابقة من جانب إيران مدعاة للقلق بالنسبة إلىّ. وبدأ الانقسام يظهر فى مجلس محافظى الوكالة بين دول الشمال ودول الجنوب.
وطَوال صيف وخريف 2003 كنا دوما نواجَه بمزيد ومزيد من الأسئلة التى لا إجابات لها حول البرنامج النووى الإيرانى، كما أن ملاحظات المفتشين ونتائج المسح جاءت على خلاف الموقف الإيرانى. والأكثر من ذلك أن المفتشين كانوا على قناعة بأن إيران لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه فى ما يتعلق بدرجة تطور برنامجها النووى لو لم تكن قد قامت بإجراء اختبارات أوسع بكثير مما أقرت به.
فعلى سبيل المثال أوضحت زيارة مفتشى الوكالة إلى منشأة لليزر فى عسكر أباد مدى التقدم فى استخدام بخار الليزر الذى يمكن أن يُستعمل مباشرة فى التخصيب، ومع ذلك أفاد الإيرانيون بأنهم لم يقوموا بإجراء أى تخصيب من هذا النوع. ولاحظ المفتشون كذلك أن رسومات المفاعل «IR 40»؛ وهو مفاعل بحثى يعمل بالماء الثقيل، كان من المقرر أن يبدأ بناؤه فى آراك فى سنة 2004، لم تشمل تخطيطا «للخلايا الساخنة»؛ وهى غرف خاصة مجهزة بمعدات تحكّم عن بُعد حتى يمكن فيها معالجة المواد المشعة، بما فى ذلك فصل البلوتونيوم، دون تعرض لمخاطر الإشعاع؛ ومع ذلك فإنه كانت هناك دلائل على جهود تبذلها إيران للحصول من الخارج على أجهزة التداول ونوافذ مصنوعة من الرصاص، لاستخدامها فى الخلايا الساخنة وفى منشآت تحويل اليورانيوم فى أصفهان وفى غيرها من المعامل، وهى ذات تصميم جيد ومكتملة إلى حد بعيد، صمم الإيرانيون على أنهم لم يقوموا بمحاولات لتحويل اليورانيوم. واستمر الأمر كذلك حتى واجهناهم بنتائج مخالفة للعينات وبأسئلة كثيرة من جانب مفتشى الوكالة. عندئذ تحول الإنكار المتكرر إلى اعتراف تدريجى بأن العلماء النوويين الإيرانيين قاموا بالفعل بتجارب فى جميع مراحل تحويل اليورانيوم تقريبا.
كان الوقت قد حان لمواجهة صريحة مع الإيرانيين، فسافرت إلى طهران فى 16 أكتوبر والتقيت هذه المرة مع حسن روحانى الأمين العام لمجلس الأمن القومى الإيرانى، ولقد كانت تلك المقابلة فاصلة بالفعل. وبعد تبادل عبارات المجاملة تحدثت معه بصراحة مطلقة عن سلسلة من الأمور الموضوعية مثل اختبار أجهزة الطرد وفصل نظائر الليزر وتحويل اليورانيوم ومشروع مفاعل الماء الثقيل ونتائج اختبارات الوكالة للعينات، وضعتها أمامه كاملة، وأكدت له فى الوقت نفسه أن سياسة المراوغة والتراجع التى تتبعها طهران لا يمكن أن تستمر.
ويبدو أن روحانى كان متوقعا لما قلته، وبالتالى فبدلا من الاستمرار فى المراوغة أكد لى أن إيران مستعدة لفتح صفحة جديدة من التعاون مع الوكالة. وأن القيادة السياسية فى إيران قررت مد الوكالة بكل تفاصيل نشاط طهران النووى السابق والحالى، على أن يتم ذلك خلال الأسبوع التالى. كما قال لى إن إيران مستعدة للانضمام إلى البروتوكول الإضافى للوكالة الدولية للطاقة الذرية طبقا لأحكام البروتوكول الإضافى، بل وإنها يمكن أن تسمح بتوسيع نطاق التفتيش أمام مفتشى الوكالة طبقا لأحكام البروتوكول الإضافى إلى أن يدخل البروتوكول حيز النفاذ.
وكان روحانى فى الوقت نفسه يجرى مفاوضات غير معلنة مع وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وفى 21 أكتوبر صدر إعلان طهران؛ وهو اتفاق بين طهران وباريس وبرلين ولندن، يؤكد النقاط الرئيسية التى كان روحانى قد طرحها علىَّ خلال اللقاء معه فى طهران، ويؤكد استعداد إيران للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بما فى ذلك العمل على تطبيق البروتوكول الإضافى، بل ويعلن استعداد إيران لوقف أنشطة التخصيب وإعادة المعالجة خلال فترة المفاوضات التى تجرى مع الدول الأوروبية الثلاث فى بادرة لحسن النية من قِبل طهران. فى المقابل أقرت الدول الأوروبية الثلاث بالحقوق المشروعة لإيران فى تطوير تكنولوجيا نووية، كما اتفقت على التفاوض للوصول إلى حزمة من الضمانات التى تقدمها إيران حول الطبيعة السلمية لبرنامجها النووى. وأقرت الدول النووية، بموجب نفس الإعلان، أنه فور التوصل إلى حزمة الضمانات اللازمة فإن هذه الدول ستقدم لإيران تكنولوجيا متقدمة، بما فى ذلك التكنولوجيا النووية.
وبعد يومين من صدور هذا الإعلان، تلقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسالة من آغازاده يعلن فيها اعتزام إيران بدء مرحلة جديدة من الثقة والتعاون مع الوكالة. وقد أقر خطاب آغازاده بكثير من النشاطات التى طالما أنكرتها إيران، بل إنه إضافة إلى ذلك قام بتقديم معلومات لم تكن متاحة للوكالة من قبل حول البرنامج النووى الإيرانى.
وقد تبين من خطاب آغازاده أن إيران اختبرت أجهزة طرد بمواد نووية فى مصنع «كالاى» باستخدام غاز «UF6» الذى كان قد «تسرب» من إحدى أسطوانات معمل جابر بن حيان، وأجرت اختبارات تخصيب بواسطة الليزر طَوال التسعينيات. وقامت بتجارب لإعادة المعالجة فى مركز طهران للبحوث النووية وقامت بفصل كمية صغيرة من البلوتونيوم. كما أنه تبين استخدام مواد نووية لم يسبق الإبلاغ عنها من قبل، فى تجارب موسعة لتحويل اليورانيوم. ولم يشر أى من هذه الأنشطة صراحة إلى وجود برنامج تسلح نووى، ولكنها كانت تشكل معا برنامجا يكاد يكون شاملا لدورة الوقود النووى تم فى معظمه سرا.
-وفى العاشر من نوفمبر 2003 قدمت لمجلس محافظى الوكالة تقريرا مفصلا حول عمل الوكالة المتعلق بإيران، وأشرت فى هذا التقرير إلى «سياسة المراوغة» التى اتبعتها إيران، وإلى أن تقديم المعلومات من قِبلها جاء «محدودا» وفى الأغلب فى إطار إجابات عن أسئلة طرحتها الوكالة على طهران. كما شمل التقرير أيضا، تفصيلا عما تلا ذلك من استعداد إيران لإبداء التعاون وحُسن النية والتعامل بشفافية وتعليق نشاطات التخصيب والتحويل لليورانيوم، بل وقرارها توقيع البروتوكول الإضافى وتنفيذه.
ولم يكن هناك اختلاف مع أىٍّ مما جاء فى هذا التقرير من قِبل مجلس المحافظين. وفى الجزء الختامى من التقرير أوضحت تقديرنا المرحلى لوضع إيران من حيث انتشار الأسلحة النووية، وأكدت أن ما عثرت عليه الوكالة من دلائل على نشاطات نووية ومن مواد نووية «حتى الآن لا يعد دليلا على وجود برنامج لدى إيران لامتلاك السلاح النووى»، وأضفت أنه فى ضوء ما سبق من سياسات مخادعة من قِبل إيران فلا بد للوكالة من «مزيد من الوقت قبل أن تستطيع القول بصورة نهائية إن برنامج إيران النووى هو فقط لخدمة أغراض سلمية».
كان التقرير قائما على الحقائق بصورة كاملة، وتمت صياغته بلهجة مباشرة. غير أن هذا التقرير قوبل بانتقاد حادٍّ من قِبل جون بولتون مساعد وزير الخارجية الأمريكى لشؤون نزع السلاح والأمن الدولى، والذى قال إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان ينبغى عليها أن تتبع نهجا أكثر تشددا إزاء إيران. واستتبع ذلك نقاش مطول فى أروقة الوكالة والدوائر الدبلوماسية فى ڤيينا حول المعنى القانونى الدقيق لكلمة «دليل» بالنظر إلى ما جاء فى تقريرى بأنه «لا دليل حتى الآن» على سعى إيران لامتلاك السلاح النووى. وصمم بولتون على الرد بعنف، وكلف كين بريل؛ مندوب الولايات المتحدة الأمريكية لدى الوكالة بقراءة بيان فى مجلس المحافظين قال فيه: «إن المؤسسة التى كلفها المجتمع الدولى بالتحقق من مخاطر الانتشار النووى تتجاهل وقائع هامة أسفرت عنها تحقيقاتها ذاتها»، وأضاف أن «استعادة الوكالة لمصداقيتها التى تعرضت لكثير من الأذى» هو أمر سيتطلب مزيدا من الوقت.
ولقد كان لدى بريل من الكياسة ما يكفى لأن يحيطنى علما مسبقا بالبيان الذى سيلقيه أمام مجلس المحافظين، وبرغم ذلك فقد شعرت بالغضب لدى تلاوته فى المجلس فقمت على الفور ودون أن يكون لدىّ نص معد بالرد على ما جاء فيه والدفاع عن عمل الوكالة ونزاهتها، مشيرا إلى أن التقدم الذى حققته الوكالة فى الكشف عن الصورة الحقيقية لبرنامج إيران النووى فى خلال عشرة أشهر يتجاوز بكثير ما استطاعت أفضل أجهزة المخابرات فى العالم تحقيقه فى عشر سنوات كاملة.
وفى المداخلة ذاتها وجهت نقدا شديدا لما وصفته بـ«التركيز الأمريكى المفتقر إلى المنطق» على ما يمكن اعتباره بـ«الدليل» على نية إيران امتلاك السلاح النووى. وفى هذه المداخلة اعتمدت على التوصيف القانونى لكلمة «دليل» حسبما يُشار إليه فى واحد من أهم المراجع القانونية التى كنت أعتمد عليها خلال سنوات دراستى للقانون الدولى فى نيويورك منذ أكثر من 30 عاما.
وقلت بوضوح إن الوكالة الدولية تجيد اختيار الألفاظ المستخدمة، وتعرف بدقة ما الذى يمكن وصفه بـ«الدليل»، وما الذى لا يمكن وصفه بذلك، مشيرا إلى المصداقية التى حققتها الوكالة فى هذا الصدد خلال تعاملها مع برنامج العراق النووى، وكانت إشارتى واضحة أن الأمريكيين وحلفاءهم هم الذين لم يعرفوا ما الذى يمكن اعتباره دليلا على سعى دولة ما لتطوير سلاح نووى، عندما سارعوا ببدء حرب كارثية مع العراق. حيث كنا نرى كل يوم الدليل على تبعات رغبة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اتباع معلومات مخابراتية غير موثقة باعتبارها دليلا على أن العراق كان ما زال لديه برنامج للأسلحة النووية. وكان ما يدور فى خاطرى فى تلك اللحظة أنه من غير الأمانة على الإطلاق أن يهاجم أحد الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاختيارها توخّى الدقة فى عملها.
ولقد كان وَقْع هذه المداخلة على الجالسين فى قاعة الاجتماع صادما؛ فلم يكن أىّ من الحضور يتصور إمكانية حدوث مثل هذه المصادمة الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وخلال إلقائى مداخلتى لم أرفع صوتى مرة، ولكن المواجهة المباشرة كانت أسلوبى. وعندما بادر رئيس المجلس لدعوة المتحدث التالى لأخذ الكلمة رأيت أن أغادر القاعة لأستعيد كامل هدوئى. وبعد انتهاء الاجتماع قال لى بعض من المشاركين فيه، بما فيهم سفير الصين، إن هذا كان «يوما تاريخيّا» تمكَّن فيه موظف دولى من الوقوف أمام محاولة الولايات المتحدة الأمريكية فرض آرائها وأجندتها قسرا.
بمجرد الإعلان عن النشاطات النووية الإيرانية التى لم يسبق الإبلاغ عنها، كتبت مقالا فى مجلة «الإيكونومست» البريطانية مقترِحا أن يتم تشغيل دورة الوقود النووى فى كل أنحاء العالم تحت مراقبة دولية، متعددة الأطراف. ولم تكن هذه الفكرة جديدة بل إنها كانت منذ سبعينيات القرن العشرين محل دراسات ومناقشات فى لجان عديدة. بل إن هذا الأمر كان قد طُرح، ولو بصورة غير مباشرة، فى سنة 1953 من جانب الرئيس الأمريكى آيزنهاور، فى خطابه الشهير بشأن «الذرة من أجل السلام».
ولكن هذا الأمر أصبح أكثر إلحاحا مع الانتشار السريع والمتزايد للتكنولوجيا والخبرة النووية بالطرق القانونية والطرق غير القانونية على حد سواء؛ لأن قيام كل دولة بتشغيل دورة الوقود النووى الخاص بها يفتح بابا لا يمكن إغلاقه أمام أخطار انتشار الأسلحة النووية. وبالتالى فإن الحل يكمن فى التعامل الدولى مع هذا الأمر من خلال بناء منشآت مركزية تحت إشراف وإدارة عدد من الدول لتشغيل دورة الوقود النووى وبحيث يستفيد منها كل المشاركين فى ملكية وإدارة هذه المنشآت، وهذا يمكن أن يَحُول دون أخطار انتشار التسلح النووى، وفى الوقت نفسه يمكّن الدول التى تستخدم الطاقة النووية بصورة قانونية أن تحصل على احتياجاتها من الوقود النووى لتشغيل مفاعلاتها. إضافة إلى ذلك فإن الفوائد الاقتصادية لهذا المشروع واضحة؛ لأنه يخفض من التكاليف الباهظة التى تنفق من قِبل كل دولة لبناء المنشآت اللازمة لتخصيب اليورانيوم أو فصل البلوتونيوم. لكن الهدف الأهم الذى يمكن لهذا الاقتراح أن يحققه هو الحيلولة دون تحويل أىّ من المواد النووية إلى أسلحة نووية.
وحظى هذا المقال بكثير من الاهتمام، وبدأ تداول الفكرة المطروحة فيه والنقاش حولها على نطاق واسع. وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها فى السعى للترويج لفكرة «شراكة دولية من أجل الطاقة النووية». واقترح الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إنشاء شبكة من مراكز تشغيل دورة الوقود النووى. واقترحت ألمانيا إنشاء مركز يمكن من خلاله أن تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالإشراف على عملية دولية لتخصيب اليورانيوم.
أما تيد تيرنر وسام نان، ولكليهما دور مرموق فى مجال مكافحة انتشار التسلح النووى، فقد تحركا نحو إقناع وارين بافيت وهو رجل أعمال أمريكى ينفق من أمواله لخدمة الأغراض النبيلة للإنسانية بتقديم تبرع بمبلغ 50 مليون دولار لبناء مخزون من الوقود النووى يكون تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، شريطة أن تقوم الحكومات بتقديم 100 مليون دولار من جانبها كخطوة أولى نحو دعم هذا المشروع.
ولكن مناخ الثقة الذى كان آخذا فى التزايد لم يستمر طويلا؛ فلقد تقدمت ست دول هى: أمريكا وروسيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وبريطانيا بمقترح لمجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية يضمن توفير الوقود النووى للدول الراغبة فى الحصول عليه، شريطة أن تقوم هذه الدول بالتخلى عن حقوقها المقررة وفقا لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية فى ما يتعلق بحق التخصيب وحق إعادة معالجة البلوتونيوم.
وكان هذا الطرح مختلفا بصورة جذرية عن الطرح الذى كنت عرضته من خلال مقالى بمجلة «الإيكونومست». ذلك أننى كنت أرى أن إقامة منشآت دولية متعددة الأطراف لدورة الوقود النووى يعتبر المرحلة الأولى فى عملية متعددة المراحل من شأنها تقريب المسافة بين الدول التى تمتلك التكنولوجيا والقدرة النووية وتلك التى لا تمتلكها، بما يسهم فى خدمة هدف الحد من انتشار التسلح النووى وصولا إلى مرحلة نزع الأسلحة النووية.
أما الاقتراح المقدَّم من الدول الست فلم تتجاوز أهدافه سوى الهدف العاجل المتعلق بالحد من انتشار التسلح النووى، بطريقة ليس من شأنها إلا توسيع الفجوة بين الدول النووية والدول غير النووية لأن الرسالة التى كان ينطوى عليها هذا الاقتراح مفادها تأكيد رغبة الدول التى تمتلك تكنولوجيا دورة الوقود النووى فى الاستمرار فى احتكار تلك التكنولوجيا.
ولأننى كنت أستطيع أن أتوقع أن ذلك الاقتراح بصورته الحالية لن يلقى التوافق، بل سيكون محل خلاف كبير، طالبت برفع الشرط المتعلق بتنازل الدول عن حقوقها المقررة فى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية المتعلقة بتشغيل دورة الوقود النووى، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية أصرت على بقاء الشرط ووزع الاقتراح على جميع أعضاء مجلس المحافظين. وكما توقعت، أثار الأمر كثيرا من الهواجس، ليس فقط لدى الدول النامية، ولكن أيضا لدى دول متقدمة لم تقم باستكمال دورة الوقود النووى مثل كندا وإيطاليا وأستراليا، وكلها كانت تريد أن تظل الخيارات متاحة أمامها فى المستقبل. كما أن هناك دولا أخرى مثل اليابان وألمانيا وهولندا والبرازيل والأرجنتين اتخذت موقفا وسطا: فهى لم تكن تمتلك أسلحة نووية لكن تمتلك تكنولوجيا دورة الوقود النووى مما جعلها فى وضع أفضل. وما من دولة لها مثل هذه الميزة على استعداد للتخلى عنها لصالح برنامج دولى من شأنه الحد من مخاطر الانتشار.
وقد سمم هذا الاقتراح الأجواء. فالدول التى لم تكن لديها تكنولوجيا دورة الوقود النووى أصبحت تنظر إلى كل اقتراح لاحق بكثير من الريبة باعتباره حلقة فى سلسلة من الحيل التى ترمى إلى حرمانهم من حقوقهم. وتفاقمت فجوة الثقة بين الدول النووية والدول غير النووية، التى كانت ملموسة أصلا، وظلت تسيطر على آفاق الدبلوماسية النووية الدولية.
فمنذ سقوط أول قنبلة نووية على هيروشيما، أصبح امتلاك قلة من الدول الأسلحة النووية حافزا للتنافس بين الآخرين من أجل الحصول عليها. ولم يؤد رفض معظم الدول المالكة الأسلحة النووية الاعتراف بتلك العلاقة السببية إلا إلى ترسيخ ذلك. ورغم أن المعاهدة أوضحت أن امتلاك خمس دول الأسلحة النووية ليس إلا مرحلة انتقالية تمهيدا لنزع السلاح النووى، فإن الأمر بعد ثلاثة وثلاثين عاما ظل على ما كان عليه. فكل بيان صادر عن إحدى الدول المالكة السلاح النووى يؤكد قيمة الردع التى يمثلها، وكل تصرف لتحسين أو تحديث ترساناتها النووية، يأتى بمثابة مؤشر على سوء النية بالنسبة إلى الذين لا يملكون هذا السلاح.
ولقد كان لهذا التباين فى وجهات النظر أثره الواضح على النقاش الدائر بين أعضاء مجلس المحافظين للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول ملف إيران، رغم أن أحدا لم يكن مرتاحا لما قامت به طهران من نشاطات نووية سرية حتى أولئك الذين كان لديهم التفهم لدواعى السرية التى اتخذتها إيران. واستمر مجلس المحافظين فى مطالبة إيران بتقديم كل ما لديها من معلومات حول منشآت أو مواد نووية، لكن فى الوقت نفسه كان هناك إحساس واضح بعدم الارتياح لرغبة الاحتكار النووى المسيطرة على الدول النووية. وبالتالى تفهم كثيرون رغبة إيران فى الحصول على تكنولوجيا دورة الوقود النووى. وإزاء عدم وجود دليل على سعى إيران للحصول على أسلحة نووية فإن هذه الدول لم تكن على استعداد لإدانة تصرفات إيران صراحة. ولم تؤد ضغوط الحكومات الغربية إلا إلى تعميق الفجوة بين الجانبين.